رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكلمخانة

عندما عرفت مصر الإرسال التليفزيوني في بداية الستينيات من القرن الماضي، كان علي رأس مقاصد الدولة من دخول مصر عصر التليفزيون الذيوع والانتشار لسياسات الدولة وترويج دعائى مركز لاستقبالات ورحلات وأخبار رموز الدولة وفي المقدمة رئيس مصر وزعيمها وقتذاك الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكان لابد أن تبكر مصر بدخول عصر التليفزيون لان الصحف التي تديرها الدولة وهي منظومة الصحف المسماة بالقومية أو الحكومة الخاضعة لسيطرة الدولة خضوعاً كاملاً بعد تأميمها فيما سمي بتنظيم الصحافة، وقال نال التليفزيون بعد انشائه رعاية خاصة من حيث تخصيص ميزانيات مالية ظلت تخضع للزيادة كل عام، مع بعض التعزيزات المالية التي لا تبخل بها الدولة كلما احتاج التليفزيون، وكان هذا مثار حسد وزارات أخري لا يحظي نشاطها بنفس الرعاية والكرم في الإغداق!، حتي إن المثقف الكبير الراحل د. ثروت عكاشة وزير الثقافة الأسبق قد حكي لي بنفسه عن أنه قد طلب لوزارة الثقافة بعضاً من التعزيز المالي الاضافي لمواجهة متطلبات نشاط الوزارة التي كانت تشهد ازدهاراً واضحاً لشئون الثقافة المصرية، فلما طلب د. ثروت هذا التعزيز من رئيس الوزراء وكان وقتها الرئيس عبدالناصر يتولي رئاسة الوزراء بنفسه، وكان أن اعتذر الرئيس للدكتور ثروت عن الاستجابة لطلبه، وبعد انفضاض الاجتماع تصادف أن سار د. عكاشة إلي جوار الرئيس قبل أن يستقل كل منهما سيارته، فوجدها د. ثروت فرصة لإبداء عتابه علي الرئيس لعدم استجابته لطلبه، وزاد علي ذلك بأن أشار للرئيس إلى أن وزير الإعلام المرحوم د. عبدالقادر حاتم يجد دائماً ما يطلبه للتليفزيون مجابا وبسخاء واضح، وفوجئ د. ثروت عكاشة بالرئيس عبدالناصر يقول له ما معناه إن الكتب والسياسات الثقافية لن تضيف جديداً إليه!، في حين أن د. حاتم قد دخل بالرئيس إلي كل بيت في إشارة واضحة إلي أهمية التليفزيون!.

ولم تمض سنوات قليلة علي بث التليفزيون المصري برامجه حتي وضح الاهتمام العام علي صعيد مصر كلها بالتليفزيون، خاصة وأن أجهزة التليفزيون ذاتها قد انتشر بيعها بالتقسيط المريح مما سهل علي معظم الناس اقتناءه، ولم يقتصر ذلك علي الحواضر فقط، بل تجاوز ذلك إلي سائر أقاليم البلاد، وقد انتبهت فئة من المصريين إلي أهمية التليفزيون، وهي فئة المحتالين والنصابين الذين فطنوا إلي أن التليفزيون سوف يساهم في إنجاح نشاطهم، خاصة عند تنفيذ أفكار جديدة للنصب والاحتيال، إذ كان يكفي النصاب أن يندس وسط زفات المسئولين المهمين والسير بالقرب من المسئول حتي تلتقط له صورة بجوار المسئول!، وكان هذا كافياً لإضفاء أهمية بالغة علي شخصية المحتال ووقوع ضحيته مستسلماً له بعد اقتناعه بأهمية المحتال!، وكما استجاب التليفزيون لاهتمام الناس به وبينهم المحتالون والنصابون فقد بادلته هذه الفئة منهم الاهتمام، فتوسعت استخداماتهم لشاشته في الايقاع بالضحايا، وانتحالهم لشخصيات أصحاب المناصب العليا، والظهور كلما أمكنهم علي الشاشات في مناسبات مختلفة!، ولا يفوت علي المجتمع شيوع عمليات النصب علي الناس بتقديم النصاب نفسه علي أنه «إعلامي» بدليل ظهوره علي شاشة فضائية بعد انتشار الفضائيات!، بل عبر الاحتيال المحلي الحدود إلي بلاد بعيدة للنصب فيها والعودة إلي مصر من حج أو عمرة أو زيارة لتتلقفه شاشة فضائية يدعي علي شاشتها خوارق لنفسه!، حاز عنها الجوائز الأولي والمراتب والدروع!.