رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صح النوم

استيقظت صباح أمس على خبر رحيل صديقى الطفل العجوز الحكيم والفنان القدير حمدى أحمد، ولم أفق بعد من صدمة رحيل أخى وصديقى ممدوح عبدالعليم رحمه الله، يبدو أن السنة بدأت بايخة ومزعجة برحيل الأصدقاء والأحبة وربنا يستر، طبعا لكل أجل كتاب والعمر مكتوب فى كتاب معلوم قبل أن يولد النسيان ولكن كما قال النبى (إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع)، بالنسبة لى حمدى أحمد حلقات من قصة الوطن، كتاب كل صفحة فيه تسجل عشق هذا المبدع العظيم لأرض مصر والمصريين بل للعروبة والإنسانية وكل القيم العظيمة التى نصت عليها الأديان، عرفت حمدى أحمد وأنا فى فترة المراهقة حيث ترددت على حزب العمل مع أحد الأصدقاء الأكبر منى سنًا وكان مقره فى شارع بورسعيد بالسيدة زينب ورأيت هناك لأول مرة حمدى أحمد وكان يتكلم بغضب معترضًا على دخول الإخوان حزب العمل والصفقة القذرة حسب تعبيره بين الحزب متمثلا فى آل حسين (عادل حسين وابن شقيقه مجدى أحمد حسين) وحكى لى الراحل فيما بعد انه شم رائحة ليست طيبة فى الصفقة وفضَّل أن يخرج من الحزب الذى كان يرى فيه أملًا للمعارضة الحقيقية خصوصًا انه ضم فى السبعينيات كوكبة من الرموز وكانت جريدة الشعب الصادرة عن الحزب تنشر لأعظم الكتاب وأشجعهم مثل نعمات أحمد فؤاد وفتحى رضوان وحلمى مراد ومن الأجيال الأخرى من الصحفيين مجدى مهنا وعادل حمودة وَعَبد القادر شهيب، وللأسف تم تخريب الصحيفة والحزب بعد دخول الإخوان، واعتقد ان هذه المحطة كانت شاهدة على انتهازية الإخوان واختراقهم الأحزاب وتأجيرها مفروشة، قبل ذلك كان حمدى أحمد قد نجح باكتساح فى عام ١٩٧٩ ودخل البرلمان وكان شوكة فى حلق نظام السادات ثم دخل حزب الأحرار وأراد ان يقدم نموذجًا للمعارضة الحقيقية بعد ان سيطر الحزب الوطنى على الأحزاب ويحكى لى انه فى الاجتماعات الأولى كان يحدثه أحد ضباط أمن الدولة يسمعه ما حدث فى الاجتماع بالحرف، وقال لمصطفى كامل مراد رئيس الحزب إن الأمن مخترق الحزب وهناك من يكتب تقارير عن اجتماعاتهم فهز رأسه وقال أعرف إيه يعنى فرد عليه حمدى أحمد بأن الأمن يحبط أى تحرك لهم ولا يسمح بأى مؤتمر جماهيرى للحزب لأنه يعلم سلفًا به، فقال مراد إنه سيحدث وزير الداخلية فى ذلك، المدهش كما يقول حمدى إنه فوجئ بأن شخصًا مغمورًا يترشح ليكون أمين عام الحزب وعرف ان هذا الشخص هو ضابط  فى أمن الدولة وانه كان كاتب التقارير فاستقال وقرر اعتزال العمل الحزبى ولكنه لم يعتزل دوره فى الشأن العام وجند قلمه وصوته للدفاع عن هذا الوطن لأنه منذ شبابه وهو صاحب رسالة، حمدى أحمد حارب ضد الاحتلال الانجليزى وهو ابن ١٦عامًا واعتقل ثم انه شارك فى كل الحروب التى خاضتها مصر وكان متطوعا فى القناة ضمن القوافل الأولى لتحريرها، وعلى المستوى الفنى لا تجد له عملا تخجل من مشاهدته بل كل عمل هو توثيق لتاريخ به مصر الاجتماعى والسياسى، عندك القاهرة ٣٠ وشخصية  محجوب عبدالدايم  رمز الطبقة المقهورة أمام الباشوات والانجليز، والأرض شخصية محمد أفندى المتعلم فى الريف أمل أهله فى الانتقال من الحضيض لحافة الحياة وحتى عرق البلح ثم عشرات المسلسلات منها جمهورية زفتى والظاهر بيبرس وبعد الطوفان وأصحاب المعالى وحتى آخر أعماله الحارة، كلها أعمال ذات قيمة لأنه كان يفضّل الجلوس بلا عمل ولا يقدم مشهدًا بلا معنى أو هدف، أذكر أيام حكم مرسى جلست معه فى نادى 6 أكتوبر فقال لى الشعب المصرى سيطرد هذه العصابة من مصر وبكى وهو يقول يا رب أنقذ هذا البلد منهم، يا رب أرنى فيهم عظائم قدرتك واجعلنى أراهم فى السجون وحرر مصر منهم ثم أمتنى، يا رب انا لا اطمئن على أحفادى وهؤلاء يحكمون مصر، وبكى واستجاب الله لدعواته لأنه عاش وشاهد مصر محررة واعتقد انه مات مطمئنًا على أحفاده، وهل يموت فنان مثل حمدى أحمد، إنه يرحل بجسده لكن فنه يظل نبراسًا للأجيال، الله يرحمك يا عم حمدى.