عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين


مما لاشك فيه أن من أشد اللحظات دقة و خطورة فى تاريخ مصر المعاصر هى اللحظات التى سبقت تنحى الرئيس مبارك عن الحكم يوم 11 فبراير 2011 . و فى الذكرى الخامسة لتنحى الرئيس مبارك أسطر لحضراتكم فى السطور القليلة القادمة ماذا كان يدور خلف الكواليس بالقصر الرئاسى قبل التنحى بساعات قليلة لكى نكون على علم بهذه اللحظات الفارقة فى تاريخنا ، و قد أستعنت فى ذلك بأقوال السيد اللواء حسين كمال مدير مكتب رئيس المخابرات الأسبق اللواء عمر سليمان و الذى عُرف إعلاميا بـ ( الراجل اللى ورا عمر سليمان ) و التى قد سردها فى عدد من اللقاءات التلفزيونية و الصحفية . و لكن سوف نسردها لحضراتكم فى صورة سؤال و جواب تسهيلا للسادة القراء ، و إليكم الحوار :
*كيف عاش عمر سليمان فترة ما قبل تلاوة خطاب التنحي؟
- مكتب عمر سليمان كان يطل على نادي هليوبوليس والمسجد الملاصق له، وجدت بوادر لتجمعات لمواطنين بدأت تظهر على الرصيف المقابل للجامع والنادي، شعرت أنه من الممكن أن يحدث حشد في هذا المكان، وبالتالي ربما تحدث مشكلة، المكان كان محاطًا بالحرس الجمهوري، وكان مؤمَّنًا تمامًا، لكن نحن بطبيعتنا كضباط مخابرات لا نسمح بأن يكون هناك صدام بين القوات المسلحة والشعب، لأن القوات المختصة بالتأمين من نسيج هذه الأمة.
أتذكر تمامًا ذلك اليوم، إذ كان وقتها اللواء عمر سليمان داخل مكتبه أخبرته بحجم التجمعات للمواطنين خارج قصر الاتحادية، وبالتالي لا بد من مغادرة المكان، فأجرينا اتصالات حتى يكون هناك مكان بديلًا، حتى يدرك المتظاهرون أنه لم يعد هناك أحد داخل قصر الاتحادية، وحتى لا يحدث اقتحام أو درجة من درجات الصدام، لأنه في تلك الفترة كان هناك انفلات أمني شديد، وفعلًا غادرنا المكان وتوجهنا إلى قيادة الحرس الجمهوري، وكان اللواء عمر سليمان، رحمه الله عليه، والفريق أحمد شفيق، واللواء محمود وجدي، وزير الداخلية أنذاك، وقائد الحرس الجمهوري، والدكتور زكريا عزمي، وكنت معهم، بعد فترة جاء إلينا علاء مبارك، واللواء عمر جلس بجواره وقال له: «خد الهانم واطلعوا على شرم الشيخ»، وكرر هذا المطلب أكثر من مرة فاستجاب علاء، وغادر حتى يذهب إلى والدته ويصطحبها إلى شرم الشيخ، وكان الرئيس مبارك في تلك الفترة قد سافر قبلها بيوم إلى شرم الشيخ.
*هل حدثت أي اتصالات بين اللواء عمر سليمان والرئيس الأسبق حسني مبارك قبل تلاوة بيان التنحي؟
- بالفعل حدثت اتصالات بين اللواء عمر سليمان ومبارك، وشرح له الوضع وتطوره على الأرض، ثم أجرى اتصالًا بالمشير طنطاوي، الذى كان يشغل القائد العام للقوات المسلحة، وطلب منه أن يكون هناك مقابلة، وكان الاتفاق أن تكون المقابلة في القيادة العامة للقوات المسلحة، وبالتالي انتقلت مع اللواء عمر سليمان والفريق أحمد شفيق إلى وزارة الدفاع، وبعد ذلك جلسنا مع المشير طنطاوي وسامى عنان، وكان الحديث يدور حول السؤال الأهم «وماذا بعد؟» بعد الأحداث المتلاحقة، فأجمعت الآراء على أنه لا بد من الاتصال بالرئيس مبارك لإبلاغه بالأحداث المتتالية الموجودة على الأرض، وأن الحل الوحيد أن يتنحى عن السلطة، نظرًا للحشد الجماهيري الهائل في الشارع المصري والغضب الجم.
*ماذا كان رد فعل مبارك عندما أبلغه عمر سليمان بضرورة التنحي عن منصبه؟
- ما يحسب لمبارك أنه لم يعترض نهائيًا بمجرد قيام اللواء عمر سليمان بإبلاغه بذلك الطلب، وقال مبارك: «لو ابتعادي عن السلطة هيحل المشكلة اعملوا اللي انتوا شايفينه، وأنا ليس عندي مانع، وأرسلوا لي التليفزيون وأنا أسجل ويتم إذاعة البيان بصوتي على الهواء من شرم الشيخ»، وكان رد اللواء عمر سليمان عليه «يا فندم مافيش وقت، لأن التطور سريع على الأرض وإذا انتظرنا لحين إرسال التليفزيون إليك ربما تحدث تطورات ونحن نريد إنهاء الأزمة»، فكان رد مبارك: «ما اقتراحكم طيب.. اكتبوا نصًا وأبلغوني به وأنا أوافق عليه، فتمت كتابة النص كما تمت تلاوته من اللواء عمر سليمان».
*هل طلب مبارك تعديل النص الذي تلاه عمر سليمان؟
- طلب مبارك من عمر سليمان أن يتم استبدال كلمة «تخلي» بكلمة «تنحي» عن السلطة وغيرت هذه الكلمة طبقًا لرغبة الرئيس الأسبق مبارك، وأُذيع البيان كما شاهده الملايين عبر الشاشات، وكتب عمر سليمان نص الخطاب بالاتفاق مع المشير وأحمد شفيق.
*هل تمت تسجيل البيان أكثر من مرة للاستقرار على الصيغة النهائية؟
- تمت إذاعة البيان مرة واحدة، وإذا كان حدث تعديل فكان لتغيير كلمة حسنى مبارك إلى محمد حسني مبارك حتى يكون الأمر دستوريًّا، وقام بتلاوة البيان اللواء عمر سليمان، لأنه نائب رئيس الجمهورية، وكان المفترض أنه مفوّض من رئيس الجمهورية لإدارة شؤون البلاد، وهو وضع طبيعي.
*هل كانت نظرة القيادات الموجودة أثناء تلاوة الخطاب بأنه الحل الوحيد لاحتواء الشارع؟
- انتقلت السلطة من الاتحادية إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو من له حق إدارة البلاد بالشكل الذي يصل بالبلاد إلى بر الأمان، لأننا كنا نمر بأزمة، وكان لا بد أن يرى المواطن والعالم الخارجي أن هناك قيادة تسيّر الأمور، فكان من الصعب أن نترك الأمور فترة دون وجود قيادة، وكان من الصعب أن يتم تشكيل مجلس رئاسي؛ حيث أن الأمر كان بحاجة إلى وقت، وكانت المرحلة لا تسمح بالمماطلة والمجادلة وتضييع الوقت، وكان لا بد من قرار سريع في الوقت المطلوب، وكان التفويض للرئيس الذي تخلى عن السلطة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة حتى توجد سلطة تدير شؤون البلاد.
* لماذا انتقل مبارك بمفرده إلى شرم الشيخ ولم يصطحب زوجته وأبناءه معه؟
- هو فوض اللواء عمر سليمان وسافر، بحيث إذا كان وجوده في القاهرة هو المشكلة يقول لهم خلاص أنا سافرت شرم الشيخ.
*تقصد أنه كان يشعر بغضب الناس وخوفها من التوريث؟
- طبعًا، أمّال كان رئيس مخابرات إزاي نحن جميعًا كنا نعلم أنه لازم كان سيحدث شيئًا، إنما تطوره كان هو المفاجأة.
*هل كان جهاز المخابرات المصرية يتوقع ما حدث فى 25 يناير ؟
نعم
*ما دليلك على أن جهاز المخابرات كان يتوقع حدوث احتجاجات واسعة في 25 يناير؟
 - قبل 25 يناير بـ4 أو 5 أيام كان اللواء عمر سليمان في مؤتمر بشرم الشيخ، وأبلغ الرئيس مبارك، وقال له إن هناك تحركات وغضبًا شعبيًا عارمًا، فقام الرئيس مبارك بطلب اجتماع بمجلس الوزراء لدراسة الموقف واتخاذ الإجراءات اللازمة لتدارك أي سلبيات ممكن تحدث لمصر، وأن يتم اتخاذ الإجراءات لحماية هذا البلد والشعب، وبالفعل حدث اجتماع بناء على تعليمات الرئيس، وتم فيه اتخاذ مجموعة من الإجراءات، لكن تطور الحدث على الأرض لم يكن أحد يتخيله؛ حيث كان سريعًا.
*ما الشخصيات التي كانت موجودة خلف الكاميرات أثناء تلاوة بيان التنحي؟
- المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وبعض من أفراد المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
*لماذا أنت الوحيد الذي ظهر خلف عمر سليمان؟
-لأنني مدير مكتبه، وكنت حاسس بيه وبالموجودين، لكن كل من كان موجودًا في ذلك المشهد، سواء ظهر أو لم يظهر، كان بالحالة التي كنت فيها، بمن فيهم اللواء عمر سليمان يكاد يكون يبكي، وكنت خايف يقع وينهار ولا يتماسك.
*ما النقاشات التي حدثت في الكواليس بعد تلاوة البيان؟
- اللي اتعمل إن اللواء عمر سليمان ألقى البيان، وبعد ذلك قمنا باستقلال السيارة وتركنا المكان فقط، ولم نتحدث نهائيًا، لأنها أزمة، وتركنا المجلس العسكري يدير الأزمة؛ حيث أصبح المسؤول عن إدارة شؤون البلاد.
*هل تواصل جمال مبارك معكم خلال تلك الفترة؟
- لم يظهر جمال مبارك في الصورة نهائيًا، وأدار تلك الأزمة الرئيس المتخلي عن السلطة مبارك، واللواء عمر سليمان والمشير حسين طنطاوي فقط لا غير، ولم يتدخل أحد من أسرة مبارك على الإطلاق، وعندما سافر لشرم الشيخ حدث اتصال واحد لإبلاغه بالأحداث على الأرض في اليوم التالي.
*ذكرت أن علاء تحدث معكم فأين كان جمال مبارك في تلك الفترة؟
- كان جمال مبارك مع والدته في البيت، ومن جاء إلينا شقيقه علاء، واستقلوا جميعًا طائرة إلى شرم الشيخ.
*كيف كان الوجه الأخر لعمر سليمان الذي لم يره أحد؟
- عمر سليمان عاش فترة من الاكتئاب ومر بحالة نفسية متردية، وتُوفي قهرًا على هذا البلد، الذي خدم فيه فترة ما يقرب من 30 عامًا بالقوات المسلحة ومثلهم في العمل المخابراتي، قضى عمره كله في هذا المجال، عندما يجد في النهاية هذه النتيجة، كان لابد وأن يقهر، فهو رجل وطني للنخاع، وكان يحب أسرته، ويهتم جدًا بأولاده وأحفاده، وكان رجلًا بسيطًا للغاية، ليس له طلبات خاصة، طوال فترة خدمتي معه، لم يطرق أحد بابه إلا واستجاب له، لم يحاول أحد طلب المساعدة إلا وساعده طالما في إطار القانون والمسموح به والمصلحة، وكثيرًا ما تغاضى عن أخطاء أفراد، كان يقول لي:«هذا الشخص يرعى أسرة، فلابد من مساعدته حتى يكون قادرًا على تحمل هذا العبء»، لم يظلم أحدًا، وكل الناس التي تعرفه تعلم ذلك جيدًا، هذا هو عمر سليمان الإنسان، أما من الناحية العملية يكفيه تاريخه، فلم يكن يحدد عدد ساعات للعمل، كان الوقت مفتوحًا يوميًا، كنا نجلس سويًا أكثر من الوقت المتاح لنا داخل بيوتنا، لم تنجب المخابرات المصرية مثله، فهو مخلص لبلده وشعبه.
* ما الرسالة التي توجهها لمحبي عمر سليمان؟
-أقول لهم « اعملوا من أجل مصر، لأنها كانت قرة عين عمر سليمان، إذا كان الرجل رحمه الله عليه قد رحل، فمصر كلها عمر سليمان، والبلاد بحاجة إلى عملكم، ولابد من العمل الجاد لصالح البلاد، حتى نعبر المحنة التي تواجهنا، وكفانا انقسامات وتسلق وتملق ورياء ونفاق، وكفانا كلام، وحان وقت العمل، تحدثنا كثيًرا، واشتبكنا أكثر، وخونا بعضنا كثيًرا، ووصلنا إلى مرحلة عدم الثقة فيما بيننا، وحولنا الناس إلى سلفي وشيعي ومسلم ومسيحي ويمين ويسار، كما قسمنا أنفسنا إلى 25 يناير و30 يونيو، كفاكم مهاترات.
*ما رسالتك لكل من كان يتمنى وجود عمر سليمان في هذه المرحلة؟
-عندما أرى ما يحدث، أقول لنفسي «ربنا رحم عمر سليمان»، إذا كان شاهد ما يتم الأن من معاناة لمات مشلولاً، وهى ليست مبالغة وإنما حقيقة.
*كيف تنظر إلى الوضع الحالي؟
-أرى أن الناس لا تعمل، وهذه كارثة، نحن نعاني من مشكلة أخلاقية شديدة جدًا، يندرج تحتها العمل وكل نواحي الحياة، وهى مشكلة متشعبة ومترامية الأطراف، وأرى أن الأزمة الأخلاقية تزيد مع الوقت، حديثي واقعي قد يغضب البعض، لكن هذه هى الحقيقة، ولابد أن نواجه أنفسنا في هذا الوقت، الناس استباحت الدولة وأموالها، ونشاهد ذلك أمام أعيوننا، والرئيس يبذل قصارى جهده قدر ما يستطع كبشر، يؤدي مهامه من واقع مسؤوليته، لكن لن يتمكن من ذلك بمفرده، سيكون أمر صعب إن لم يكن مستحيلًا، حتى إذا جاء أحد مكانه، لا يمكن أن يبني مصر غير سواعد المصريين وليس سواعد الرئيس، فهو يجب أن يكون ضمن المنظومة، ويقودها.
*ما تعليقك على الوضع الحالي؟
-إحنا في محنة أشد من نكسة 1967 بكثير، ومخاطرها مترامية الأطراف، وأبعادها غير واضحة، لا يوجد فائدة، «إحنا بننفخ في قربة مقطوعة».
 
*هل ترى أن هناك من يورط الرئيس من رجاله؟
للأسف الشديد، هؤلاء الناس لديهم قصور في الرؤية ومصالح خاصة ومتملقين ومتسلقين يتصورون أن ما يفعلونه يرضي الرئيس، وأن ما يفعلونه سيجعلهم يركبون على أكتاف غيرهم، لأنهم لا يعملون لمصالح البلد، لكنهم يعملون لمصالح خاصة فقط، ينظرون تحت أقدامهم، يريدون البقاء لأنفسهم لا لمصر، في بعض الأحيان يورطون الرئيس، فهو لا يشاهد جميع البرامج على شاشات التلفاز، ولا يتابع ما تقوم به الداخلية بشكل دقيق، أوالوزارات المختلفة، لكنه يجتهد قدر ما يستطيع، لأنه بشر ويعمل بمفرده، ولا يمتلك 100 عين.
*وما رسالتك لرجال الرئيس؟
- أقول لهم «اعملوا مع الرئيس بشرف وتجرد دون أي نوع من المصالح، كل الناس لها مصالح خاصة، لكن دعوها تتجة للعمل العام، ولا تكون المصلحة الخاصة أولاً، كونوا مخلصين، البلد بحاجة لمجهود كبير، الاختلاف مع الرئيس واجب، وليس نفاقًا، لأنه بشر من الممكن أن يخطئ من الهموم التي يحملها على عانقه.
*هل تؤيد أم تختلف مع ائتلاف «دعم مصر»؟
-لا أعترف بائتلاف «دعم مصر»؛ حيث يجب أن يتحول إلى «دعم الشعب»؛ فهم يمثلونه داخل مجلس النواب، إذ أن دعم مصر تُعني الرئيس و مؤسسة الرئاسة وكل شئ، ولابد أن يكونوا محددين، فهم أعضاء مجلس نواب، وأسألهم كيف تدعمون الجهة التي تراقبون عليها؟، الشعب كله وراء الرئيس ليس بحاجة إلى دعمكم، وأرى أن البرلمان في حالة ارتباك شديدة جدًا، ويغلب عليه المصالح الخاصة والشخصية.
 
*لماذا اختفيت عن الساحة؟
-لأننا نواجه محنة أخلاقية شديدة جدًا، لم نعتد عليها، ونعيش في مناخ تخوين ليس صحي بالمرة، وأنا أشفق على من يؤدي دورًا في العمل العام رغم أنهم لا يعملون على أكمل وجه، وتعلمنا أن «اللي بيشتغل لازم يغلط»، لكن دعنا نتفق على أن هناك بعض الناس متربصة، حتى من لا يقصد الخطأ يصبح مجرمًا ولص، وبالتالي كل من يحمل خبرة يبتعد عن المشهد، لكن إذا طلب منا العمل لن نتوانى، وأنا شخصيًا إذا طُلب مني تقديم خدمات، عمري وحياتي ودمي لمصر، فأنا جندي مقاتل حتى الموت فداء لهذا الوطن، نحن نتألم «البلد ماينفعش تبقى كدة، حرام أن نصل لهذا المستوى»، الرئيس يجري لكن هناك من يشد المقطورة للخلف وليس للأمام، وهم خونة ومرتشين ومنافقين وليسوا مخلصين ومتملقين، الناس كلها شايفة وعارفة، لكن ماذا نفعل