عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شوفها صح

 

 

جانبها الصواب عندما قررت أن تمزق رقم تليفونه. أقصد رقم تليفون دار المسنين التى أودعه فيها ابنه الأصغر فور أن أتم زواجه من تلك الفتاة عديمة القلب. بصراحة كلاهما يستحق الآخر. لكنها ليست هى التى أعرفها منذ سنين طويلة. عهدتها متسامحة. حنونة إلى أقصى درجة. طيبة لدرجة يصفها البعض بالسذاجة «والخيبة». تستسلم لكل مسىء وتصفح وتصفح وتظل تصفح إلى حد الاستفزاز. لديها رصيد كبير من الممكن أن تتفهم من خلاله لماذا اتخذت هذا الموقف مؤخراً مع أب قذف بها إلى أقرب رصيف. كان عمرها سبعة أعوام عندما قرر أن يستبدل أمها المريضة بامرأة عصفت بحياة أسرة بأكملها لم ترحم عجزها وهى المولودة بتشوهات فى العمود الفقرى وعظام الساقين أبقتها عاجزة عن الحركة عمرها كله. أنقذتها صديقة أمها وأبقتها معها تنفيذاً لوصية الأم التى قتلها البؤس وقسوة الزوج الأنانى. رحمة الله وحدها سخرت السيدة الطيبة فى خدمة الطفلة التى أصبحت الآن شابة تتحرك بواسطة كرسى اشترته السيدة من مالها الخاص لترى الدنيا التى حرمتها من حنان الأم فيما بقى لها أب بلا قلب. حكت لى عما قرأته فى الصحف عن الأب، الذى تنازل عن وظيفة كبرى ومرموقة وتنازل معها عن أكثر من 90% من راتبه الشهرى فى مقابل عمله كمساعد أتوبيس مدرسى، بهدف أن يتفرغ لابنته «فيكى» من ذوى الاحتياجات الخاصة. الفتاة تحقق حلمها فى السباحة مع الدلافين فى المكسيك ونشرت الصحف للأب والابنة المعاقة صوراً غاية فى الروعة قالت لى الفتاة: انظرى الأب استقال من وظيفته وباع كل ممتلكاته حتى يستطيع تحقيق حلم ابنته فى السفر. لم أكن أريد أن أسافر أو أسبح مع الدلافين فقط كنت أريد أن يضعنى فى قلبه. لم أكن أريد أن أرى العالم كنت أريد أن يضمنى بنظرة حانية، يقولون إن الأب سافر بابنته وزارا دولاً مختلفة وتمتعا معاً بالأماكن السياحية التى تميز كل بلد عن غيرها، وبالفعل أقاموا 24 رحلة بين أمريكا اليابان والمكسيك وغيرها من الدول. أبوها ضحى بوظيفته كمدير أحد أكبر المتاجر الأوروبية حتى يفى بنذره تجاه ابنته التى تعانى من «متلازمة داون»، فضلاً عن العيب الخلقى بالقلب الذى ولدت به، مما جعل الأطباء يخبرونه بحقيقة الموت الحتمى لها قبل أن تتعدى 15 عاماً، لكن بعد تعديها لهذا العمر دون أن يصيبها مكروه قرر أن يتفرغ لها وحدها.. صمتت وقالت هل كان يجب أن يخبره الأطباء بقرب موتى حتى أشعر بحنانه ليبقى بجوارى ساعة واحدة؟ ربما كان ذلك حلاً مرضياً.

منذ أيام فوجئت صديقتنا بأخيها من أبيها الذى رأته لأول مرة. عمره قد لا يصل إلى عشرين عاماً لكنه بدأ أنيقاً وعليه علامات الراحة والرفاهية بعد أن خصه أبوه بكل ما يملك ونسى أن له ابنة تحمل اسمه فى الأوراق الرسمية. بدون أى مقدمات أو إظهار لأى ود بين أخ وأخته: قال لها. ده تليفون الدار اللى أبوكى فيها علشان أنا مسافر مع عروستى. وبكل قسوة قال: انت طبعاً ما تقدريش تراعيه. انت عايزة اللى يخدمك. علشان كدة أنا وديته للى يعرفوا يتعاملوا معاه اليومين اللى باقينله فى الدنيا. وقلت أعمل بأصلى. وأعرفك مكانه. يمكن تحبى تشوفيه؟

مزقت الورقة. وألقتها خلفه حينما أغلق الباب بصوت مزعج مثل زيارته. الصادمة. ثم انهارت. وبكت بحرقة شديدة. كاد قلبها يتوقف من البكاء. قلت لها: عندك حق. ده شاب قاسى زى أبيه. فإذ بها ترد وقد خنقت الدموع كلماتها: أنا مش بابكى عليه.. أنا صعبان عليا بابا. ياريتنى ما قطعت الورقة!!!