رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

كلام

بمقارنة مشكلة «الزبالة» التى أشعلت لبنان، مع مثيلتها  فى مصر نجد أنَّها هينة جدًا هناك، غير أنهم لا يُجيدون التعامل والتعايش مع المخلفات والنفايات مثلنا. فالمسئولون عندنا فشلوا فى إزالة القمامة والمخلفات، ونجحوا فى تربية الشعب على القبول برؤية الزبالة والسير فوقها والجلوس بجانبها، والنبش فيها، والأكل منها، وحرق بقاياها، أو إلقائها فى المجارى المائية. وأصبحت القمامة من معالم مصر، نُنشِئ لها «مقالب» بالقرب من المساكن والمدارس والمستشفيات. واللبنانيون يرون أنَّ المشكلة عندهم ــ رغم بساطتها ــ صارت كارثة تجاوزت «كل» الحدود الممكنة. ويُفكرون فى تصدير هذه النفايات إلى خارج الحدود، وينظرون على الخريطة بحثًا عن دولة تستقبل نفاياتهم، ويوجهون أبصارهم صوب مصر.

واليوم يمر شهرٌ وتِسعة أيام، بالتمام والكمال، على اشتعال أزمة تراكم القمامة والنفايات المنزلية فى شوارع لبنان. ومازال اللبنانيون يملأون الشوارع والميادين، يحتجون على عجز المسئولين عن حل المُشكلة.. ولأن أكوام القمامة ظهرت على نواص الشوارع حتى فى بيروت العاصمة، فقد خرج الآلاف بينهم نساء وأطفال، تجمعوا في ميدان «رياض الصلح» القريب من مقر مجلس النواب، ومبنى رئاسة الحكومة، تلبية لدعوة من حركة «طِلعت ريحتكم» التى أطلقها ناشطون في المجتمع المدنى، احتجاجًا على عجز الحكومة عن حل مشكلة تراكم الزبالة، التي تغرق فيها شوارع بيروت ومنطقة جبل لبنان.. قوات الشرطة لم تكن بعيدة عن المشهد.. ووقع المحظور، حين حاول بعض المعتصمين التقدم لرفع حاجز شائك وضعته قوات الشرطة، وتدافع وراءهم مجموعة من المحتجين، ضربهم رجال الأمن بالعصي، وأطلقوا عليهم الغاز المسيل للدموع والرصاص لتفريقهم، فسقط جرحى من الجانبين. وتحولت مشكلة «الزبالة والنفايات» إلى أزمة سياسية قد تُلقى بالحكومة اللبنانية فى مطمر النفايات (مقلب الزبالة).

ومع تباطؤ حكومة تمام سلام فى اتخاذ إجراءات سريعة، لعبت آيادى أصحاب المصالح من داخل لبنان وخارجه، لتُشعل الأزمة وتسيسها، فرفع المحتجون سقف مطالبهم إلى الدعوة لحل البرلمان، وحل الحكومة، ومنهم من أشعل المظاهرات بهتاف سمعناه هنا فى مصر: «الشعب يُريد إسقاط النظام»، رغم أنَّ النظام الذى يُطالبون بإسقاطه، نظام متهاو متهالك، منصب رئيسه خال منذ عام، ومجلس نوابه مُنتهى الصلاحية، وحكومته مدتها مُنتهية، وتعمل منذ أكثر من عام لتصريف الأعمال فقط.!!

نزل اللبنانيون الشوارع يحتجُّون على تفاقم أزمة القمامة والزبالة، لأنهم شعب نظيف.. وليس معنى ذلك أننا فى مصر شعب «وسخ» لا سمح الله، لكننا شعب أصبح بيننا وبين الزبالة أُلفة وعِشرة وقبول وتسامح، حتى صِرنا متسامحين أيضًا مع مسئولين زبالة، لا يعنيهم أكوام القازورات والمُخلَّفات التى تملأ الشوارع، ولا تسترعى انتباههم، ولم يقل لهم مصرى واحد: «ريحتكم نتنة» كما قالها اللبنانيون.