رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

«بيت الأشباح».. عرض متكامل يدعو للتفاؤل

بوابة الوفد الإلكترونية

يقدم مسرح الشباب حاليا مسرحية «بيت الأشباح» على خشبة المسرح العائم الصغير.. والمسرحية تمثل انتصارا حقيقيا للمسرح بشكل عام ولمسرح الدولة والشباب بشكل خاص.. بكل ما قدمته من عناصر متفردة ومتميزة من نص مسرحى يرقى لمستوى النصوص العالمية.. إلى مخرج واعٍ متمكن من أدواته بصورة يسهل اكتشافها منذ أول دقيقة فى العرض وقدرته على تحريك الممثلين واستغلال الفراغ المسرحى بصورة جيدة.. إلى مجموعة الممثلين الذين لا يخالجك شك ولو للحظة أنهم فى أول عمل فنى لهم على خشبة المسرح، حيث أثبتوا جميعا أن لديهم طاقات كامنة تمكنهم من الجلوس يوما ما على مقعد النجم الأول من التمثيل للاستعراض والغناء.. إلى الموسيقى والاستعراضات والديكور.. التى احتشدت جميعا لتشكل عرضا من تلك النوعية التى تبقى حاضرة فى ذهنك لعدة أيام بعد مشاهدتها.

مخرج العرض محمود جمال حدينى هو نفسه مؤلف النص.. لنجد أنفسنا أمام حالة متكاملة من الإبداع تذكرنا بزمن نجوم المسرح الكبار.. فتجد نفسك فى حيرة ما بين الكتابة عن جودة النص لكاتب واع يدرك هدفه جيدا، مع إلمام كامل بمتطلبات خشبة المسرح.. والكتابة عن مخرج شاب يستطيع أن يتعامل مع نص يناقش فكرة فى مساحة زمنية ومكانية محدودة وديكور ثابت دون أن يشعرك بملل.. مخرج يستطيع أن يحرك جموع الممثلين (أكثر من 20 ممثلا) على خشبة المسرح دون خطأ واحد أو ضوضاء بلا داع.

«بيت الأشباح» اسم المسرحية يوحى بحالة مغايرة تماما لما ستشاهده على خشبة المسرح.. فهى ليست أشباحًا مخيفة أو شريرة بل هم بشر مثلنا تعلقت أرواحهم بين الحياة والموت.. ليسوا أشخاصًا طيبين فحسب بل نادمون على كل سيىء فى حياتهم وظرفاء أيضا.

تدور فكرة المسرحية حول «حسن» الذى يهرب من حياته التى يفرضها عليه أهله، فيستأجر منزلا للعيش فيه.. ولحسن حظه يكون ذلك البيت مسكونا بالأشباح التى ترى أن هذا البيت ملك لها وليس لأى متطفل أن يشاركهم فيه.. فتدأب على طرد كل من يحاول أن يسكنه عبر ألاعيبها وحيلها الشيطانية.. إلا أن «حسن» الذى تحاصره همومه لا تخيفه ألاعيبهم ولا تلفت نظره.. بل ينجح أيضا فى جذب تعاطفهم.. فيقررون الظهور له.. ومع الوقت تنشأ بينهم علاقة صداقة.. حسن الذى يقف على حافة الانتحار الكاره لحياته.. يجد نفسه بين مجموعة من الأرواح تتحرق شوقا للحياة ولو لساعة واحدة.. وعبر جمل حوارية رشيقة لا تخلو من الكوميديا والاستعراض المتميز والحركة المتقنة بمصاحبة الموسيقى..

يروى كل شبح منهم قصته لحسن.. لنبدأ فى التعرف على مأساة كل واحد فيهم.. وتحدث حالة من التعاطف معه.. إذ يقف كل منهم على مفترق طرق بين الموت والحياة التى لم تكتمل فصولها.. وليفهم حسن أن الحياة بها ما يستحق أن نتمسك به.. وأنها أغلى من أن تهدر بالإحباط أو التسليم لواقع نرفضه.. وينتهى العرض بأن تدفع الأشباح حسن دفعا للعودة للحياة ومواجهة تحدياتها.

وكما قلت فى بداية الحديث فإن هذا العرض مبشر بكل ما فيه ويدعو للتفاؤل من أداء ممثلين لكاتب ومخرج واعد لمؤلف موسيقى «رفيق يوسف » متميز ومصمم ديكور«هبة الكومي» قرأ النص جيدا وأدرك المطلوب منه بدقه لتخرج الديكورات فى شكل لوحه زيتية باهتة تعبر عن المنزل القديم مع روح النص من الوقوف فى منطقة ما بين الحياة والموت، لتعدد مستويات الرؤيا والإدراك.. لأزياء أميرة صابر التى عبرت بشكل مباشر عن كل شخصية ودورها فى العرض.. وكذلك الإضاءة للمبدع أبو بكر الشريف الذى دوما ما يعزف بإضاءته عرضا موازيا للأحداث على خشبة المسرح.. كنت أتمنى أن أذكر أسماء الممثلين المشاركين فى العرض بالكامل لولا أن أسماءهم لم تكن على أفيش المسرحية.. لكننى أؤكد أن جمهور المسرح بأكمله سيحفظ أسماءهم قريبا فردا فردا.. وفى النهاية تشكل التجربة فى مجملها حصادا رائعا لمسرح الشباب وورشته الفنية التى لو استمرت على نفس المستوى فستتحول إلى مصنع حقيقى للنجوم.. كما تمثل حصادا أيضا لوجود فنان ومخرج واعٍ مثل خالد جلال ذي الخبرة العريضة بصناعة النجوم ومسرح الشباب فى قمة موقع هام كقطاع الإنتاج الثقافى بوزارة الثقافة.