نعمة الإحساس بالنعمة

من أفضل النعم التي يمكن ان يحظي بها إنسان الإحساس بالنعم  وقد يشقي المرء  ويعيش أسيرا لإحساس وهمي بالنقص رغم ما يبدو عليه من سمات الصحة وأسباب السعادة لا لشىء إلا لكونه غير شاعر بما لديه. فقد لا يجد احدهم مدعاة للسرور لمجرد كونه يبصر ما حوله أو يسمع من حوله أو يسير علي قدميه كلما أراد او يمسك الأشياء بيديه وقتما رغب.هو يعتقد ان كل ما أوتي من قدرات حسية وجسدية من باب طبيعة الأمور ونادرا ما تجد سببا للتوقف عند  كل ما لديك فقط لانه لديك. سمعت من أحد كبار علماء الأزهر الشريف ان الإنسان إذا استيقظ ليجد نفسه مازال علي قيد الحياة فعليه ان يشكر الله علي نعمته ثم إذا وجد نفسه يبصر ويسمع ويتحرك فعليه ان يشعر بالامتنان والفضل تجاه خالقه.أما إذا شاءت إرادة الرحمن ان يفقد الإنسان احدي هذه النعم فعليه ان يمعن التدقيق في ذاته ليجد ان الله قد عوضه عنها خيرا في موضع آخر قد يكون مدعاة لتميزه وسببا لتفوقه. فنعم الله تعالي علي الانسان لا تعد ولا تحصي لكن القضية هنا فيما نحس من هذه النعم وخاصة تلك التي نجدها في أنفسنا. وهنا يتفاوت الناس في نظرتهم لتلك الأمور لذا قد تجد إنسانا يعيش في رغد من العيش ولديه كل أسباب الراحة والرفاهية ولا يجد منها سوي ما ينقصه. وهؤلاء ليسوا دائما مدعين فيتهمهم البعض بمداراة ما هم عليهم من خير درءا للحسد أو ما شابه.بل هم فعلا لا يرونه. فيما تجد أناسا ينقصهم الكثير من المال والصحة ودواعي الهناء في الدنيا لكنهم حامدون شاكرون تعتلي وجوههم علامات الرضا والسعادة. قال لي صديقي محمد الموظف بإحدي شركات القطاع الخاص: عمري ما حسيت ان ناقصني حاجة فساقي التي اضطر الأطباء لبترها منذ عشرة أعوام تقريبا لا تشكل بالنسبة لي اية مشكلة الان لقد استعضت عنها بقدم صناعية تؤدي نفس الوظيفة تقريبا. لكن لا أخفي عليك سرا لم أكن اشعر بقيمتها وقت ان كانت متصلة بجسدي. لا أحس انني مختلف لمجرد انني لم أعد العب كرة القدم التي أعشقها. لا أشعر بانني أقل فقط لان الفتاة التي كنت أنوي الارتباط بها في صباي تخلت عني. فضلت علي شابا آخر «له ساقان» اعتقد ان عندي قلب استفتقده «العمر كله» وأمتلك روحا ستظل تبحث عن مثلها فلن تجد. عندي ذكاء مكنني من شغل مكانة متميزة في عالم تصميم برامج الكمبيوتر وجلب لي الكثير من المال نقلني وأسرتي من عالم الإيجار الجديد للشقق في الأحياء العشوائية إلي مصاف ملاك الوحدات السكنية المتميزة في المدن الجديدة. وقدراتي حولتني من موظف «5%» في شركة تريد ان تعفي نفسها من غرامة مخالفة القانون إلي أهم من تحتاج اليهم من موظفيها. أفكاري مربحة للجميع، هي فقط الخاسرة.

استمر محمد يسرد ويفند ما عنده حتي أفكاره كان سعيدا بها ويعدها من قبيل كنوزه التي لا تنفد. قال: عندي أحلام لا تعرف النهايات. ودفء بيتنا. وخفة دم اصحابي, وعندي ضحكة أمي.