رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

يدعوننا دوماً بالعالم الثالث أو العالم النامي أو العالم المتخلف المتعصب الجاهل الفقير... بينما نحن في الواقع وفي الحقيقة وفي التاريخ قبل الجغرافيا نحن العالم الأول حضارة وعلماً وثروة وعدداً وإن كنا نمر بتلك المرحلة المهتزة المتدنية من الخلل الفكري والسلوكي والإنتاجي ذلك لأننا قد تعرضنا للاستعمار الخارجي والداخلي ولأننا عشنا علي ماض وعلي تاريخ وعلي أمجاد أجداد ومازلنا لا نريد أن نعترف بعجزنا وبضعفنا وأن الثورة التي علينا أن نخرج بها هي ثورة علي الذات وعلي النفس وعلي كل المعوقات والأمراض التي تضرب مجتمعنا المصري والعربي... بعد أحداث فرنسا الإرهابية بدأت الأصوات والرأي العام الغربي مع المنظمات الحقوقية والدولية في تهيئة المجتمع الدولي لحملة دولية غربية تقاطع العرب والمسلمين وتخرج الجيل الثاني والثالث من الأجانب ذوي الأصول العربية والذين ولدوا وتعلموا وكبروا وشبوا عن الطوق في بلاد الغرب وبلاد الحرية والتقدم والديمقراطية كما يقولون... أحداث فرنسا أكدت ثلاث قضايا في قمة الأهمية والخطورة نعاني منها وندفع ثمن أخطائها.

الأولي قضية الخطاب الديني وحرية العقيدة والتأويل والتفسير المغلوط للعديد من النصوص القرآنية وأيضاً من الأحاديث النبوية الشريفة وهي قضية تعالج بذات الأسلوب والفكر والمنهج الذي أنشأها وكان السبب والمحرك فيما آل إليه حال من ينتمون إلي الدين الحنيف في مجال التفسير والدعوة ويحركون الجموع والبسطاء في البلاد العربية والأجنبية ويقدمون تلك الصورة المغلوطة المشوهة البعيدة عن صحيح الدين ومازال الأزهر الشريف لا يكفر الـ«دواعش» و«القاعدة» وجيش «النصرة» و«بيت المقدس» و«الإخوان» وكل الحركات الإرهابية التي تتسلح بالأسلحة وتضرب المدنيين من العرب والمسلمين والمسيحيين والأجانب وتروع العالم أجمع باسم الدين وتحت مظلة المذهبية الدينية فلقد تحولت القضية في الخطاب الديني إلي الدفاع عن السُنة أو الوقوف ضد الشيعة أو تكفير من لا ينتمي إلي فصيل مذهبي دون آخر ولم يجد هؤلاء المتطرفون الإرهابيون من يقف في وجههم ويمنعهم عن المضي في غيهم وحتي المناهج الأزهرية وكتب الفقه والسُنة والمذاهب الفقهية في التفسير القرآني وصحيح الحديث لم تتجدد ولم تتبع منهجية البحث العلمي الجديد والحديث ولم تتطور مع متغيرات العصر دون الدخول في الأركان الخمسة وفي الفروض والعقيدة.. وحتي يومنا هذا مازال الإسلام يتعرض إلي السياسة وتتداخل المصالح والمطامع فيمن يمول وفيمن يحرك وفيمن يمنع أو يمنح البركة والرضا والقبول مع كثرة المتداخلين والمتشددين ومن يتمسكون بالشكل دون المضمون حتي وصلنا إلي أن صار الإسلام مرادفاً للدماء وللإرهاب وللخوف وإن ادعي الغرب غير هذا فإن الصورة الذهنية عن الدين الإسلامي وعن العرب تحتاج إلي سنوات حتي تتغير وتنصلح ويعرف الآخر اننا دين الرحمة والتسامح ودين الحق المبين ولسنا دعاة قتل وحرق وترويع وتكفير للآمنين... هذا الخطاب الديني وتلك المناهج والمذاهب بحاجة إلي ثورة فكرية حقيقية وليست لقاءات وخطابات واستقبالا لا يرقي لمكانة أهل العلم والفقه للسائحين بشرم الشيخ؟!

الثانية قضية المنظمات الحقوقية والدولية لحقوق الإنسان وللنشطاء وللمجتمع المدني والتي أثبتت بالتجربة الحية انها غير موضوعية وغير أمينة ولا تملك مصداقية وإنما هي بأكملها منظمات تمولها جهات أمنية غربية تحرك دولنا في العالم المسمي الثالث وفق رغباتها ومصالحها لأنه بعد إرهاب فرنسا وإعلان حالة الطوارئ القصوي في باريس وفرنسا وغلق الحدود ونزول الجيش والشرطة الفرنسية إلي الشارع بقوة وكثافة ومع قسوة الاجراءات الأمنية وعنفها لم تسمع أي منظمة حقوقية تعترض ولا ترفض ما يجري علي أرض أجنبية ولم نجد أي ناشط أو ثائر أو حقوقي يدافع عن العرب والمسلمين ممن يحملون الجنسية الأجنبية أو من المقيمين والمهاجرين إلي تلك البلدان وحتي المنظمات العربية والمصرية في بلادنا لم تشجب الطوارئ الفرنسية ولم ترفض وتبدي اعتراضها علي منع التظاهر في فرنسا أو نزول الشرطة والجيش إلي الشارع الفرنسي ودخول دور العبادة... أما السادة النشطاء الثوريون من العرب والساسة والمثقفون في بلاد العرب وبلاد مصر المحروسة فانهم قد التزموا الصمت الرهيب بل وأبدوا التعاطف والمواساة للغرب ولأهل باريس لدرجة وضع العلم الفرنسي علي صدرهم وعلي الأهرام الثلاثة والتضامن مع القتلي والمصابين ونحن نفقد كل يوم مئات الأبرياء بريف إدلب ودمشق والرمادي والبصرة وغزة والضفة وطرابلس ونابلس وبنغازي وسيناء والعريش ورفح إلي القاهرة والجيزة وكل بقعة شريفة في أرض بلادي... لقد تعودنا علي مشاهد الذبح والحرق والأشلاء وعلي أصوات القنابل والمفرقعات ومع هذا يصر الغرب وجمعياته علي أن يتهمونا بالتقصير الأمني وبأن حالة الطوارئ لا يجب أن تستمر في بلد يعاني من ويلات المؤامرة الدولية والتسليح الغربي- الأمريكي لتلك الجماعات التي يحتضنونها في بلادهم ويمولونها ويمدونها بالسلاح والتدريب والاستخبارات المتطورة... ولتسقط كل تلك الجمعيات التي تدعي الإنسانية وهي لا تعرف إلا المصالح وتعبد عجل «أبيس» الذهبي... القضية الثالثة هي قضية الاعلام ومهنية ذلك الجهاز الخطير في حروب الجيل الرابع والتي تطورت لتدخل مرحلة التنفيذ الفعلي للحرب الكبري علي مستوي العالم.. فلم تعد الحرب حرب حضارات أو صراعا بين أفكار وأخري وثقافات وغيرها إنما ظهر من خلال الاعلام أن الحرب هي حرب السلوك وحرب الأخلاق التي يتم تدميرها مع الروح المعنوية والوطنية والانتماء عبر أصوات اعلامية تعيش علي الصراخ وعلي السباحة ضد المجتمع للربحية وللنجومية ولا تراعي المنظومة القومية والوطنية ولا تفكر في الارتقاء بالأخلاق وتنمية الوطنية وتذكية روح التماسك في أوقات الشدة وإنما أصبح الاعلام في بلادنا بوقاً للسخرية من الواقع وجلد الذات وأشاع روح اليأس والتشاؤم ووأد الأمل في التغيير ولم يفلح الاعلام في أن يبني لأنه اعلام الهدم والتشكيك بعكس الاعلام الغربي الذي لم يظهر أي صورة جارحة أو هادمة لأي جثة أو جريح أو أهل متوفي أو مصاب وإنما احترم الخصوصية والإنسانية ولم يساهم في إشاعة روح الفوضي والإحباط والخوف ولم نر حوارات أو لقاءات ضد الشرطة وتقصيرها أو الجيش أو الحكومة الفرنسية.. حالة تكاتف كاملة مع الوطن ومع الأمن ومع الحكومة والرئيس الفرنسي.. هذا هو الاعلام الغربي والفرنسي الذي يعرف أن الرأي العام هو السبيل إلي الدمار أو إلي البناء ومن هنا فإنها ليست صراعاً بين حضارات وإنما قد كشف الستار عن الحرب التي هي حرب وجود بين الاستعمار الذي يملك التكنولوجيا وبين الشعوب التي لديها ثروات وحضارات سابقة وبشر فقدوا الهوية وفقدوا الأمل في الحياة... نحن العالم الأول هكذا بدأنا وهكذا سوف نعود.