رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الشات والصور.. سلاح القتل الإلكترونى

ابتزاز إلكترونى
ابتزاز إلكترونى

أسرار حياتك "على النت" وسيلة لذبحك وقت الخلاف

خبراء أمن معلومات يحذرون: ألعاب الفيديو أهم طرق سرقة الحسابات الشخصية

خبير اجتماعى: إرسال الصور الشخصية للغرباء أسهل طرق الابتزاز

خبير قانونى: الإبلاغ الفورى ضرورى للوصول للجانى

 

«هبة» و«أسماء» و«مريم».. ثلاث مصريات تعرضن لابتزاز من نوع خاص جداً، حول حياتهن إلى جحيم.. وثلاثتهن مجرد نماذج لجريمة انتشرت بشكل كبير، حتى صارت ظاهرة مجتمعية سلبية تؤرق مختلف طبقات وشرائح المجتمع المصرى، ولا يقتصر على سن أو جنس معين، فالجميع أصبح فى مرمى نيران ومصيدة هذا الابتزاز، صغاراً وكباراً.. ذكوراً وإناثاً.

ولذلك صار لزاماً على المجتمع الانتباه لهذه الظاهرة مبكراً قبل فوات الأوان، والتعامل معها بكل جدية وحزم، لأن استمرارها وتسارع وتيرتها، فى ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعى، سوف يؤدى إلى عواقب وخيمة على المجتمع كله.

«هبة. ز» منظمة معارض فن تشكيلى، أحد ضحايا هذه الجريمة، تقول إنها تعرضت لابتزاز وتهديد من أحد الأشخاص الذين كانوا يعملون معها فى مؤسستها الخاصة، وكان يعلم كل تفاصيل وخبايا العمل، حيث علمت بأنه ينوى استغلال هذه المعلومات لصالحه فى عمل آخر.

وأضافت أنها تمكنت من الحصول على أوراق رسمية ضده تفيد بعدم استغلاله هذه المعلومات فى أى عمل آخر، لكنها فوجئت بعد ذلك بسيل من الشتائم والصور على الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعى لها وأسرتها من هذا الشخص، كما أنها تمتلك تسجيلات صوتية ضده يهددها فيها بإيذائها ورش مياه النار عليها، وغير ذلك من التهديدات.

وأوضحت أنها أقامت دعوى قضائية ضده منذ سنتين ونصف، ولم تحصل على حكم نهائى حتى الآن، قائلة: «وده عذاب وبيعطل مصالح كتير، وهو مستمر فى تهديداته رغم القضية، وعمل صفحة خاصة لنشر الشتائم والسب والقذف والصور».

«أسماء. م» – ضحية ثانية للابتزاز الإلكترونى، وتروى حكايتها فتقول إنها تعرضت للابتزاز من أحد الأشخاص عن طريق تهديدها بحصوله على صورها الشخصية من صفحتها على فيسبوك، وتحويلها إلى صور إباحية عن طريق بعض البرامج، ونشرها على الصفحات والمواقع المختلفة.

فيما اشتكت مريم. ع، من أن خطيبها السابق يهددها دائماً بأنه لن يتركها تعيش مع غيره، وأن الصور الخاصة بينهما موجودة على فلاشة معه واثنين آخرين من أصحابه، سوف ينشرها إذا لم توافق على طلباته، وقالت إسراء. ح، إنها تركت حبيبها منذ سنوات لأسباب مختلفة، لكنه عاد الآن ليهددها بأن تعود إليه ويقيم معها علاقة جنسية، أو يقوم بفضحها.

ووجهت إحدى الفتيات رسالة لأعضاء إحدى المجموعات على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» تحذرهم فيها من الابتزاز قائلة: «يابنات.. أبوس على إيدكم.. بلاش تكلموا حد فى التليفونات بلاش تقابلوا حد.. بلاش تكلموا حد على وسائل التواصل الاجتماعى.. بلاش تثقوا فى حد مهما كان.. هو مش أخوكى عشان يخاف عليكى.. بلاش تخلى حد يذلك.. بلاش تبعتوا صور لحد مهما كان.. بلاش صور على الاستوريهات».

العقوبات القانونية لهذه الجريمة يراها خبراء عادية وغير رادعة، فضلاً عن أن بطء إجراءات التقاضى الخاصة بها يؤدى إلى التوسع فيها، وتشجيع ضعاف النفوس على ارتكابها بشكل متزايد، ولذلك طالب الخبراء الحكومة بضرورة تغليظ هذه العقوبات وتسريع إجراءات التقاضى، فى أقرب فرصة ممكنة، لكبح جماح هذه الظاهرة السلبية.

وقد تعددت عقوبات الابتزاز الإلكترونى فى القوانين، حيث تنص المادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، على «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته».

كما نصت المادة 326 من قانون العقوبات، على أن كل من حصل بالتهديد على مبلغ من النقود أو أى شىء آخر يعاقب بالحبس، ويعاقب الشروع فى ذلك بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين.

فى حين نصت المادة 309 مكرر (أ) من قانون العقوبات، على أنه يعاقب بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل ولو فى غير علانية تسجيلاً أو مستنداً متحصلاً عليه بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة أو كان بغير رضاء صاحب الشأن.

ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من هدد بإفشاء أمر من الأمور التى تم التحصل عليها بإحدى الطرق المشار إليها لحمل شخص على القيام بعمل أو الامتناع عنه، ويعاقب بالسجن الموظف العام الذى يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتماداً على سلطة وظيفته.

ورغم هذه العقوبات المتعددة، فإن جريمة الابتزاز الإلكترونى مستمرة فى الانتشار وتؤدى فى بعض الحالات إلى إقدام الضحية على الانتحار والتخلص من الحياة كما حدث فى حالتين بمحافظتى الشرقية والغربية مؤخرا، ولذلك وجه الخبراء عدة نصائح للتعامل مع هذه الجريمة وعدم الوقوع فيها.

وتمثلت أهم هذه النصائح فى عدم التعامل مع الغرباء أو الأشخاص الأجانب فى العالم الافتراضى على مواقع التواصل الاجتماعى، ومنع إرسال أى معلومات أو صور شخصية لأى حساب على هذه المواقع، فضلاً عن ضرورة التوجه إلى الجهات المعنية للإبلاغ عن حالة الابتزاز والتهديد، بدلاً من الاستسلام والهروب، والوصول فى بعض الأحيان إلى الانتحار.

المهندس وليد حجاج، خبير أمن المعلومات وتكنولوجيا المعلومات، إن الفترة الأخيرة أكدت أن هناك متطلبات يجب على أولياء الأمور تحقيقها لحماية أطفالهم من الابتزاز الإلكترونى، مشيراً إلى أن الأطفال فى مرحلة الابتدائية يحدث تواصل معهم من خلال شخص ما عبر تطبيقات التواصل الاجتماعى وأشهرها فيسبوك على أنه زميله فى المدرسة ويكون الحساب مسروقاً من زميله الحقيقى، ثم يطلب هذا الشخص طلبات من الطفل، وقد تكون إرسال صور ليتم ابتزازه واستغلاله جنسياً أو بشكل آخر، ولذلك يجب التنبيه على الأطفال عدم الحديث على الإنترنت مع أى شخص حتى لو كان الحساب الذى يتحدث معه لشخص يعرفه.

وأوضح خبير أمن المعلومات، أنه فى حالة طلب الشخص أى شىء يجب عليه إبلاغ والديه بالأمر قبل التنفيذ وعدم الانسياق وراء هذا الشخص، لافتاً إلى أنه يجب بناء جسر من الثقة مع الأطفال لأن الإنترنت ملىء بالأمور السيئة.

وأشار إلى أنه فى مرحلة ما بعد الابتدائية وحتى نهاية المرحلة الإعدادية، ينتشر بين الأطفال ألعاب الفيديو، التى يستطيعون من خلالها التحدث مع غيرهم سواء نصياً أو مرئياً، ولذلك يجب الحذر من التحدث مع أى شخص فى هذه الألعاب، قائلاً: «مش معنى إنى اتكلمت مع حد مرتين أو تلاتة فى لعبة من الألعاب يبقى كده أصبح عشرة عمر وأعطى له الأمان، لأن هناك حوادث نصب واستغلال مالى تحدث فى هذا السن بطرق مختلفة».

وطالب «حجاج» الآباء بمعرفة ما يقوم به أبناؤهم على هذه الألعاب، وتنزيل برامج الرقابة الأبوية مثل «جوجل فاميلى لينك» على هواتف أندرويد، الذى يستطيعون من خلاله تتبع سلوك الأبناء والتحكم فى التطبيقات التى يستخدمونها حتى سن السادسة عشرة من عمرهم، أما على هواتف آيفون، فهناك برامج أقوى يستطيع الآباء من خلالها معرفة الموقع المتواجد فيه أبناؤهم ومعرفة سلوكهم على التطبيقات وغلقها عن بعد، والوقت الذى استخدمه فى هذا التطبيق أو غيره.

ولفت إلى أنه من أغرب الحالات المتعلقة بالتكنولوجيا التى صادفها، كانت لسيدة اكتشفت أن زوجها متزوج بأخرى من خلال مراقبة حسابه الشخصى على جوجل، حيث إن هناك تطبيقاً يحتفظ بالبيانات لمدة 5 سنوات، وأن السيدة اكتشفت من خلال التتبع أن زوجها يتردد على مكان بصفة مستمرة، وعندما ذهبت للمكان اكتشفت زواجه السرى.

وطالب حجاج بضرورة تطوير القانون الخاص بجرائم الإنترنت ليكون أكثر ردعاً ضد من يقوم بابتزاز الأشخاص، لأن سرعة التكنولوجيا أصبحت أسرع من

صدور القوانين، كما طالب بحجب المواقع الإباحية، لأن بعض هذه المواقع يتيح لمعدومى الضمير استخدام تلك الفيديوهات والتطبيقات لتشوية سمعة الأشخاص، مؤكداً أن فبركة الصور والفيديوهات أصبحت أمراً سهلاً، بعد وصول البرامج إلى مستويات احترافية يصعب معها التمييز فى بعض الصور ومعرفة ما إذا كانت مفبركة من عدمه.

ودعا خبير أمن المعلومات كل من يتعرض إلى ابتزاز إلكترونى من أى شخص أن يتوجه إلى مباحث الإنترنت لعمل بلاغ، وإذا كان أقل من 18 سنة، عليه التوجه لعمل بلاغ مع ولى الأمر سواء الأب أو الأم، موضحاً أن عقوبات الابتزاز قد تصل من 6 شهور إلى سنتين وغرامة من 10 آلاف إلى 50 ألف جنيه.

ووجهت أسماء مراد، إخصائى علم اجتماع المرأة، عدة نصائح للتعامل مع حالات الابتزاز والتهديد الإلكترونى سواء للشباب أو الأطفال أو الكبار..وقالت إن أهم هذه النصائح تتمثل فى عدم التعامل مع الغرباء، لأن الواقع الافتراضى ملىء بالأشخاص غير المعروفين، ولذلك يجب على الشخص عدم التعامل مع من لا يعرف شخصيته الحقيقية، ولا يأمن له ويثق به ثقة عمياء ويعطى له معلومات عن نفسه، أو يتعرف على أشخاص أجانب من دولة أخرى ويبدأ فى إعطائهم معلومات عن نفسه أو يرسل لهم صور وخاصة البنات.

وأضافت إخصائى علم اجتماع المرأة، أنه بعد إرسال المعلومات والصور يبدأ هؤلاء الأشخاص ابتزازهم سواء جنسياً أو مالياً، ولذلك يجب أن يكون الشخص حذراً من الوقوع فى هذه الأخطاء، مشيرة إلى أنه لو حدث بالفعل الابتزاز يجب عليه التوجه إلى الجهات المعنية بهذا الأمر خاصة مباحث الإنترنت، ويطلب المساعدة والدعم بدلاً من الهروب واللجوء إلى الانتحار فى بعض الحالات.

واقترحت «مراد» إنشاء «شرطة فيسبوكية» خاصة بمواقع التواصل الاجتماعى تتابع كل ما يحدث عليها والتعليقات على الصفحات، وتراقب كل ما يحدث بنظام إلكترونى معين من جانب المتخصصين، موضحة أن تنفيذ هذا الاقتراح ليس سهلاً ولكن لا يوجد ما يمنع المحاولة.

وأكدت أن ما يحدث من ابتزاز وتهديد إلكترونى يؤثر سلبياً على المجتمع، كما سيشهد العالم الافتراضى مزيداً من القرصنة والبلطجة مثل العالم الواقعى، وسيتجرأ كل شخص على ارتكاب مثل هذه الجرائم إذا لم يجد تنفيذاً فورياً للعقوبات القانونية، ولذلك يجب أن يكون هناك عقوبات رادعة لهذه الجرائم حتى لا تزيد من جانب أصحاب النفوس الضعيفة.

وأشارت إلى أننا نحتاج إلى تغليظ العقوبات القانونية لأنها عقوبات عادية جداً غير رادعة، فضلاً عن تسريع إجراءات التقاضى، لأن هناك قضايا تستغرق سنوات حتى يتم الفصل فيها، وسيهدأ ذلك من الحالة النفسية للضحايا وفى نفس الوقت يكون رادعاً للجناة.

فيما قال المستشار القانونى، رامى فوزى، إن الابتزاز والتهديد الإلكترونى ظاهرة اجتماعية أخلاقية سلوكية تنشأ نتيجة إهمال الأسرة سواء للجانى أو الضحية، كما أنها جريمة تؤرق الأسرة بالكامل لأنها كفيلة أن تدمر كيانها، من خلال استقطاب الجانى لضحيته، ثم سلب إرادتها والتحكم فيها مقابل تنفيذ بعض المطالب.

وأضاف فوزى أن الضحية لا بد أن تتحلى بالقوة والشجاعة واتخاذ القرار فى حالة التعرض إلى أى محاولة للابتزاز الإلكترونى، وتتوجه إلى وزارة الداخلية للتبليغ عن واقعة التهديد والابتزاز، مشيراً إلى أن هناك أكثر من جهة للإبلاغ.

وأوضح المستشار القانونى أن هذه الجهات تتمثل فى مباحث الإنترنت فى حالة إذا كانت الرسائل مرسلة عبر تطبيقات واتساب أو ماسنجر أو وسائل التواصل الاجتماعى بشكل عام، أما إذا كانت رسائل نصية مكتوبة sms نلجأ إلى مباحث وشرطة الاتصالات، كما يمكن اللجوء إلى قسم الحاسبات والمعلومات فى وزارة الداخلية.

وأشار «فوزى» إلى أن هذه الجهات من خلال امتلاكها التقنيات التكنولوجية العالية تستطيع تحديد موقع إرسال كل رسالة وبيانات المرسل كاملة، فضلاً عن تتبع شبكة الـ wifi التى تم استخدامها ولذلك يتم القبض عليه بعدها.

فالتهديد والابتزاز الإلكترونى نوعان خطيران من الجرائم كما تنص المادة 327 من قانون العقوبات، أما البسيط فهو التهديد بالضرب مثلاً بدون مقابل، والخطير هو المصحوب بطلب مثل التهديد بدفع مال مقابل عدم نشر صور أو تسجيلات وغيرها، بحسب رامى فوزى، الذى أشار إلى أن التهديد البسيط عقوبته تكون الحبس مدة لا تزيد على سنتين وغرامة لا تزيد على 500 جنيه، أما الخطير فعقوبته السجن أكثر من 3 سنين ولكن بشروط تتعلق بأركان واقعة الجريمة أهمها أن يكون هناك واقعة تهديد وأن يكون التهديد مكتوباً سواء ورقياً أو على تطبيقات التواصل الاجتماعى، وأن تكون العبارات دالة واضحة لا لبس فيها أو غموض، مؤكداً أن النيابة العامة تعترف برسائل التطبيقات فى تحقيقاتها ولا مشكلة فى ذلك.

وحذر المستشار القانونى الضحايا فى حالة التعرض لحالة تهديد من المبادرة بدفع أى مبالغ مالية، لأن الجانى يعتمد فى قوته على مدى استسلام الضحية، وكلما زاد استسلام الضحية زادت قوة الجانى وزاد سقف المطالب، مطالباً بالتوجه إلى وزارة الداخلية والجهات المعنية فوراً.

وتتعدد حالات الابتزاز الإلكترونى حالياً ما بين التهديد مقابل المال أو الجنس، ولكن النسبة الأكبر من الحالات تكون موجهة للإناث، وبالذات استغلال الصور الخاصة المرسلة بين الطرفين ونشرها للتهديد.