رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

كلام

فى الرابع والخامس من الشهر القادم يزور الرئيس عبدالفتاح السيسى سنغافورة. وإذا كان للرئيس أن يركز على تجربة سنغافورية لينقلها إلى مصر، فأدعوه - بل أرجوه - أن يُشاهد بنفسه وينقل لنا تجربتهم فى إدارة المرور، وهى تجربة ربما لم يُشاهدها فى أى مكان فى العالم بتفاصيلها السنغافورية، التى توفر للدولة المليارات.. وتجربتهم تتلخص فى قيام إدارة المرور بتركيب جهاز مثل الرسيفر بكل مركبة تسير على الأرض عند الترخيص، سواء كانت سيارة ملاكى أو أجرة أو نقل أو موتوسيكل، وهذا الجهاز مُتصل بأحد الأقمار الصناعية، يُراقب ويُسجِّل حركة وخط سير وسرعة أى مركبة، ويوجه قائدها لأقصر وأسهل الطرق غير المزدحمة. وإذا خالف قائد المركبة بتجاوز السرعة، أو تخطى إشارة، يتم خصم قيمة المخالفة آليًا من رصيد يتم شحن جهاز الرسيفر به. وإذا عبرت المركبة طريقًا تُحصَّل رسوم مرور عليه، يتم خصم تعريفة المرور من الرصيد. وإذا أوشك الرصيد على النفاذ يتلقى قائد المركبة تنبيهًا عبر هذا الجهاز وعبر تليفونه المحمول، ليُضيف رصيدًا لحسابه.. وإذا امتنع او تأخر عن إضافة رصيد، يتدخل نظام التشغيل ليوقف السيارة تمامًا عن الحركة، ليصل إليها فى لحظات أحد رجال المرور، ليسحب المركبة، وتحميل قائدها غرامة كبيرة، تتضاعف إذا ما تكررت المخالفة.

ونظام المرور وقواعده واحترامه قضية سلوك حضارى فى سنغافورة.. وكل من زاروا سنغافورة الجميلة النظيفة يعلمون جيدًا أن مضغ اللبان ممنوع نهائيًا، ووراء المنع قصة طريفة وإن كانت تتعلق بالنظافة، إلا أنَّ لها علاقة بالمرور!!.. هناك يحظر القانون مضغ اللبان، لأنَّ بعض السكان كانوا يلقون باللبان على كراسى المحطات والأتوبيسات العامة، وازدادت المشكلات بقيام بعض الشباب ــ على سبيل المزاح ــ بوضع اللبان الممضوغ على أبواب المترو، فتعطلت ولم تفتح وتوقفت القطارات، وارتبكت حركة المرور.. ومع أنَّ الواقعة نادرة إلا أنها أزعجتهم وكلفتهم، وهم يبحثون عن المثالية، فصدرت القوانين التى تُعاقب بغرامة كبيرة تصل إلى سنة سجن وغرامة خمسة آلاف و500 دولار لمن يتاجر باللبان، وغرامة تصل إلى ألف دولار لمن يمضغه فى الشوارع العامة.

صحيح أنَّ، سنغافورة، دولة صغيرة تعادل مساحتها محافظة كمحافظة أسوان، لكن اقتصادها ينمو بمعدلات عالية، وأصبحت مركزًا ماليًا وتجاريًا وصناعيًا، ومقصدًا سياحيًا مهمًا، ومتوسط دخل الفرد فيها يتجاوز ألف و500 دولار أمريكى شهريًا، ومستوى معيشة سكانها مُرتَفِع جدًا، ومُعدَّل البطالة مُنخفِض جدًا لأقل من 2%. ولعل الرئيس السيسى يسأل السنغافوريين، كيف تطوروا وحققوا معدلات نمو فى كافة المجالات.. وليسألهم الرئيس كيف تنمو وتكبر مساحة دولتهم، لتستوعب المزيد من السكان؟!.. ليسألهم كيف تحوَّلت دولتهم من قرية للصيادين فى جزيرة مقفرة إلى دولة مُتقدمة واكبت إيقاع العصر، لتُصبِح فى زمن قياسى إحدى أغنى دول العالم. ليسألهم الرئيس عن كل شىء،  ولينقل لنا فقط تجربتهم الرائدة فى إدارة المرور، فبها تنحل كثيرٌ من مشكلاتنا المرورية وأيضًا الاجتماعية.