رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تكلمنا فى عرضنا السابق للإنسانية ودورها الفعَّال بالنسبة للعقوبة بصفة عامة، ورأينا المجهودات الفكرية والفلسفية والقانونية من جانب علماء النفس الجنائى وعلماء قانون العقوبات وعلم الإجرام، وما انتهت إليه المؤتمرات العلمية العالمية وانصب الاهتمام فى المقام الأول على معالجة المجرم والوقوف على علاجه بدلاً عن «دائرة الانتقام القديمة» والوقوف على ظروف المتهم، وأيضاً العوامل التى تؤثر فى نفسيته وعرضنا النظرية التى قام بها فقهاء روما عن «الدفاع الاجتماعى» ونظرية التدابير الوقائية، فى روما ظهر الفقيه الشاب «قيصر بيكاريا» فى مؤلفه عن الجريمة والعقوبة وطرق إصلاح المتهم، وفى فرنسا جاء صاحب نظرية «العقد الاجتماعى» چان چاك روسو، وظهرت الإنسانية فى ثوبها القشيب وعلت إنسانية الإنسان بفضلهم علوا عظيماً.

<>

ما قدمناه كان بالنسبة للعقوبة بصفة عامة، فماذا كان الأمر بالنسبة للعقوبة العظمى «عقوبة الإعدام»، الإجابة أصبحت سهلة وميسورة أن المنطق يدعونا إلى الإجابة بأن النظريات والمذاهب التى التقينا بها من قبل هى التى تعرضت بدراسة خاصة للعقوبة الكبرى: «وأن ما أصاب فلسفة العقوبة بصفة عامة تنطبق تلقائياً على هذه العقوبة».

لقد حاول الكل البحث عن مفاتيح السر لتحقيق العدالة وتغيير النظرة صوب إنسانية المجرمين.

لقد راج سوق نظرية الدفاع الاجتماعى، فقد كانت النظرية الأولى التى أضاءت الشموع فى طريق الشوك، لقد أعلن الاتحاد الدولى لقانون العقوبات المنشور الآتى: «حتمية الإصلاح والرحمة متى استطاع المجتمع إلى ذلك سبيلاً، وإلى جبر الضرر الذى تحمله المضرور، وإلى وقاية المجتمع من المرضى والمنحرفين»، إن غاية العقوبة هى تأمين الحياة فى المجتمع ولتحقيق ذلك كانت نظرية الأخذ بالتدابير الاحترازية «ومكافحة أسباب الجريمة بكافة الوسائل».

فى سان ريمو وفى 17 نوفمبر عام 1947 ناقش المؤتمر العالمى الأول للدفاع الاجتماعى مشكلة عقوبة الإعدام، وتقدم كل من المؤتمرين بحجته ما بين الإلغاء أو الإبقاء، وكانت الحجة الدامغة هى التى تقدم بها القاضى الأشهر «تيو كولينيو» فى تقريره المستفيض، وكانت النتيجة أن صدر قرار المؤتمر بالإجماع وهو: «أن عقوبة الإعدام ينبغى أن تلغى من قاموس قانون العقوبات».

وذلك كان البداية لتشغيل كثير من الهيئات والمؤتمرات والجمعيات للدعوة الصريحة لإلغاء عقوبة الإعدام، وفى ظل هذا الحماس جاء كتاب المحامى الفرنسى «ألبير نود» وعنوانه الصريح «ضد عقوبة الإعدام»، وكان التساؤل الذى طرحه فى صفحات كتابه الأول: «كيف يدافع المجتمع عن نفسه»؟

وفى سبيل الإجابة استعرض الإحصائيات التى تمت بالنسبة للدول التى تطبق عقوبة الإعدام وتلك التى قامت بإلغائها، والإحصائيات فى نظره لا تعرف لغة بذاتها أو جنسية خاصة بها، فهى قضاء عام، ولقد لوحظ أن الجرائم زادت فى البلاد التى أبقت على عقوبة الإعدام، بعكس تلك البلاد التى قامت بإلغائها، وكانت حجته ما أكده تقرير هيئة الأمم المتحدة فى هذا المضمار، وقال معلقاً على كل الآراء التى ناصرت العقوبة والتى كانت العكس «إن أهمية العقوبة وجدواها تعتمد على مدى فعاليتها، فإذا لم تؤد إلى تحقيق غايتها فإنها بالضرورة تفقد أهميتها».

وانتهى إلى استعراض تاريخى فذ لأسماء الفلاسفة والفقهاء والقضاء وأعضاء البرلمان الذين وقفوا ضد تطبيق عقوبة الإعدام، تلك العقوبة التى تتصف بالبربرية والتى لم تستطع حماية المجتمع.

إن الجريمة فى نظره ليست سوى «مرض اجتماعى» يمكن محاربته واستئصاله بنجاح ولكن بشط أن نكون قادرين على دفع ثمن هذا «الصراع». إن هذه العقوبة ما هى إلا «وسيلة من وسائل الأمن المزيفة»، والحقيقة التى انتهى إليها «أن عقوبة الإعدام قد فشلت فشلاً ذريعاً فى الوقوف ضد تيار نهر الجريمة المتدفق».