رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

كلام

لست مع الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، فى تمسكه بقرار سابقه الدكتور محب الرافعى وزير التربية والتعليم السابق، لتحقيق الانضباط بالمدارس.. ولست مع الزميل الأستاذ سليمان جودة فى دعمه وتحمسه لهذا القرار، الذى يخصص عشر درجات للسلوك والحضور لتلاميذ الثانوية العامة.. ومن ينظر فى آلية تنفيذ القرار ــ كما أعلنها الوزير السابق ــ يجد أنَّ الدرجات العشر تمنحها لجنة مدرسية مشكلة من مدير المدرسة، ووكيلها لشئون الطلاب، وعضوين من مجلس أمناء وآباء المدرسة، إضافة إلى الأمين والأمين المساعد لاتحاد طلاب المدرسة، ولولى الأمر التظلم على درجات ابنه أمام لجنة الحماية الفرعية فى الإدارة التعليمية التابع لها التلميذ، ويتم تدوين درجات السلوك والحضور فى سجلات خاصة، ويُخطر بها ولى الأمر شهريًا.. وتنفيذ هذا القرار بات مرهونًا بلجان فى المدارس وأخرى بالادارات التعليمية.. ونعلم أنَّ القرارات إذا أردتَ تعطيلها شكَّلتَ لها لجانًا، وأنا أتمنى ذلك؛ لأنى ضد هذا القرار الذى يجب تعطيله فورًا لأسباب جوهرية عِدَّة سأسردها حالًا.

فالواقع يؤكد أنَّ الانضباط لا يتحقق بقرارات، والمدارس اليوم لم تعد دورًا للتربية، كما أنَّ معظمها لم تعد مناسبة للتعليم.. والتمسك بإلزام تلاميذ الثانوية بالحضور فيه ظلم لهم، لأن مدارسهم لا تُقدم تعليمًا، فالمدرسون لا يشرحون فى الحصص المدرسية، ومعظمهم غير مؤهلين للتدريس فى الأصل، وكثافة الفصول وصلت إلى أكثر من ستين تلميذًا فى الفصل الواحد، وربما لو تغيب بعضهم لأتاح فرصة للآخرين للتعلم فى بيئة مناسبة.. وتنفيذ القرار بالصورة التى أعلنها الوزير فيه عبء على الإدارة التعليمية فى المدارس والمديريات.. ويبدو أنَّ وزير التربية والتعليم لا يدرى شيئًا عن حال التعليم وحال المدارس وحال المدرسين، فهى جميعًا لا تُقدِم تعليمًا بالمرة، ويكفى دليلًا على تردى حال التعليم أنَّ الآلاف من خريجى المدارس الاعدادية والثانوية تخرجوا بشهادات نجاح وهم لا يعرفون كتابة أسمائهم.. ولو أنَّ المسئولين أدركوا سوء التعليم وقلة الامكانيات، لانصبَّت اهتماماتهم على تحسين التعليم وضمان جودته.

أنا شخصيًا رأيت بعينى كيف ساء حال التعليم بسوء حال المدرسين، وسوء حال المدارس وسوء حال الادارة، وضعف الامكانيات.. رأيت مدارس ليس بها عُمال نظافة، يتشارك أولياء الأمور فى تدبير مكافآت لعمال بالأجر اليومى. وقمت بنفسى بمسح مقعد ابنى من التراب الساكن فوقه منذ شهور، وشاركته وبعض زملائه فى نظافة فصله، لعدم وجود عُمَّال.. ورأيت مدارس دورات المياه فيها مُعطلة، ومقاعد التلاميذ مهلهلة، وتابعت يومًا دراسيًا كاملًا مع ابنى فى اسبوعه الأول بمدرسته الجديدة، لم يدخل له وزملائه مدرسون فى كل الحصص لوجود عجز فى المدرسين.. ولم يعد فى المدارس شئ يجذب التلاميذ، لا أنشطة مدرسية، ولا تنمية لهوايات، ولا حتى تعليم، ثم يأتى رئيس الوزراء ووزير التربية ومعهما اعلاميون يُسانِدونهما وكل همِّهم حضور التلاميذ، بصرف النظر عن عدم ملاءمة المدارس للتعليم ولا للتربية!!

العالم الآن يُطبِّق التعليم الالكترونى عن بُعد بِلا حضور وبلا مدارس، وهو نظام أوفر بكثير من نظامنا العقيم، الذى مازال يتمسك بدفتر الحضور والانصراف كموروث مُقدَّس من أيام عبد الروتين.