رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

اسمحوا لي

رواية (أن تحبك جيهان) الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية من ابداع الكاتب الكبير مكاوي سعيد والتي أحدثت ضجة كبيرة في الوسط الثقافي منذ صدورها، هي رواية تستحق الاحتفاء والاحتفال بها، فهي تثبت أنه مازال في مصر روائيون كبار بعد البناء الأول الأكبر نجيب محفوظ وبعد مبدعي الرواية من جيل الستينات، وبعد أن سادت هذه الايام قيم الاستسهال والتهافت الذي يصل في بعض الاحيان الي جرائم روائية.

الرواية قد تبدو بسيطة إلا أنها رواية شديدة الطول شديدة التعقيد حيث مارس المؤلف فيها كل فنون المخاتلة والصنعة الفنية بداية من العنوان، فبالطبع قد يتصور القارئ أن جيهان هي بطلة الرواية والاولي بالرعاية عند المؤلف بلا منازع، ولكن الحقيقة ان جيهان هي الشخصية الأقل انسانية والأكثر زيفا في الرواية. والرواية تعطي انطباعا انها رواية شخصيات تتقاطع وتتجاور وقد تفترق ولكن هي رواية بناء قوي رصين محسوب بعناية فائقة، يدخل بنا الي الشخصيات في دوامات مثل دوامات الرمال الناعمة لنخرج منها سالمين الي شخصية اخري ولولا هذا البناء المحكم احكاما شديدا رغم الطول الشديد لفرطت منها الشخصيات وأصبحت عملا مفككا يتكون من حلقات كمسلسلات التليفزيون المنفصلة المتصلة أو كمرايا نجيب محفوظ حيث قدم شخصيات بحد ذاتها، اما لغة الرواية والتي تبدو لغة سهلة عادية تنتمي الي الحياة اليومية فهي في حقيقتها لغة خاصة ومتنوعة نحتها المؤلف لكل شخصية بامتياز.

ترصد رواية مكاوي سعيد، الحقبة ما قبل ٢٥ يناير بأزماتها وتخبطها، من خلال ثلاث شخصيات رئيسية أحمد الضوي المهندس اللامنتمي ابن الطبقة المتوسطة الصغيرة ضحية ظروفه الشديدة التعقيد، وجيهان العرابي ابنه الطبقة المتوسطة الكبيرة التي تبدو لأول وهلة انها منغمسة في ماضي زوجها التشكيلي والحقيقة انها شخصية تعيش منغمسة في ذاتها بشكل مرضي وكاذب، وريم مطر البرجوازية الشخصية الأكثر صخبا والأكثر درامية ذات الابعاد المتنافرة والمدهشة. ومعهم شخصيات ثانوية أخري لا تقل اهمية عن الأبطال الثلاثة. عماد الضابط وعالمه الفريد المعقد بكونه ضابط شرطة مسيحيا، وصديقات جيهان بظروفهم غير الطبيعية وعائلة أحمد الضوي أمه وأبوه وخاله.

وأغلب شخصيات الرواية ضحايا وغير أسوياء حتي الطفلة الصغيرة ابنة ريم فهي طفلة غير طبيعية، وهم إما ضحايا الآخر أو ضحايا الظروف أو ضحايا عجزهم الذاتي. والمؤلف يدخل بنا في بساطة وسلاسة في اعماقهم فيقدم لنا عجزهم وزهوهم واحباطاتهم ونزقهم أحلامهم وواقعهم الصعب الملتبس وبالرغم من كل التشوهات الشخصية في كل ابطال الرواية فالقارئ قد يشفق عليهم وقد يحبهم لان مكاوي سعيد الذي يقدمهم عرايا لنا يشفق عليهم ويحبهم ويلتمس لهم الأعذار.

وقد اعطي المؤلف كل شخصيات الرواية فرصة ثانية للحياة الا أحمد الضوي اللا منتمي الذي مات في آخر الرواية في التحرير. والشخصيات اليسارية فبالرغم من حبه وعطفه علي اليسار في الرواية من خلال خاله حسام وجاره شريف الا انه أعلن موت اليسار المعنوي والمادي بشكل قاطع نتيجة ما تعرضوا له من قهر مادي ومعنوي.

والرواية تطرح علينا تساؤلاتها:

 هل في الحياة شخصيات سوية بالفعل؟ وهل كان اليسار المصري يستحق الحياة؟ وهل كان يقصد في الرواية الطبقة الوسطي المثقفة ووسط البلد فقط؟ أم انه يقصد مصر كلها؟

وهل أحب مكاوي سعيد جيهان؟