رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"المستريح".. للنصب وجوه كثيرة

ارشيفية
ارشيفية

ظاهرة المستريح عرض مستمر فى قرى ونجوع مصر، وكأنها حلقات من مسلسل واحد مع اختلاف أبطالها دون أن يتعظ أحد ويتعلم الدرس، لقب "المستريح" أُطلق مؤخرًا على النصاب الذى يستولي على "تحويشة" عمر ضحاياه البسطاء ويهرب، والتي كان اَخرها قضية "مستريح أسوان" مصطفى البنك التي اشعلت الرأي العام المصري الأيام الماضية، بعدما استولى على  500 مليون جنيه  من أهالى مركز إدفو.

 

اقرأ أيضا.. ضحية مستريح أسوان: كان صادق معانا ووصل لنا أول ربح لحد البيت

 

لم تكن قضية مستريح أسوان الأولى ولا الأخيرة، بل سبقتها قضايا أكبر من ذلك، ولنتذكر قضية الأقصر رقم 1717 لسنة 2019  الشهيرة بـ مستريحة الأرانب سيدتين جمعا 25 مليون جنيه، وفي مركز مغاغة بالمنيا كان بطل الحلقة هذه المرة ترزى معاق استولى على 450 مليون جنيه، وفى المركز نفسه جمعت سيدة "مستريحة" أخرى 90 مليون جنيه.

 

ورغم تلك الوقائع التي هزت المجتمع المصري كله، إلا أن السناريو لم يتنهي بعد وتسقط ضحايا المستريحين يوما بعد يوم، وبعد مأساة مستريح أسوان لا حديث بين أهالى مغاغة إلا عن هروب هذا "المستريح" الذى راح ضحايته لوائين شرطة أثناء مطاردته للقبض عليه بعدما "لهف" ما يقارب من مليار جنيه حسب الأقوال المتضاربة من ضحاياه، والذي أوهم أنه يستثمرها فى الإنتاج الحيواني وتجارة المواشي.

 

"بوابة الوفد" رصدت في هذا التقرير أسباب ظاهرة المستريح، وسبب  عزوف البعض بالقرى عن الزراعة واتجاههم لتوظيف أموالهم ووقوعهم فى فخ النصابين والمستريحين.

 

فمن جانبها تقول أحد الضحايا تُدعى "ع ,م"، إن الفلاح يوهمه النصاب بضرورة ترك الزراعة ويبحث عن مصدر آخر للرزق، مستغلا أن تكلفة الزراعة أكبر بكثير من المحصول، وفي نفس الوقت يظهر تلك الشخص ليقدم فائدة أعلى بكثير من البنوك، وفى الغالب يفكر الشخص أنه سوف يحقق المكاسب الكبيرة.

 

ويرى الخبير الاقتصادى الدكتور رشاد عبده، أنه على الدولة الضرب بيد من حديد على هؤلاء الأشخاص الذين يدمرون الاقتصاد وخاصة المجال الزراعي، وعلى البنوك أيضا أن تجذب المودعين بتحريك الفائدة واحتواء أصحاب رؤوس الأموال، وكذلك إعادة النظر فى قوانين توظيف الأموال، لأن القانون المصرى لايوجد به شركات توظيف مما يدفع الأشخاص إلى أن يقوموا بذلك فى الخفاء، ومعظمهم يصعب القبض عليه؛ لأن أغلب الضحايا بالقرى لا يبلغون عنهم خشية الفضائح مما يمكن هؤلاء من الإفلات والهروب.

 

وأشار عبده إلى أنه فى حالة وجود شركات رسمية مُصرح بها فإنها تعمل تحت سمع وبصر الدولة، مثل الشركات المساهمة ويكون نشاطها معروف.

وأضاف أن ظاهرة توظيف الأموال التى انتشرت فى القرى المصرية تُنذر بكارثة اقتصادية تؤدي إلى الركود الاقتصادي، مشيرا إلى أن ضخ تلك الأموال في اقتصاد الدولة يؤدي إلى انتعاش السوق المحلي وخلق فرص عمل جديدة، ولكن يحدث العكس بسبب تلك الظاهرة التي تؤدى بدورها للبطالة وعدم الرغبة فى العمل.

 

وتابع "الشخص الذى يعطى المستريح أمواله يديرها مقابل مبالغ مالية يتحصل عليها آخر الشهر تدفعه لعدم الرغبة فى الاجتهاد والعمل".

 

وفي هذا السياق أشار الدكتور جمال فرويز، أستاذ وخبير الطب النفسي، إلى أن النصاب لدية عدة صفات عامة تشكل شخصيته حتى يستطيع بها السيطرة على ضحاياه، قائلا "طول ما في طماعين النصابين بخير.. وهذا مثال تداولته الناس عبر

عشرات السنين، وهو يعبر بشكل بليغ عن ما يلقاه بعض الضحايا رغم تحذيرات رجال القانون وحملات التوعية التي تقوم بها الدولة عبر مؤسساتها المختلفة، لدفع الناس بعيدا عن الوقوع في براثن النصابين، إلا أن ذلك لم تؤت ثمارها بعد، فما زال النصابين يطلون برؤسهم ليقتنصوا ضحاياهم من حين لآخر".

 

 ويوضح "فرويز" أن علماء النفس وصفوا بعض الصفات السلوكية لطبيعة النصاب كي يحذره الناس، منوها إلى أن شخصية النصاب هي شخصية مضادة للمجتمع، وهي ما يطلق عليها الشخصية "السيكوباتية"، وهي تتمتع بالامبالاة والسلبية، وليس لديه عدم اهتمام بتوابع تصرفاته، وليس لديه مشاعر أو أحاسيس، فأخطأه متكررة نمطية وتقليدية، فهو يعود إلى جريمته مرة أخرى حتى لو تم حبسه.

 

وأشار أستاذ الطب النفسي، إلى أن النصاب له عدة أدوات والتي من بينها مجموعة من المعاونين كل مهمتهم تطميع الضحايا بالوقوف في براثن النصاب، لافتا إلى أن هؤلاء المعاونين من أهم الأدوات التي يستخدمها، علاوة على أنه يقوم بتأجير مكتب في مكان فخم، ويكون لديه سكرتيرة حسناء تقوم بالرد على العملاء.

 

واستكمل "الوازع الديني لدى النصاب هو شكلي والذي يعد أداة من أدواته، وأيضا لابد من تطميع الضحايا بإلقاء جزء من الأموال التي يتحصل عليها من الناس حتى يكسب ثقتهم".

 

أما الدكتور سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أكدت على أن الإعلام عليه دور فى التوعية، ولابد من تفعيل وتعظيم دور الأزهر الشريف الذى يكثف من توعية الناس بالحلال والحرام، وكذلك فإن هناك عبء اَخر يقع على الدراما المصرية والتى هى انعكاس لفكر المجتمع.

 

ولفت إلى أن تكرار سيناريو النصب على المواطنين ورغبة البعض أن يكون ضحية دون الاستفادة من الدروس ترجع إلى عدم الوعى، قائلة "نحن نعيش نهضة تنموية وزراعية وصناعية فى كافة نواحى الحياة ماعدا الوعى الاجتماعى، وقد كنا قديما نحصل على ثقافتنا ووعينا من الإذاعة خاصة فى الريف المصرى، وكانت الأمثال الشعبية منهجا رائعا نطبقه فلا يمكن أن يهرول المجتمع للثراء السريع بأية وسيلة مثلما يحدث حاليا فى زمن السوشيال وتعدد وسائل الوعى بل أصبحت تلك الوسائل أداة للانهيار القيمى والمجتمعى".