رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

بدأ حزب النور السلفى وأعوانه من تيار الإسلام السياسي المعركة الانتخابية بداية مفضوحة ، حين فتحوا الأرشيف على وزير الثقافة الجديد «حلمى النمنم» واستخرجوا منه تصريحا له  منذ  عدة سنوات ,قال فيه أن المصريين طول عمرهم متدينون، وأن مصر فى مختلف عهودها دولة علمانية تفصل بين الدين والسياسة . ولأن التيار الدينى هو الذى شيطن مصطلح» العلمانية «,وادخل فى أذهان جماهير البسطاء من المواطنين الاعتقاد بأنه دعوة للفصل بين الدين والمجتمع لا الدولة ,وترويج للكفر والإلحاد، فقد سارع حزب النور بتجنيد مليشياته الإلكترونية لشن حملة ضارية على شبكات التواصل الاجتماعى ضد الوزير مطالبا بإقالته ،وداعيا التيار الإسلامى إلى التوحد للدفاع عما سماه الهوية وثوابت الشريعة، وأرسل له تهديدات على تليفونه المحمول.!

 وما كادت الحملة على الوزير «النمنم» تشتعل وتنتقل إلى الفضائيات والصحف,حتى بدأت حملة  ضارية أخرى على القرار الذى اتخذه رئيس جامعة القاهرة الدكتور «جابر نصار» لمنع المنتقبات من أعضاء هيئة التدريس من ارتداء النقاب فى قاعات المحاضرات ،فى بعض الكليات، بهدف ضمان التواصل الإنسانى  والعلمى بين الطلاب والأساتذة،ومع أن القرار قاصر على رفع النقاب عند إلقاء المحاضرة فقط  ،لتصبح من تضعه حرة فى ارتدائه خارج قاعات التدريس ,وحتى داخل الحرم الجامعى نفسه، لكن الدنيا قامت ولم تقعد حتى هذه اللحظة، حيث انتفض السلفيون داخل حزب النور وخارجه لإعلان النفير العام ضد قرار رئيس الجامعة ، فدعا  أعضاءه وحلفاءه من التيارات الدينية ، فى مشهد تمثيلى ركيك ,يحفل بالنصب والتدليس لانتخابه, حتى لا يمنع النقاب من مصر، مع أن الدكتور نصار لم يكن يدعو لمنع النقاب من البلاد ،بل يحظر ارتداءه فى قاعات الدرس وفى المعامل ،ويقصره  على كليات التمريض والطب والآداب ودار العلوم ،ويخير من تتمسك بارتدائه وفقا لتلك الشروط، بالانتقال إلى عمل وظيفى آخر داخل الجامعة لا علاقة له بالتدريس للطلاب، خاصة أن 95% منهن تتوقف مسيرتهن العلمية عند درجة مدرس، بما يضعف فرص استمرارهن فى سلك هيئة التدريس. وفى خطوة تسعى لإرهابه معنويا ودفعه للتراجع عن القرار ،تقدمت 77 من عضوات هيئات التدريس المنتقبات وغيرهن ، بطعن  أمام محكمة القضاء الإدارى لوقف قرار الدكتور نصار ،الذى أكد أنه لن يتراجع عن تنفيذه خدمة للصالح العام .

ولم يكن من قبيل الصدف أن تلجأ المنتقبات لتقديم هذا الطعن  إلى مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الذى تخلى  منذ  زمن عن اعتماد المعايير الحقوقية فى عمله ،وانغمس بكليته  فى الإثارة السياسية ، ولايزال يمارس دورا تخريبيا فى الداخل والخارج دعما لجماعة الإخوان ، بزعم دفاعه عن حقوق الإنسان، التى يهدرها ويدوس عليها بالأقدام كل يوم  من يحسبون على الجماعة فى أنحاء المدن المصرية . وتكشف التبريرات الواهية التى يسوقها رئيس مركز القاهرة لتقديمه الطعن للمحكمة باسم المنتقبات  عن هذا اللون من التفكير الإثارى الملتوى الذى يتقنع بالدفاع عن الحريات الشخصية، فيما هو يهدر حقوق المجتمع وحقوق مؤسساته المختلفة  فى تطبيق  القوانين التى تتعارض مع النظام العام ، بقوله أن القرار مخالف للعهود الدولية والقوانين التى تصون الحرية الشخصية ،وأنه كان من الأولى لرئيس جامعة القاهرة أن يمنع العاريات ،لا المستترات من دخول الجامعة. ومن المفهوم بداهة أن  العاريات لا يدخلن أية جامعة أصلا ، ناهيك عن أن تكون جامعة الفاهرة ، كما أن المواثيق الدولية  تلتزم بمبدأ حاكم ، هو أن تقوم الحرية الشخصية ، على حق المواطن فى أن يمارس كل عمل لا يضر بالآخرين ، ووفق النظام العام ، فما هو هذا النظام العام  يا ترى الذى يسمح لأستاذ جامعى  أن يحاضر طلابه بشورت مثلا  أو جلابية وشبشب   زنوبة  ، ويبيح لأستاذة أن تظهر أمام طلابها كشبح  يكسوه السواد؟!

الجدل الفقهى والقانونى والقضائى الذى تشهره الجماعات السلفية المتشددة داخل أسوار الجامعات وخارجها بشأن النقاب ، هو خطاب دعوى ، يستخدم الآن بكثافة لأغراض انتخابية وسياسية ،لنشر النقاب فى المدارس والجامعات ومؤسسات الدولة  كدليل على قوة التيار السلفى ، تماما كما زعم الإخوان من قبل أن اتساع نطاق ارتداء الحجاب هو دليل على قوتهم فى الشارع ،لخداع الناخبين وايهامهم أنهم من سوف يستولون على مقاعد البرلمان القادم ، فيضمنون بذلك أن يمتنع معارضوهم عن التصويت كى ينجح مخططهم!

معركة سياسية بامتياز لا علاقة لها بالتدين  من قريب أو بعيد ،إذ ما الذى يمكن  أن يخدش حياء المنتقبة وهى  تعلم أطفال الحضانة؟ ألم يجمع  علماء الدين من كافة المذاهب، فضلا عن دار الافتاء والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، ومشيخة الأزهر على أن النقاب مجرد عادة وليس فريضة إسلامية ؟.  لقد استند هذا الإجماع إلى درسات أنثروبولوجية والدراسات المقارنة بين الأديان التى أظهرت أن النقاب عادة قبلية انتشر فى بلاد الرافدين قبل ظهور الديانات وتمت الإشارة إلى ارتدائه فى العهد القديم والتلمود. وهى معركة لا علاقة لها بالإيمان  الذى يقول عنه القاضى العالم الحسن البصرى  «ليس الإيمان بالتمنى  ولا بالتحلى» بل هو « ما وقر فى القلب وصدقه العمل» فما هو وجه التدين والإيمان فى التهديدات التى يتلقاها الدكتور جابر نصار  إذا لم يتراجع عن قراره؟

كما أنها  بكل وضوح معركة تدين شكلى لأهداف انتخابية ،يجرى اشعالها على حساب المصالح العامة للدولة والمجتمع ،التى تم الاعتداء عليها بارتداء النقاب لارتكاب جرئم قتل وسلب ونهب وإرهاب وتزوير فى محاضر رسمية  واحتيال فى امتحانات وبنوك وخطف أطفال  حديثى الولادة  وارتكاب جرائم زنا وخيانات زوجية وفرار من  البلاد عبر المنافذ البحرية والبرية ، والهروب الجماعى لقادة الإخوان من الاعتصام المسلح فى ميدان رابعة العدوية ،هذا هو النظام العام الذى يدافع عنه رئيس جامعة القاهرة، والمواد الدستورية التى يشهرها هؤلاء المتشددون فى وجهه لا علاقة مباشرة لها بالموضوع محل الخلاف، بل هو محاولة مفضوحة أخرى لإضفاء غلالة  حقوقية وقانونية ودستورية  فى قضية تشكل أعتداء صارخا على الصالح العام،وهى محاولة لم ترهب حلمى النمنم ولن ترهب جابر نصار ولا غيرهما من أصحاب العقول المتحررة المستنيرة الواعية فى أرجاء بلادى .