رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

من المؤكد أن وصايا طه حسين فى مجال التعليم والثقافة تشكل نقاط انطلاق لكل إرادة مخلصة تريد الخير لمصر. حقا إن الوصايا لم ترد تحت هذا المسمى وإنما وردت بصورة ضمنية فى كتابه «مستقبل الثقافة فى مصر» الذى صدر عام 1938 كنتاج لمشاركته فى عدة مؤتمرات عن التعليم والثقافة فى باريس، وبدلاً من أن يقدم تقريره بشأنها لوزارة المعارف لينام أبد الدهر على حد قوله آثر أن يكتب عنها فى كتاب كوثيقة للأجيال القادمة يذاع على الناس بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم حتى يكون فى مأمن من ميول وتوجهات أصحاب وصناع القرار. ورغم أن حال التعليم فى زمن طه حسين كان أفضل بمراحل من زمننا، ولم تعرف مصر وقتها ما يسمى بالدروس الخصوصية فى المدارس والجامعات، ولم يكن المعلم مع راتبه الضئيل يمضى وقته فى المقاهى أو المراكز التعليمية الخاصة بينما يتسكع الطلاب فى الشوارع والمولات انتظارا لموعدهم معه. وكانت الجامعة المصرية تقف فى مصاف جامعات العالم، كما احتل التعليم جانبا مهماً من برامج الأحزاب السياسية، ويكفى أن نشير إلى تبنى حكومة الوفد قانون مجانية التعليم إيمانا منها بضرورته ضرورة الماء والهواء على حد قول طه حسين. رغم كل هذا لم يتوان طه حسين عن نقد التعليم وتقويمه وإصلاحه. وفى زمن طه حسين لم يكن التعليم مستقلاً عن الثقافة أو يتطلب وزارة مستقلة، فقد تكفلت بها وزارة المعارف بجانب التعليم من خلال منظومة متكاملة تجمع بينهما. وجسدت الرموز الثقافية الدور الذى يمكن لوزارة الثقافة القيام به، ويكفى أن نشير إلى دور طه حسين والعقاد والحكيم والزيات وسلامة موسى وإسماعيل مظهر والسنهورى ومصطفى وعلى عبدالرازق وأحمد شوقى وحافظ إبراهيم ورامى ومحمود سعيد ومختار وعبدالوهاب وأم كلثوم ويوسف وهبى والريحانى وطلعت حرب وغيرهم لنتبين كيف تجاوز دورهم دور وزارة الثقافة حتى فى زمننا الراهن. يضاف إلى ذلك أن كل مدرسة كان بها مسرح وقاعة للموسيقى وأخرى للفنون التشكيلية. كما لم تعرف مصر وقتها وزارة للبيئة لمواجهة التلوث، فما الحاجة إليها فى ظل بيئة نظيفة جميلة جعلتها من أنظف وأنقى وأجمل مدن العالم. وحققت مصر فى مجال المسابقات الرياضية العالمية نتائج مبهرة دون وجود وزارة للشباب والرياضة، منذ زمن طه حسين ونحن لا نتوقف عن الحديث عن أزمة التعليم، لجان ومؤتمرات وتوصيات وقرارات وحكومات ووزراء تعليم وثقافة وبرامج جودة والتعليم يسير من سيئ إلى أسوأ وطه حسين غائب عنا. ليتنا تنبهنا إلى ما كتبه طه حسين لعلنا كنا وصلنا إلى مصاف الأمم المتقدمة ومنها اليابان، بل وتجنبنا ظاهرة العنف والإرهاب. التعليم عند طه حسين هو الذى يمكن الفرد من أن يعرف نفسه وبيئته الطبيعية الإنسانية وأن يلائم بين حاجته وطاقته وما يحيط به من البيئات والظروف، وهو ركن من أركان الحياة الديمقراطية الصحيحة، فالحرية لا تستقيم مع الجهل ولا تعايش الغفلة والغباء، وهل اهتمامنا بتجديد الخطاب الدينى لا يعد مؤشرا عن تخلى التعليم والثقافة عن القيام بدورهما فى وجود سد منيع أمام كل فكر دينى مغلوط. يا سادة اهتموا بما كتبه طه حسين عن التعليم الأولى الإلزامى والابتدائى والثانوى والأزهرى والجامعى من منطلق مفكر مؤمن يلتزم بالوطن والهوية والدولة والتقدم والتنوير. وأملنا فى مقالات أخرى نتعرف على ما ينبغى أن نتوقف عنده لدلالته فى الكشف عن واقعنا التعليمى والثقافى الراهن فى ضوء القراءة المضيئة لطه حسين.