عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شوفها صح

 

لم تدع أنها قرأت عنه بنفسها فأنا أعلم جيداً أنها بالكاد تكتب اسمها لكنني أعلم أيضاً أن لها من الصديقات المثقفات ما تحملن عنها عبء متابعة كل ما هو مهم ومفيد في قضايا حقوق ذوي الإعاقة لأن «أم زيد» التحقت بإحدي الجمعيات الخاصة بمناقشة هموم ذوي الاحتياجات الخاصة. من أجل عيني ابنها الوحيد الذي ولد بعيب خلقي في الأذن الداخلية صار معها طفلاً أصم وفشلت كل محاولات إصلاح هذا العيب رغم إجراء أكثر من جراحة له. حدثتني أم زيد عن زيد آخر غير ابنها وكانت الدكتورة سمية زميلتها في الجمعية قد حكت لها قصة طفل أصم نشرت عنه الصحف. ومن باب المصادفة التي تركت معني أن يكون اسم صاحب القصة «زيد» مثل ابنها لكنه من البوسنة. هذا التلميذ وُلِدَ أصم ولم تكن ثمة مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة متوفرة بالقرب منه ليلتحق بها فانضم إلى مدرسة عادية. حاولت معلمته «سالينك ميلينوفيتش» التواصل معه لكنها وجدت صعوبة فقررت عمل شيء رائع، قررت أن تتعلم هي وكل تلاميذ الفصل لغة الإشارة ليتواصلوا جميعاً مع زيد. ولم تكتف بذلك بل راسلت أولياء الأمور كي يتبرعوا بتكلفة دورة في لغة الإشارة فساهم الجميع دون استثناء كلٌ بما تيسر له. استدعوا مدربة في لغة الإشارة وعلمتهم، وبعد ثلاثة أشهر أتقنوا هذه اللغة وكانوا سعداء بقدرتهم على التواصل مع زيد وكان زيد أسعدهم جميعاً لأنه شعر بالاندماج وبعدم العزلة وبالقدرة على مواصلة التعلم، كما شعر أولياء الأمور بالسعادة أيضاً لأن أولادهم تعلموا لغة جديدة، ولروح التعاون التي بدت فيما بينهم لدرجة أنهم رفعوا توصية للمسئولين عن التعليم في البوسنة بإدخال لغة الإشارة ضمن باقة اللغات الاختيارية للطلاب. هذا المطلب الذي بح صوت الأهالي والمهتمين بقضايا الصم بتعميمه وهو إدخال لغة الإشارة ضمن مناهج التعليم الاساسية كجزء رئيسي مهم في سياسة الدمج وكسر حصار العزلة عن ذوي الاحتياجات الخاصة وتحديداً الصم, كانت قصة الطفل البوسني بمثابة داعٍ لأحزان أم زيد المصري، فالولد ألحقته أمه بإحدي مدارس الأمل لتعليم الصم والبكم لكنها فوجئت بأنها مدارس لا يستفيد منها أحد. فالمدرسون بالمدرسة لا يفقهون لغة الإشارة أصلاً. وعندما شكا أولياء الأمور بأن أطفالهم وصلوا للمرحلة الاعدادية وهم «أميون» طلب منهم المسئولون في المدرسة أن يحمدوا ربنا «ويبوسو أيديهم وش وضهر» لأنهم وجدوا مكانا يقبل ولادهم. الأكثر من ذلك أن التلاميذ يتسلمون كتباً مستعملة ولا تليق بأطفال تتفتح مداركهم علي الدنيا مثل زهور رقيقة. لا اهتمام ولا إنسانية في المعاملة بل إنهم في بعض المدارس يحاربون الأطفال الموهوبين الذين ينضمون لبعض الفرق الفنية التي ترعي مواهبهم وتعمل علي دمجهم في المجتمع عن طريق الفن. بل شكت الأمهات من أن المدارس تسخر من مثل هذه الأساليب وأحياناً تحاربها. وكأننا نفرض العزلة علي أطفالنا الصم ونحارب أي فرصة لهم في التمتع بالحياة مثل كل الأطفال. وكأننا نريد لهم التعاسة والحزن الأبدي وهذا بالضبط ما لقيه الطفل المصري زيد وهو بالضبط عكس ما وجده الطفل بطل القصة «البوسنية» وهذا هو الفرق بين زيدهم.. وزيدنا!!