رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

«جلال الدين».. يجسد رحلة الصعود من الهاوية إلى الصفاء الروحي

جلال الدين
جلال الدين

دون التعمق فى تفاصيل شخصية مولانا جلال الدين الرومى، فقد اكتفَ المخرج المغربى حسن بنجلون، بالبعد الفكرى للشخصية، فى تقديم فكرة فيلمه الذى يحمل اسم «جلال الدين»، الذى ينافس فى مهرجان القاهرة السينمائى ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية».

 

فالفيلم يجسد رحلة تطور جلال الدين الرومى الفكرية من درك المتعة الحسية إلى مدارك المحبة الألهية، ويرسخ الأفكار التى كان يدعو لها، وهى الحب والتسامح والسلام، فى بناء درامى مُحكم يحمل الكثير من الإسقاطات والدلالات.

 

وحمل الفيلم إسقاطًا على شخصية «رابعة العدوية» التى قدمها فى نموذج المرأة «ربيعة» التى جسدت مراحل حياتها من الهاوية إلى السمو والصفاء الروحى. فالفيلم لا يقدم سيرة ذاتية وإنما أفكارًا عبر عنها بفكره المتجدد وكادراته التى جاءت مميزة، والموسيقى التعبدية الروحية المستوحاة من أعمال شعراء الصوفية، التى كانت البطل الرئيسى فى الفيلم.

السينما المغربية حضرت بقوة فى القاهرة السينمائى

رغم الأفكار السامية التى يحملها الفيلم، لكن بعض القضايا التى طرحها أثارت الجدل حوله بشكل كبير، بين مؤيد ومعارض لأفكاره، فبالرغم من تباين الآراء حوله، لكن الفيلم مبنى على عناصر فنية فى جماليات الصورة، من حيث ربط العناصر ببعضها، وأداء بطلة الفيلم هبة الزوجة المتصالحة مع نفسها ومع الآخرين، وياسين هجام الذى تحوّل إلى فيلسوف صوفى باحث عن النور، ومعنى الوفاة للتصبر على وفاة زوجته، له مريدوه والذين يحترمون أقواله الحكيمة فى الإنسان والحياة.

 

الفيلم إسقاط على شخصية رابعة العدوية

 

التقت «الوفد» صُناع فيلم «جلال الدين» للوقوف على البعد النفسى والمادى لشخصيات الفيلم الذى يحمل فلسفة خاصة ورسائل ضمنية لطالما انتصر لها المخرج حسن بنجلون فى أفلامه.

 

حسن بنجلون: «جلال الدين» يرسخ قيم الحب والتسامح

لم يبتعد المخرج المغربى حسن بنجلون، فى فيلمه «جلال الدين» عن الخط الدرامى أو الرسائل الضمنية التى تحتويها أفلامها والتى تنتصر للإنسان، والحق والعدل، لكنه اختار هذه المرة النزعة الصوفية للتأكيد على رسائله لما لها من تأثير قوى وكبير على النفس البشرية. 

السينما المغربية حضرت بقوة فى القاهرة السينمائى

يُحسب لـبنجلون تقديم أبطال فيلمه بشكل جديد ومختلف، إلى جانب الموسيقى التصويرية المرافقة للفيلم والمؤثرة بعمق فى سياق التصاعد الدرامى الذى يبلغ مداه مع دخول حفيده على الخط الصوفى الذى سلكه أبوه.

 

 فى البداية أعرب بنجلون عن سعادته بعرض فيلم «جلال الدين» فى مهرجان القاهرة السينمائى ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، وسعيد بحالة الجدل التى أُثيرت فى القاعة عقب مشاهدة الفيلم. مؤكدًا أنها لم تكن المرة الأولى التى يشارك فيها بأفلامه فى مهرجان القاهرة السينمائى، وإنما المرة الخامسة، كانت الأولى عام 1990 خلال رئاسة الراحل سعد الدين وهبة.

 

وعن حالة الجدل التى أثارها الفيلم قال: تباين الآراء حول الفيلم يعكس أهمية الفيلم وتأثيره على المتلقى، وهذا ما كنت أسعى إليه خلال التصوير أن أجعل الجمهور يتساءل.

 

وعن الإسقاطات على بعض الرموز الصوفية التى يحملها الفيلم قال: تعمدت أن يربط الجمهور بين أحداث الفيلم ورموز الصوفية أمثال جلال الدين الرومى ورابعة العدوية.

 

وعن ما إذا كان الفيلم له علاقة بالمتصوف جلال الدين الرومى، خصوصًا أنه فى أحداث الفيلم يصبح متصوفًا وفقهيًا، أوضح بنجلون، أن الفيلم لا يقدم سيرة ذاتية عن مولانا جلال الدين الرومى، ولكن يحمل أفكاره فهو يركز على البعد الفكرى للشخصية ورحله تطوره من درك المتعة لمدارج المحبة الإلهية.

السينما المغربية حضرت بقوة فى القاهرة السينمائى

الموسيقى مستوحاة من أعمال الصوفية

 

وعن اختيار اسم بطل الفيلم «جلال الدين» هل كان مقصودًا، قال: كان متعمدا بهدف إحداث حالة من التساؤل لدى من يترقب الفيلم أو يشاهده، وكذلك اسم ربيعة إحدى بطلات الفيلم، والمأخوذ من اسم «رابعة العدوية»، لأنها تعبر عن مراحل التطور فى حياتها من فتاة ساقطة وصولًا للصفاء الروحانى.

 

ويطرح الفيلم تفسيرات وتأويلات عديدة، وهذا ما أكده بنجلون خلال حديثه لـ«الوفد»، لافتًا إلى أن حرص أن يترك النهايات مفتوحة حتى يعطى مساحة للجمهور أن يفكر ويفسر المشاهد وفقًا لوجهه نظره الفلسفية عن الفيلم.

 

وعن اسباب ظهور عالم بنات الهوا على أنهن ضحايا قال: أتعاطف مع بنات الهوا وأرى أن هناك أسبابًا ودوافع دفعتهن لذلك، كما أننى تربيت فى حارة كان يقطن فيها بنات الهوا ونتعامل معهن بحب، وكن صديقات والدتى.

 

وأبدى فخره بالسينما المغربية التى يراها تتطور كمًا وكيفاً، فضلًا عن اهتمامها بسينما المرأة.

 

وعن فترة التحضيرات قال: استغرق الفيلم ست سنوات لإنجازه، فى حين أن التصوير لم يتجاوز أسبوعاً. لافتًا إلى أن التصوير توقف لمدة عامين بسبب ظروف كوفيد - 19، وتعذر التصوير مرة أخرى لظروف إنتاجية.

 

وتابع: حصل الفيلم على دعم من المركز السينمائى المغربى، لكنه يظل دعمًا محدوداً، إذ يسمح للمخرج بأن يدير الفيلم، لكن عليه البحث عن مصادر تمويل أخرى خارجية، وخلال الجائحة كانت الظروف صعبة، ولو كانت لدى ميزانية أكبر، كانت ستختلف الأمور على الأقل فى مدة التصوير الذى أنجزته فى أسبوع، بينما الفيلم كان يتطلب عدة أسابيع.

 

ويعد بنجلون من أنصار سينما المؤلف؛ حيث اعتاد كتابة سيناريوهات جميع أفلامه، ولم يقدم فيلمًا واحدًا لمؤلفين آخرين، مثلما يؤكد.

 

ووعن اختياراته لأبطال حكاياته وسر استعانته ببطلة تونسية للقيام بدور البطولة والتعبير عن المجتمع المغربى قال: فاطمة ناصر برغم أنها تونسية لكنها تملك كاريزما وحضورًا خاصًا أمام الشاشة، وكانت مناسبة لهذا الدور وهى تعبر بشخصيتها عن الحب فى أسمى صوره، ويظهر ذلك فى مشهد احتضارها وهى تحتضن زوجها وتؤكد له أنا سترحل وهى راضية عنه وأنها غفرت له خطيئته وخيانته لها.

 

فاطمة ناصر: أميل للصوفية فى أعمالى الفنية

نجحت الفنانة التونسية فاطمة ناصر أن تصل إلى قلوب الجمهور العربى بأدائها الهادئ وحضورها الواضح على الشاشة- ولم يكن مصادفة أن تنجح فى تقديم فيلم مغربى يتحدث عن المجتمع المغربى، رغم أنها تونسية الأصل، فهى التى قدمت أعمالًا مصرية ولم يشكك الجمهور فى مصريتها الطابعة فى ملامحها ولكنتها المصرية.

 

قدمت فاطمة أداء استثنائيًا فى تجسيد شخصية «هبة» فى فيلم «جلال الدين» فكانت مثالًا لصورة الحب والتسامح التى يدعو لها المخرج فى فيلمه.

 

حالة التوحد التى وصلت إليها مع شخصية «هبة» فى الفيلم جعلتها تمسك بزمام الشخصية بشكل أكبر، لتنجح فى التعبير عن جوانبها النفسية والمادية باحترافية عالية. عن هذا التحدى تقول: الشخصية قريبة جدًا منى وفيه ملامح كثيرة مشتركة بيننا لعل أبرزها التسامح فأنا بطبعى متسامحة ومتصالحة مع نفسى ومع عيوبى وهذا ساعدنى على تقبل الآخرين وتقبل عيوبهم وأخطاءهم.

 

وعن إجادتها للكنة المغربية وكذا المصرية قالت: فى البداية أحب أن أنوه عن سعادتى بالمشاركة فى فيلم مغربى، خاصة أن هذه التجربة جديدة بالنسبة لى، لأنها هى المرة الأولى التى أقدم فيها فيلمًا مغربياً، وسعادتى تزايدت أكثر عندما تم عرضه فى الدورة الحالية من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى. وعن إجادتى للكنة المصرية فهى اللهجة القريبة من

الأذن لأننا تربينا على الأفلام والمسلسلات المصرية.

 

وأكدت أنها كفنانة لا توجد لديها مشكلة فى تقديم فيلم بلهجات مختلفة حتى وإن كانت غربية، فهى تفخر أن يتم اختيارها لتمثيل بلد بعينه والتعبير عن ثقافته الفكرية.

 

وعن حالة الجدل التى أثارها الفيلم، أكدت أنها توقعت ذلك، لما يطرحه الفيلم من أفكار فلسفية وقضايا إنسانية من الممكن أن تتقاسم حولها الآراء بين مؤيد ومعارض لفكرة التسامح.

 

وأعربت فى حديثها لـ«الوفد» عن سعادتها بردود الأفعال التى جاءتها عن شخصية «هبة» رغم تباين الآراء حول مواقفها وأفكارها فى الفيلم.

 

وعن سر حماسها لتقديم شخصية «هبة» قالت: سر حماسى لتقديم الفيلم أنه يحمل توقيع المخرج الكبير حسن بنجلون، فهو مخرج مهم ويمتلك أفكارًا ورؤى خاصة به، فضلًا عن أن الفيلم يدور فى عالم الروحانيات وهو العالم الذى أحبه، وأشعر أننى قريبة منه ودورهبة نفسه شدنى.

 

وعن الصعوبات التى واجهتها فى الشخصية قالت: أى تجربة جديدة بالنسبة لى تحمل بعض التحديات، ولكن مع هبة لا توجد صعوبات كبيرة، لأننى كما قلت سلفًا الشخصية تشبهنى وملامحها قريبة منى.

 

الفيلم تعمق فى عالم الصوفية.. عن علاقتها بهذا العالم والرموز الصوفية قالت: مؤخرًا بدأت اهتم كثيرًا بالجانب الصوفى، وأقرأ عنه، وشعرت أننى قريبة جدًا من هذا العالم، لذا سعيدة بالفيلم لأنه منحنى الفرصة فى التوغل بشكل أكبر فى هذا العالم.

 

قدمتِ الأبيات الشعرية فى الفيلم المأخوئة من ديوان «الحلاج» بصوتك على طريقة الفويس أوفر فكيف كان الاستعداد لها، تجيب: جمعتنى جلسات عمل مكثفة مع توفيق بنجلون أحد أقارب مخرج الفيلم، فى قراءة الأبيات الشعرية، كما أننى شاركت من قبل فى مسلسل «العاشق وصراع الجوارى» وكان بالعربية الفصحى، ولكن عندما تكون أنت الـ« فويس أوفر» كما حدث فى فيلم « جلال الدين»، فإن هذا الأمر يتطلب منك أن تكون نبرة الصوت والإحساس بالشخصية، يتماشى تمامًا مع الكلام الرومانسى.

 

وعن رؤيتها لسينما المرأة تقول: هناك اهتمام كبير بسينما المرأة، ومنصة نتفليكس واحدة من الجهات الإنتاجية التى تهتم بقضايا المرأة وكذلك مهرجان البحر الأحمر السينمائى الذى ينطلق فى السعودية والمهموم بقضايا المرأة وعرض النماذج الناجحة والملهمة من النساء.

 

وأشارت إلى أنه ليس بالضرورة أن يكون الكاتب امرأة للتعبير عن قضايا المرأة، مؤكدة أن هناك كتابًا من الرجال نجحوا فى التعبير عن فكر المرأة.

 

وعن تصريحاتها الأخيرة بشأن سعادتها بعرض فيلم «جلال الدين» فى مهرجان القاهرة السينمائى وليس مهرجان قرطاج قالت: لم أقصد أن اسيئ لمهرجان بلدى، ولكن دور هذا العام لا تليق بدورات المهرجان السابقة وفيلم «جلال الدين» لو تم عرضه فى مهرجان قرطاج لم يأخذ نصيبه من الشهرة وردود الأفعال التى حصدها من الجمهور المصرى فى القاعة، ولكن اتمنى أن أشارك فى مهرجان قرطاج بدوراته المقبلة.

 

وعن جديدها الفنى قالت: أصور حاليًا فيلمًا تونسيًا، وأفاضل بين أكثر من سيناريو.

 

فاطمة الزهراء: الفيلم يظهر قيمة الحب فى التجاوز عن الأخطاء

قدمت الفنانة المغربية فاطمة الزهراء واحدًا من أهم أدوارها فى فيلم «جلال الدين»، بشخصية «ربيعة» التى تجسد مراحل تطور سيدة العاشقين رابعة العدوية، التى أسست مذهب الحب الإلهى فى التصوف الإسلامى، وهو الدور الذى أتقنته ببراعة واحترافية فى الأداء.

 

عن دورها فى الفيلم تقول: سعيدة باختيار المخرج حسن بنجلون لتجسيد شخصية ربيعة، فهى كانت تحديًا كبيرًا بالنسبة لى، وسعيدة بردود الأفعال التى جاءت حول الفليم وعن شخصية ربيعة تحديدًا.

 

وعن الصعوبات التى واجهتها فى الشخصية قالت: تجسيد شخصية تحظى بحب واحترام كبير من الجمهور العربى، هذا هو التحدى الأكبر، فرغم إعجابى بالدور الذى شعرت أنه فرصة كبيرة لى لإثبات موهبتى، لكن شعرت بالخوف حيال الشخصية، الذى هدأ من روعى أن المخرج استخدم الإسقاطات والدلالات، لم أقدم سيرة ذاتية عن الشخصية وإنما مراحلها فقط.

 

وتابعت: فى الفيلم أقدم مراحل عمرية مختلفة، وهذا ما تم اللعب عليه بالماكياج الذى يظهرنى بصورة أكبر من سنى والملابس الثقيلة.

 

وأبدت سعادتها بالعرض العالمى الأول لفيلم جلال الدين ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ44 الذى ينافس فى مسابقة آفاق السينما العربية.

 

وعن العمل مع المخرج حسن بنجلون قالت: المخرج الكبير بنجلون يمتلك أفكارًا كثيرة يعبر عنها بالقلم وزوايا عدسته، مجرد علمى أن الورق يحمل توقيعه أدركت أننى أمام عمل مهم يستحق المجازفة،: فالفيلم يظهر قيمة الحب فى التجاوز عن الأخطاء، كما أنه من المخرجين الذين يملكون أدوات الفنان ويظهره بشكل جديد ومختلف للجمهور.