رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فين؟

غلطة «جنينة» أنه ضخم الحكاية 100 مرة.. «جه يكحلها عماها».. فى ثروة مبارك كان وراءها الإخوان.. وفى الفساد كان وراءها خلايا نائمة للأسف!.

 

 

فى مصر الآن قضيتان بارزتان تتعلقان بالأرقام.. الأولى قضية الفساد، التى قال المستشار هشام جنينة إن تكلفة الفساد بلغت 600 مليار جنيه.. وهى القضية التى أثارت فزع الرأى العام، حيث إن الرقم يصل إلى ميزانية بعض الدول.. وهو ما يصور المصريين على أنهم شعب من اللصوص.. القضية الثانية تتعلق بما هربه مبارك إلى سويسرا.. وقد قيل إنها تصل إلى 70 مليار دولار.. الفكرة هى «توظيف الأرقام» لإثارة الرأى العام!

أتحدث هنا عن توظيف الأرقام فى الحالتين.. غير أننى لا أنكر الفساد، إنما أتوقف عند الرقم، ولا أنكر تهريب الأموال بالمرة، ولكنى أيضاً أتوقف عند توظيف الرقم.. فى حالة مبارك تم استخدامها لإشعال ثورة.. وكان الرقم نقطة فارقة فعلاً فى إزاحة مبارك، بعد أن كان المطلوب إقالة وزير الداخلية أو حل مجلس الشعب ووقف التوريث.. فهل المطلوب الآن تأليب الناس على النظام قبل 25 يناير؟.. أم ما هو المطلوب بالضبط؟!

النائب العام السويسرى موجود الآن فى القاهرة، لإعادة أموال مصر فى سويسرا.. إذن الحقيقة المؤكدة الآن هناك أموال لرموز مبارك ومبارك نفسه فى سويسرا.. كان البعض ينفى الحكاية جملة وتفصيلاً.. وكان البعض يضخم الأرقام بشكل يوحى أن مصر كانت فى يد حفنة لصوص.. وجود نائب عام سويسرا يقطع الشك باليقين بأن الأموال المهربة ستعود.. وقد كان حكم المحكمة البات، هو السبب فى عودة الكلام من جديد!

لا تسامح مع اللصوص

صحيح أن الدولة لا تنام عن القضية، لكنها تتحرك بهدوء وبطء قاتل.. الإجراءات بطيئة ومملة.. توحى بأنها تريد أن «تطرمخ» على الحكاية.. وتوحى بأنها تريد أن «تتسامح» مع اللصوص.. وتوحى بأنها تتواطأ مع المجرمين.. مع أن كل ذلك غير صحيح.. الدليل أن حكم النقض قد صدر بالإدانة، وأن النائب العام السويسرى فى القاهرة.. واظن أن مكتب النائب العام يبذل مجهوداً ًكبيراً، لكنه يفعل ذلك فى صمت بعيداً عن الضجيج!

لا تسامح مع «لصوص الداخل»، الذين اشار إليهم تقرير جنينة.. لكن الأهم من هم؟.. ما حجم الأموال المنهوبة؟.. ولا تسامح مع من هرب الأموال للخارج.. لكن بشرط أن نعرف الحقيقة بلا تضخيم.. الغريب أن الكلام عن التهريب والفساد شابه كثير من المبالغات والتضخيم، بما يوحى أن هناك أغراضاً سيئة خلف الإعلان عن الفساد.. وبالتالى كانت الضجة على من أعلنها، لا على الفساد أو المهربين، ونسينا «القضية الأصلية»!

غلطة هشام جنينة أنه ضخم الحكاية 100 مرة.. ولو أن الفساد كان ملياراً واحداً، لاستدعى الأمر الإعدام فى ميدان التحرير.. سرقة مليار مصيبة، لكن الكلام عن 600 مليار يفقدك المصداقية، ويثير الشبهات، والشكوك حول الأرقام كلها.. فى قضية ثروة مبارك، نسينا الحكاية من فرط الكذب، تجادلنا وانقسمنا.. كما يقال «جه يكحلها عماها».. فى ثروة مبارك كان وراءها الإخوان.. وفى الفساد كان وراءها خلايا نائمة للأسف!

صمت أبلغ من الكلام

 يُحسب للنائب العام الحالى المستشار نبيل صادق، أنه لا يتحدث للإعلام، ولا يميل إلى الضجيج.. لكنه يعمل ليل نهار لاستعادة الأموال المهربة، كما قام بتذليل كافة عقبات اللجنة التنسيقية فى هذا الشأن، وكانت استجابة سويسرا أخيراً.. خاصة بعد صدور حكم قضائى بات أثبت الفساد.. كما أبدى دفاع رموز مبارك استعدادهم للتفاوض والتصالح، وهى نقطة إيجابية، تؤكد أن المشوار لم يكن سهلاً بالمرة، ولكنه غير مستحيل.

الأرقام المتداولة الآن تصل إلى 700 مليون فرنك سويسرى، أى 640 مليون يورو.. ليست 70 مليار دولار.. الفارق رهيب.. هذا ما أريد أن أؤكده، وهو ينطبق أيضاً على ما ذكره جنينة.. الفساد موجود، فيه فساد ينبغى أن نحاربه.. لكن الكلام أنه 600 مليار «يضرب مصر فى مقتل».. ويجعلنا شعباً من اللصوص، ويضع جنينة نفسه تحت طائلة القانون.. والآن إما أن يستقيل باختياره، أو يقال، ويحاكم فى «فضيحة القرن».

آخر كلام

السؤال الأكثر إلحاحاً: لماذا الآن؟.. لماذا أراد هشام جنينة أن يطلق القنبلة الآن؟.. هل هى صدفة؟.. هل يريد أن يكون شهيداً؟.. هل يشعل الوقود قبل 25 يناير؟.. هل يؤدى دوراً؟.. هل هو خلية نائمة، فى جهاز رقابى عريق؟.. هل أخطأ حين استعان بجهات دولية؟.. هل أصاب؟.. هل أفشى أسرار الدولة؟.. هل أدى دوره بالذمة والصدق؟.. هل تحامل عليه الرأى العام؟.. هل يستحق الوسام؟.. كل هذا سيكون فى يد البرلمان؟!.