رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

إذا كان صحيحا ما قاله أحد المسئولين الروس أن التحقيقات حول حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء قد يستغرق أكثر من عام، فيصبح من المهم والضرورى ، قبل أن تهدأ العاصفة ، أن تتعامل الإدارة المصرية مع كل الاحتمالات، بما فيها احتمال سقوط الطائرة بعمل إرهابى، خاصة أن وكالة رويترز نقلت عن عضو من أعضاء لجنة التحقيق  البالغ عددهم 57 عضوا قوله ، إن « المحققين  متأكدون بنسبة 90% أن صوت الضوضاء الذى سمع فى الثانية الأخيرة من تسجلات الرحلة كان صوت قنبلة «. والتعامل مع هذا الاحتمال يسمح لنا ألا نغلق على أنفسنا باب التعلم والاستفادة مما يلحق ببلدنا من مصائب، ولكى نعالج الثغرات التى قد تضر بمصالحنا الحيوية  ، ومن بينها التحسب، بدلا من المفاجأة ،للمواقف الغربية والأمريكية المعادية، التى لن تتسامح مع الدولة المصرية ،بعد أن حالت بينها وبين  زحف مخططها لتقسيم دول المنطقة،  وتفكيك كيانات الدولة الوطنية ، بما فيها مصر ،على أسس مذهبية وطائفية وعرقية فى ثورة الثلاثين من يونية  وفى الثالث والسادس والعشرين من يوليو  2013.

 فإذا صح ما ادعته جماعة أنصار بيت المقدس ، التى أعلنت قبل شهور مبايعتها لزعيم تنظيم داعش، وولاءها له، وغيرت أسمها إلى «ولاية سيناء» من أنها المسئولة عن إسقاط الطائرة الروسية، حيث زعمت  فى بيان قصير لها  «لقد تمكن جنود الخلافة من إسقاط طائرة الركاب الروسية  فوق سيناء» فلا يجوز الاطمئنان إلى التفسيرات التى ذهبت  إلى  القول إن هذا العمل الإرهابى موجه ضد روسيا وحدها بسبب تدخلها العسكرى ضد داعش وبقية التنظيمات الإرهابية فى سوريا .ليس لأن نتائجه كارثية على قطاع السياحة المصرى فحسب، بل لأن حملة حق الشهيد التى تقودها القوى الأمنية من اجل تطهير سيناء من البؤر الإرهابية  التى تزايدت بعد عام 2011 مازلت مستمرة ، بعد أن حققت جزءا كبيرا من أهدافها، فكان من المهم أن تستخدم القوى الإرهابية توحشها  فى عملية كبرى تستعيد بها الثقة فى النفس ، وتؤكد أنها غير محاصرة  برغم هذه  الحملة  وأنها لاتزال موجودة  وفاعلة ولم تهزم بعد، فى حرب نفسية واضحة المعالم، وهى جزء من مخططها للحط من معنويات قوى الجيش والشرطة المشاركة فى الحملة، ولاستنزاف قدراتها وتشتيت جهودها .

و مع انتظار الحقائق التى ستكشف عنها نتائج التحقيق فى سقوط الطائرة ، وقبل أن تهدأ العاصفة ، وحتى لا تعود الأمور بعد هذا الحادث الفاجع ، مثلما كانت قبله ،علينا بالبدء فورا فى إعادة النظر فى اجراءات الأمان فى كل المطارات المصرية، وإشراك شركات الطيران العالمية العاملة فى مصر فى عمليات  تفتيش الحقائب والمسافرين ومد تلك المطارات باعداد عالية الكفاءة والتدريب من الضباط المؤهلين . ففى كل بلاد العالم تتشدد الاجراءات مع المسافرين تجنبا للعمليات الإرهابية المحتملة، ويجرى مراجعتها فى فترات قصيرة لسد الثغرات التى تنشأ من تطوير الإرهابيين لوسائلهم  وتحديث عملياتهم التى تعتمد على استراتيجية  إبقاء الحرب معهم مستمرة  وفى أماكن ولإهداف متفرقة ، لتشتيت  جهد مقاوميهم واستنزافهم .

نحتاج الآن أكثر من أى وقت مضى إلى دراسة موسعة  وعاجلة ، تستهدف الكشف عن حجم ودرجة التنسيق بين داعش سوريا والعراق ، وبين الإرهابين فى شبه جزيرة سيناء ، وبينهم وبين نظرائهم فى ليبيا واليمن  وغزة، وحجم الدعم المالى واللوجستى  الذى يتلقاه تنظيم أنصار بيت المقدس، وكيفية وصوله إليه داخل سيناء ، من أجل أن تكمل حملة حق الشهيد مهامتها بنجاح، بتجفيف تلك المنابع التى تمد الإرهابيين بأسباب البقاء وإضعاف سلاح الإعلام والميديا الذى يستخدمونه بمهارة . وهذه مهمة ليس أمامنا سوى الاعتماد على النفس لانجازها ،دون  التعويل على انتظار الدعم من أحد ، لاسيما أن تنظيم داعش آخذ فى النمو  والتمدد ويزداد ثراء من نهب آثار العراق والمتاجرة بها وبيع بتروله فى السوق العالمى بأبخس الأسعار ، بعد التحالف  الدولى الذى شكلته الولايات المتحدة لمحاربته. ومن البديهى أن التوجه الذى تصر عليه الإدارة الأمريكية وحلفائها الغربيين، والساعى إلى دمج جماعة الإخوان فى العملية السياسية فى مصر وبقية الدول العربية ، بخرافة أنهم القوى الأكثر إعتدالا فى تيار الإسلام السياسي، وبزعم أنهم بذلك باتوا أكثر قدرة على التصدى للقوى الدينية المتشددة، هذا التوجه لم يكن ينقصه الذرائع ،لكن حادث الطائرة  جدد التأكيد عليه بالمواقف  الاستعمارية الضاغطة على السياسة المصرية من كل من لندن وواشنطن.

ليس من مصلحة الدولة المصرية أن تبدو متهيبة من أية احتمالات تسفر عنها التحقيقات، حتى ولو كان احتمال تفجر الطائرة جراء زرع الإرهابيين لقنبلة بداخلها، فالإرهاب بات عابرا للدول والقارات ، والولايات المتحدة بما تملكه من أجهزة تجسس وتخابر متقدمة وحديثة  لم تستطع أن تتفادى تحطيم البرجين الشهرين  فى أحداث سبتمبر2001، كما لم تسطع بريطانيا وأسبانيا وفرنسا  أن تحمى أنفاقها ومحطات المترو بها من عمليات إرهابية مماثلة . ودعوة الرئيس السيسى  لضرورة توحيد الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب فى كل مكان ودون استثناءات ،سوف تبقى دعوة حسنة النية، وسط عالم يحكمه قرار دولى لا يحترم سوى الأقوياء، وباستطاعتنا امتلاك هذه القوة  ،حين نحدد عناصر الضعف والقوة فى حربنا ضد الإرهاب، وحين نتوصل بالعلم والدراسة والتخطيط  والعقل السياسى  العفى والراشد لحلول منطقية لمشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية ،عند ذلك فقط يكون الطريق ممهدا لمقاومة كل أشكال الضغوط، وهزيمة الإرهاب ومن يدعمه، دولا كانت أم أفراد.

[email protected]