رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

غدًا يبدأ الناخبون المرحلة الثالثة والأخيرة من خارطة المستقبل، بالتصويت لاختيار مجلس النواب الجديد، الذى يعد بحق برلمان ثورة 30 يونية المجيدة، التى أسقطت بجسارتها وتصميمها، ووعى  ووحدة أبنائها، وبمساندة جيش مصر الوطنى، حكمًا دينيًا فاشيًا جاهلاً وفاشلاً ومتاجرًا بالدين، فأفشلت بذلك مخططًا أمريكيا  فاجرًا لتقسيم مصر، وإدخالها فى حروب أهلية طائفية تقضى على الأخضر واليابس، لتنعم إسرائيل بالاستقرار, وتواصل استفرادها بالشعب الفلسطينى، بملاحقته وقتله والاستيلاء على أرضه، ودفعه للهجرة والتوطين فى إمارة سيناء الإسلامية، وهو الحل العبقرى للقضية الفلسطينية الذى كانت تخطط لتنفيذه هيلارى كلينتون مرشحة الرئاسة الأمريكية الآن.!

يخطئ من يظن أن المعركة مع المتاجرين بالأديان والأوطان، قد انتهت، بل هى بدأت فى الثلاثين من يونية – ولعلها قد بدأت مع نهايات القرن التاسع عشر ومازالت مستمرة - وسوف تمتد وتطول لسنوات قادمة, حتى  تستنير العقول  وتتحرر من أثقال الجهل والفقر والمرض  والخرافة  والتخلف والتهميش، وتنهض لبناء مصر الجديدة, دولة مدنية ديمقراطية حديثة، تحى  شعار ثورة 19 العلمانى, الدين لله والوطن للجميع, وتلبى نداء سيدنا المسيح بترك ما ليقصر لقيصر، وما لله لله، وتنفذ دعوة رفاعة الطهطاوى إلى إحلال أمة العقل، بديلا عن أمة النقل. تلك هى المبادئ التى شكلت الروافع لرواد الإصلاح فى مصر الحديثة، ويسعى تيار الإسلام السياسى منذ بروزه لتحطيمها، فى سياق صراعه المحموم على السلطة وسعيه للاستئثار بالحكم، بزعم أنها ضد الهوية المصرية، التى تشكلت عبر قرون، من امتزاج الثقافات الفرعونية والرومانية واليونانية والقبطية والعروبية الإسلامية، والتى بات يختزلها، فى تفسيره الجاهل والانتقائى والقاصر للدين الإسلامى وتعاليمه وشرائعه، ويحصرها فى مظاهر التدين الشكلى التى قصرها على ارتداء  النقاب والحجاب وإطلاق اللحى وتقصير الجلباب وإبراز علامات الصلاة ورفض مصافحة النساء، وكتابة الشعارات الدينية على المبانى والمركبات، وتكفير المخالفين فى الرأى والدين والسياسة، وإصدار الفتاوى بقتلهم، بتصوير أنفسهم وكأنهم مندوبو الله على الأرض، وأوصياء على عقول المواطنين، فنفروا الناس من الإسلام بنشرهم تلك الأفكار المشوهة عنه، لاسيما فى الأوساط الشعبية، وواصلوا افتعال مشاكل شبه يومية بين المهاجرين الإسلاميين والدول الغربية، حيث  يرفضون الأمتثال لقوانين البلاد التى لجأوا إليها، بجعل معركة النقاب عنوانا للهوية الإسلامية، بما يروج للأفكار العنصرية التى برزت بعد انتهاء الحرب الباردة عن الصراع الحتمى بين الحضارة الغربية وبين المسلمين، ويعيد انتاج ثقافة الكراهية الإستعمارية بين الحضارات.

تلك المعارك وغيرها يجرى استخدامها الآن فى مجال التوظيف السياسى للمعركة الانتخابية من قبل السلفيين وأنصارهم  فى تيار الإسلام السياسى، على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات، فيتم الغش والكذب والتدليس باستخدام خطابين مزدوجين متناقضين، أحدهما  معلن للمجتمع يشارك فيه السلفيون فى إصدار خارطة المستقبل فى الثالث من يوليو 2013، وفى لجنة الخمسين التى صاغت التعديلات الدستورية، والثانى سرى لأعضائه وقواعده، يحرض على من يسميهم النصارى والصوفيين والليبراليين  والعلمانييين، والشيعة ويوجه برفض تحية العلم والسلام الجمهورى، وبهدم التماثيل والأضرحة  على اعتبار أنها أصنام، ويهاجم كل أنواع الفنون ويحرمها ويشجع على رفع الدعاوى القضائية على مبدعيها، ويحرض عليهم فى قنواتهم الفضائية، ويحث على ارتداء النقاب، ونشر ما يقولون إنه الفضيلة على طريقة هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، تمسكًا بالنص الدستورى، على أن  مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، فى نفس الوقت الذى يتهمون الحكومة بالعلمانية الكافرة، ويدعون للاحتشاد لانتخاب مرشحيه، لتعديل القوانين لتطبيق ما يقول إنه شرع الله وإقامة دولة الخلافة الإسلامية، بالأفتاء بأن التصويت لأعضائه هو صدقة جارية!

إعادة إنتاج حكم الإخوان بطبعة سلفية، هو ما يصبو إليه حزب النور الدينى وأعوانه من مرشحى التيار الإسلامى، استنادًا إلى عوامل عدة بينها  حصوله فى برلمان الإخوان على 25% من مقاعده، ومراهنته على دعوات خبيثة يجرى الترويج لها الآن على شبكات التواصل الاجتماعى تدعو لمقاطعة التصويت فى هذه الانتخابات، لينتهى الأمر بانفرادهم بالساحة الانتخابية التى يملكون بحكم تمويلهم السخى القدرة المالية والتنظيمية على حشد أنصارهم فى اللجان ليحسموا النتائج لصالحهم.

ارتفاع نسبة التصويت فى هذه الانتخابات، هو عمل وطنى بامتياز لأنه سيحد من نفوذ من يدخلون البرلمان ليؤذنوا لا ليشرعوا ويراقبوا السلطة التنفيذية، ومن دعوا لغزوة الصناديق فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية إبان حكم المجلس العسكرى، ومن روج أن من يصوت لهم سيدخل الجنة، ومن قاد غزوة الأسيرات للمطالبة بالافراج عن الأختين وفاء وكاميليا بعد أن أشاعوا  أن الكنيسة تحتجزهما وأوشكوا على تحويل المعركة إلى حرب  طائفية، ومن سحل مواطنا أمام اسرته ومنزله لأنه شيعى، ومن حاصر مدينة الأنتاج الإعلامى والمحكمة الدستورية العليا لإسكات صوتيهما المعارض للنزوع الاستبدادى الاحتكارى والفاشل للحكم الإخوانى، ومن حرق الكنائس والأديرة وحرض على مقاطعة غير المسلمين، ومن هدد بحرق مصر من فوق منبر اعتصامى رابعة والنهضة.

54 مليون مصرى ممن لهم حق التصويت بينهم 49% لأصوات النساء بيدهم وحدهم وليس بيد غيرهم، إسقاط المتاجرين بالدين والمشوهين لمثل الإسلام العليا، ودعاة القتل والنحر والتخريب  ومخاصمة الحياة بالترويج لثقافة الموت، وهدم الحضارات ونهب ثرواتها التاريخية، والساعين لوأد أحلام المصريين ببناء وطن تررف عليه رايات العدل الاجتماعى والحرية، ودولة مدنية ديمقراطية حديثة، تشغل مكانة تليق بها، وتمتلك القدرة على المنافسة السياسية والاقتصادية فى عالم لم يعد يحترم سوى الأقوياء بشعوبهم وبمنجزهم الحضارى. وغدًا يصنع الناخبون الواعون مسقبل مصر الجديدة.