رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«فرحة» فتاة صلاة العيد تروي لـ«الوفد» أصعب لحظات عاشتها قبل إنقاذها من البؤس وركوب التريند

 الطفلة فرحة
الطفلة فرحة

وقفت غير بعيد تتطلع للواقفين في ساحة صلاة العيد، تسترق نظرات تشوبها الحزن والحسرة في آنٍ واحد، سرح في مهامها الفكر، وقد خيّم البؤس على وجهها وعشّش في عينيها، واحتلّ الحزن قلبها وتمكن منها أيّما تمكن، لحظات عصيبة مرت على «فتاة صلاة العيد» كأنهنّ الدهر.

 

محررة الوفد مع عائلة الطفلة

 

 

إنها «فرحة ماجد» صاحبة الـ12 ربيعًا، ظلت تتفقد المصلين بملابس رثّة اهترأت وحال لونها، تتفكر في الحال والمآل، اشرأبت تختلس النظرات للأطفال ممن هم في نفس عمرها، تُمنّي نفسها بالاحتفال وسطهم بالعيد ولكن حالت ملابسها دون ذلك، فهيئتها تخالف هيئتهم، وهذا ما جعلها تقدم قدمًا وتؤخر أخرى مترددة، اكتفت فقط بالنظر إليهم بعينين حائرتين بائستين فيهما من الألم ما لا يُطاق، تخبئ في قرارة نفسها وجعًا لو قِيل له تكلّم لاشتكى من طول المكوث بين جوانحها، وكأنها تصيح في صرخة مكتومة: «عن أي عيد تتحدثون؟!».

 

اقرأ أيضًا: صلاة العيد أعلى قمم جبال بالسعودية.. مظهر جمالي مهيب

 

التُقطت لها صورة أثناء صلاة العيد وهي تنظر للمصلين وتتطلع للأطفال وهم يرتدون أطيب الثياب في حسرة، واضعة يدها على خدّها، تداولها رواد منصات التواصل الاجتماعي وأحدثت صدى واسعًا، ونالت تعاطف الكثيرين.. ما جال هذا بخاطرها أبدًا ولم يخطر لها يومًا أن قِصّتها التي كُتبت بمداد من دموع ستُعيد لها نصيبها من اسمها الذي لطالما افتقدته زمنًا.

 

 

انتقلت «محررة الوفد» للتحدث مع الطفلة فرحة وأسرتها داخل مسكنهم، ذلك المكان الكائن في أطراف مدينة أوسيم بالجيزة، منطقة نائية يخيم عليها سكون عميق، قليلة الخطوات والسكان، تنتابك حالة من الرعب إذا ما زُرتها ليلًا، وتشتد عليك الوحشة إذا تفقدتها وحدك نهارًا.. بيت بالإيجار مكشوف يخيّم عليه فقر مدقع، غرفة مغلقة يفترشون فيها حصيرًا مهترئة، وأخرى مسقفة بـ«البوص» فكان بيتهم لسان حالهم!

 

 

مضت «فرحة» تتأبط ذراع أمها وعلى وجهها ابتسامة فيها من الانكسار أضعاف ما فيها من الأمل وهي تكشف كواليس «الصورة التريند» قائلة إنها تعمل في جمع الخردة والبلاستيك من القمامة، تلك هي مهنتها التي امتهنتها عن والدتها، هي وبقية إخوتها، فهي من أصول صعيدية، شدت والدتها الرحال بهم من أسيوط إلى القاهرة بحثًا عن لُقمة العيش، فقد عضهم الفقر بأنيابه التي لا ترحم، وتكالبت عليهم صروف الدهر ولياليه، ووالدها أربعيني تجمّع عليه المرض ولم يعد يقوى على العمل، وليلة العيد مثلها مثل أي يوم، فالفقر لا ينتقي الأيام، فقد خرجت مع والدتها للعمل من الثالثة فجرًا حتى الغروب.

 

اكتسى وجهُ الطفلة بغيمات دموع أثناء حديثها لـ«الوفد» فقد لاحت أمامها الصورة التريند مجددًا، مؤكدة أنها لم ترها إلا ليلًا قائلة: «مدخلتش مدارس لا أنا ولا إخواتي احنا بنشتغل علشان نساعد ماما حملها تقيل ومش معايا تليفون فمشفتش الصورة غير بالليل خالص لقيت ناس بتخبط علينا وبتطبطب عليا وجايبين ليا هدوم العيد واشترولي تليفون جديد بعدها.. فرحانة لأني حسيت بفرحة العيد ولبست لبس جديد زي الناس».

 

وأشارت الطفلة البريئة إلى أنها بعدما شاهدت الصورة شعرت بشعورين كل منهما على نقيض الآخر؛ شعورها بالفرح بالصورة وما لاقته من صدى وحب واهتمام واسع حيث انهمرت عليها الكلمات الحنونة كأنها نهر طمأنينة تدفق فلم يصده صادّ ولم يرده راد، وانقشعت سحابة الهم وزالت، ووجدت السعادة طريقها إلى قلبها البائس، واستوطن الأمل سويداءه بعد يأسٍ طال، وألمّ بها الحزن خوفًا من الغد ونظرات الغير الحادة، والاكتواء بألسنة الفقر الملتهبة،

تخوفات كثيرة تعوق أحلامها.

 

 

محررة الوفد مع الطفلة

اختتمت الطفلة فرحة حديثها قائلة: «نفسي أفضل لابسة كويس أنا وإخواتي وريحتي حلوة على طول ونعيش حياة كويسة زي باقي الناس وماما ترتاح علشان شقيت علينا كتير».

 

والدة الطفلة فرحة تكشف لـ«الوفد» كواليس الصورة التريند

 

وأكدت والدة الطفلة فرحة لـ«الوفد» أنهم أسرة منكوبة، لا تملك من حطام الدنيا نقيرًا ولا قطميرًا، عضّهم الفقرُ بناب أزرق، وقلبت لهم الدنيا ظهر المجن، لم تتمكن من تجهيز ابنتها الكبرى ما جعلها مهددة بفسخ خطبتها في أي وقت، أمنيتها أن تجهزها هي وأخواتها، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه!

سردت والدة فرحة قصتها وهي تحمل متاعب شتى وهموم جسام وعينين زاخرتين بالأسرار الكبار مشيرة إلى أنها بعد انتشار صورة ابنتها توالت عليهم المحن بعد المحن، قائلة «معايا 6 أولاد شقيت عليهم بعد تعب أبوهم، جمع الخردة من القمامة دي شغلتنا من ساعة ما جينا من الصعيد، كل يوم شغالين حتى في الأعياد والظروف هي اللي بتحكم، لما شفت صورة بنتي حزنت إن مكنش معايا فلوس أجيبلها لبس العيد وتفرح زي الأطفال اللي في سنها حسيت إني عاجزة حتى عن إني أوفر لها هي وإخوتها أبسط احتياجاتهم في إني أجيبلهم لبس جديد».

 

شقيقة فرحة: الصورة المنتشرة سبب في تغيير حالنا للأفضل

 

التقطت أطراف الحديث «مريم» شقيقة فرحة، والتي تبلغ 19 عامًا، بابتسامة رقراقة قائلة: "مبسوطة بأختي، واثقة إن ربنا جعلها سبب في تغيير حالنا للأفضل، يوم العيد أمي وزعت علينا الشغل زي كل يوم بننزل الفجر كل واحد في مكان ونتجمع بعد المغرب، نفسنا نلبس كويس، ونخرج ونتفسح، ونعيش في بيت مقفول علينا، نحتمي فيه من لسعات البرد، ناس كتير جت لنا وقدموا لنا هدايا ولبس جديدن مشفتش في عينيهم غير الحب والخير، كنت خايفة أشوف منهم نظرات الشفقة والمنة، حسينا إنهم بيهادوا إخواتهم مش بيعطفوا على ناس أغراب".

 

وأكد «كريم» شقيق فرحة، 18 عامًا، على كلام شقيقته قائلًا: "صورة فرحة أختي حسستنا إننا مش على الهامش، متشافين ومسموعين، والخير دايما موجود، طموحتنا بسيطة وأحلامنا مش كبيرة بس نفسنا في عيشة هنية ولبس جميل نقدر نمشي بيه وسط صحابنا وجيراننا وبيت نضيف ريحته حلوة بدل ما الزبالة محاوطنا جوه البيت وبرّاه".