رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

كلام

والد أحد الشهداء مات ابنه الجُندى مقتولًا برصاص الارهاب فى سيناء، جاءنى يشكو من إهمال الدولة لأسر الشهداء عمومًا.. هو شخصيًا يعيش فى ضيق من العيش من قبل أن يستشهد ابنه ومِن بعده، فقد فقد حرفته بعد أنْ أُصيب بكسور، جعلته غير قادر على العمل. كان يستعجل انتهاء خدمة ابنه؛ حتى يُساعده فى تجهيز «مطرحين» وحمام ليزوجه فيها.. القدر لم يُمهِله، فلم يرَ ابنَه عريسًا فى «الكوشة»، بل رآه شهيدًا محمولًا فوق الأعناق فى نعش، مخضبًا بالدماء، بدلًا مِنَ الحِناء.. يحكى الرجل الذى لم يتجاوز الخمسين عن ابنه بشغف.. حاول أنْ يمنع دموعًا لمعت بها عيناه ففلتت مِنْ بين جفنيه، لتسيل بغزارة.. اجهشَّ فى البكاء بِحُرقَة.. هدأتُهُ وماكاد حتى استأنف حديثه وكانت المفاجأة.. يقول إنَّ مستوى معيشتهم لم يتغير مِن زمن، فقد اعتادوا العيش على ماقدَّرَ اللهُ لهم ، لكن مايُحزنه ويؤلمه، أنه يسكن فى منزل يواجه منزلاً لوالد شاب مات مقتولًا فى أحداث رابعة، أهلُهُ يعتبرونه شهيدًا، ويتباهونَ ببطولات لم يصنعها، والأكثر والأدهى والمؤلم أنَّ منزل «الربعاوى» كما يصفونه، يكاد لا يخلو مِن زوار «أغراب».. عشرات المرات تأتى سيارات ليلًا، ينزل مِنها رجالٌ مُلتَحون، ونساءٌ محجبات ومنتقبات، يحملونَ حقائب يقدمونها لأسرة الشاب «الربعاوى».. تكررت الزيارات وتبدَّلت الأحوال.. ظهرت علامات الغِنى، ولاحت أمارات الثراء.. جدَّدوا منزلهم وأضافوا له طابقين.. لَبِسوا الغالى على غير ماتعودوا.. هذا ما أحزن أبًا لشاب استُشهِدَ فى مواجهة مع الارهابيين، كافأته الدولة بقرار ــ لم يُنَفَّذ ــ لوزير الشباب قرر إطلاق اسمه على مركز الشباب بقريته، لم تجد مديرية الشباب ميزانية لكتابة لوحة تحمل اسم من ضحى بنفسه فداء لوطن لم يقدره مسئولوه.. استخسروا فى ابنه حتى الاسم مكتوبًا على «يافطة» على باب مركز شباب مهجور.. لم يَكُن ابنه أول الشهداء فى سيناء، ولن يكون الأخير.. روت دماء آلاف المصريين رمال سيناء منذ فجر التاريخ، فنبتت على آخر الزمن شياطين يعيثون فيها إرهابًا.. فى أقل مِن عامين استُشهِد فيها المئات.. وغداً دماءٌ جديدة ستسيل فى صحاريها، فماذا نحن فاعلون لأسر هؤلاء الشهداء؟

بعد أحداث يناير حصل كثيرون ــ بالابتزازــ على لقب «شهيد»، ونالت أُسَرُهُم  الرعاية والتكريم..  والآن نسأل : ماذا قدمنا لأسر الشهداء الذين يتساقطون كل يوم بيد الخِسَّة والخيانة والإرهاب الأسود؟.. صحيح هناك مبادرات محمودة من أفراد بالمجتمع تُعبر عن تقدير للشهداء، لكنها لا تكفى.. فالليلة يُقيم المهندس الاستشارى ممدوح حمزة عزاءً شعبيًا بدار عمر مكرم ، تكريمًا لشهداء حادث تفجير نقطة كرم قواديس العسكرية، بجنوب الشيخ زويد بشمال سيناء، الذى حدث يوم الجمعة الماضية، لكن ذلك لا يكفى رغم أهميته.. وبالأمس تبرع رجل الأعمال المهندس محمد المرشدى، بمبلغ 100 ألف جنيه لأسرة كل شهيد فى الحادث الأخير، وهذا أيضًا لا يكفى رغم عظمة المبادرة.. فمن سيُكرِّم ويكافئ من سبق هؤلاء الشهداء ومَنْ يتبعهم؟.

اليوم وليس غدًا لابد وحتمًا مِن قرار بإنشاء صندوق لرعاية كل أسر الشهداء، سأكون أول المتبرعين فيه، فقد سبقنا الاخوان الارهابيون بصندوق يكافئون ويرعون منه أُسر المحبوسين والمسجونين والمصابين والقتلى، بلا حدود.