رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

 

 

صدر  فى الأسبوع الماضى، قانون مكافحة الإرهاب، وأصبح القانون قيد التنفيذ طبقاً لما تقضى به نصوصه، منذ نشره فى اليوم التالى فى الوقائع الرسمية، ولذلك فإن الاختلاف مع بعض أو كل نصوصه، هو مجرد تسجيل مواقف، لا يعنى أن الحوار حوله قد أغلق، بل هو تم تأجيله إلى حين وضع القانون موضع التنفيذ الفعلى، وتطبيقه على الذين استهدفهم، أو نشوء وضع جديد يسمح باستمرار الحوار وربما العراك حوله.

ومعنى ذلك، أن المعركة الفكرية والقضائية ضد القانون سوف تتجدد فى أول مرة يجرى فيها تطبيق بعض مواده التى يشتبه المعترضون فى أنها تنطوى على عدم دستورية، وآنذاك يستطيع دفاع المتهمين فى هذه القضايا أن يدفع بعدم دستورية مواد الاتهام، وأن يطلب من المحكمة وقف نظر الدعوى والإذن له بتقديم طعن أمام المحكمة الدستورية على دستورية هذه المادة أو غيرها.. وسوف يتجدد هذا الحوار حول مواد القانون كذلك، بعد تشكيل وانعقاد مجلس النواب الذى ينيط به الدستور، أن ينظر فى القرارات بقوانين التى أصدرها رئيس الجمهورية فى غيبة المجلس، خلال 15 يوماً من انعقاده، وآنذاك يستطيع الذين يعترضون على القانون من الأساس، أو يشتبهون فى عدم دستورية بعض مواده، أو يطالبون بنص يقضى بتوقيت مدة نفاذه لعدد محدود من السنوات، اعتقاداً منهم أن فى القوانين الحالية ما يغنى عنه، أو تشككاً منهم فى أن يساء استخدام نصوصه، أن يدلوا بدلوهم تحت القبة، أو خارجها، لكى يحققوا بعض أو كل أهدافهم.

أما المؤكد، فهو أن القانون الآن قد أصبح واقعاً، وبدأ تطبيقه بالفعل، وأن على كل الذين تستهدفهم نصوصه، أن يضعوا ذلك فى اعتبارهم، وأن يتوقوا مخالفته، وأن يتحملوا المسئوليات القانونية عن ذلك، فى حالة مخالفتهم له. إذ الأساس فى الدول الديمقراطية، هو أن يتم احترام القانون وتنفيذه، والسعى لتعديله بالطرق الدستورية والقواعد القانونية المعمول بها، ولا يعفى الجهل بالقانون أو عدم الموافقة على تطبيقه من العقاب.

وبصرف النظر عن الاتجاهات التى عارضت القانون من أساسه، التى اعترضت على بعض بنوده فى مسودته الأولى، أو حتى بعد صدوره، فإن من واجبنا إذا كنا ننطلق من احترام الدستور، وإرادة الشعب التى صادقت عليه، ونحرص على تطبيقه، أن نتوقف أمام الإجابة عن هذا السؤال المحورى، وهو هل كنا فى حاجة بالفعل إلى قانون جديد لمكافحة الإرهاب، أم أن المواد التى وردت فى هذا الشأن فى قانون العقوبات، وفى غيره من القوانين، كانت تكفى لمواجهة الموجة الإرهابية الراهنة؟

وفى الإجابة عن هذا السؤال، أتمنى أن يتذكر الجميع، أن التفكير فى إصدار قانون خاص بالإرهاب، بعد التعديلات التى أدخلت على قانون العقوبات عام 1992، جاء مع كل تصاعد جديد للموجات الإرهابية، وكان آخرها، التعديلات الدستورية لعام 2007 التى تضمنت نصاً دستورياً، يلزم المشرع بإصدار قانون خاص بمكافحة الإرهاب، وتشكلت بالفعل لجنة بقيادة د. مفيد شهاب لإعداد هذا القانون وجرت مناقشات موسعة لوضع مواده، سعت للاستفادة من كل القوانين المشابهة التى أصدرتها الدول الديمقراطية العريقة ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، وغيرهم من الدول الأوروبية.. وتباينت وجهات النظر بين المتحمسين لإصدار القانون تنفيذاً للنص الدستورى، الذى كان يقضى أن تعمل الدولة على حماية الأمن والنظام العام فى مواجهة أخطار الإرهاب، وينظم القانون أحكاماً خاصة بإجراءات الاستدلال والتحقيق، التى تقتضيها ضرورة مواجهة هذه الأخطار، بحيث لا يحول الإجراء المنصوص عليه فى الفقرة الأولى فى المادة 44، والفقرة الثانية من المادة 45 من الدستور، دون تلك المواجهة، وذلك كله تحت رقابة القضاء.. ولرئيس الجمهورية أن يحيل أية جريمة من جرائم الإرهاب إلى أية جهة قضاء منصوص عليها فى الدستور او القانون.

والمواد والفقرات التى تشير إليها الفقرة السابقة من ذلك الدستور، هى المواد المتعلقة بالحريات الشخصية، وعدم جواز القبض على أحد أو تفتيشه أو تقييد حريته أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق، التى تحظر دخول المساكن وتفتيشها أو انتهاك حرمة المراسلات، إلا بأمر قضائى مسبب.. ولم يصدر القانون لأسباب مجهولة، كما اختفت هذه المادة نفسها أو أية إشارة للإرهاب فى تعديلات الدستور لعام 2012، لسبب معروف، هو أن المستهدفين من قانون الإرهاب، كانوا هم الذين صاغوا هذه التعديلات التى أسقطتها وأسقتطهم معها ثورة 30 يونية.

لكن المادة الخاصة بالإرهاب عادت لتبرز من جديد فى تعديلات 2014 التى ألزمت الدولة بـ «مواجهة الإرهاب بكافة صوره، وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله وفق برنامج زمنى محدد باعتباره تهديداً للوطن والمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة»، وقضت بأن «ينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب، والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه».. والاكتفاء بالمواد الواردة فى قانون العقوبات بشأن الإرهاب، يتناقض مع هذا النص من الدستور، فضلاً عن أن القانون القائم لا يتعرض لأشكال متعددة من الجرائم الإرهابية، لم تكن قائمة حين صدوره، ومنه استخدام وسائل الاتصال الحديثة فى التخطيط والتحريض والتنفيذ للجريمة الإرهابية، ولم يكن ذلك القانون يتضمن تيسيرات إجرائية تسهل على الأجهزة المنوط بها مكافحة الإرهاب بعض الإجراءات الضرورية التى يتطلبها عملها.

ولا معنى لهذا الكلام إلا أن صدور قانون مكافحة الإرهاب، قد جاء تطبيقاً لنص دستورى صريح، وأن الحكم على دستوريته أو عدمها، ينبغى أن ينطلق من الضوابط العامة التى وضعها الدستور لهذا القانون فى هذه المادة وفى غيرها من مواد الدستور، وبالتالى فإن الحكم بدستوريته أو بعدمها، سوف ينطلق، إذا ما أثير  أمام المحكمة الدستورية العليا، بهذه الضوابط.

لذا لزم التنويه.