رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أسرار البيوت على الهواء.. صفحات الفضفضة والمشكلات الأسرية قنبلة اجتماعية موقوتة

بوابة الوفد الإلكترونية

إيمان مجدي:

 

"البيوت أسرار" مقولة نشأت عليها أجيال تعلمت معنى حفظ خصوصيات البيت واعتبارها شيئًا محرمًا ومعيب أن يخرج كلمة من أهل البيت لخارجه، ولكن تطورات العصر استطاعت أن تجعل حتى للمقولة عمرًا افتراضيًا، لتأتي وسائل التواصل الاجتماعي وتؤدي بها، فأصبحت "حياتنا على الملأ باب مفتوح على العالم، وكتاب متاح صفحاته لكل عابر سبيل يتصفحها متى شاء، يعلق عليها كما لو كانت مباراة كرة قدم معلنة للجميع".

انتشرت منذ فترة ليست بقليلة صفحات لعرض المشاكل ينشر عليها كلا من الرجال والنساء كبار وصغار مشاكلهم المختلفة حتى شديدة الخصوصية منها فتلك الصفحات يعتبرها البعض وسيلة للفضفضة متاحة للجميع وفيها الاستشارات مجانية والجميع خبراء.

وبعد عرض المشكلة يمكنك هنا وبتلك الخانة المكتوب عليها اترك تعليقًا أن تضع كل ما يأتي بذهنك وتغير حياة شخص كاملة دون قيود أو اعتراض، وقد لا يكون الأغلب منهم أهل للثقة أو أصحاب خبرة ولا هم متخصصين في حل تلك المشاكل إلا أنك تجد مختلف المشاكل معروضة على الصفحة دون قيود.

والكارثة أنك تجد من بين تلك المشاكل التي يعرضها رواد تلك الصفحات مشاكل زوجية وأخرى متعلقة بالشرف وأسرار خاصة جدًا بجانب بعض منشورات غير أخلاقية ومقززة في بعض الأحيان وتنهال التعليقات الجاد منها والساخر بجانب حالات الاستهزاء وغيرها ممن يهاجم صاحب المنشور بصورة عنيفة وآخر ممن يجاري منشور آخر حتى يصبح حوار خارج عن نطاق الأخلاق.

ولا نستطيع أن نجزم بأن كل ما يتم نشره خارج عن النطاق ولكن هناك بعض المنشورات التي تشارك الأعضاء تجاربهم الجيدة ومواقفهم التي لها هدف وهو أن يتعلم غيره منها، وتفيد من يقرأها أو بعض المشاعر والحالات الإنسانية ومنشورات تدعو للأمل والتفاؤل.

بات العالم الافتراضي بمثابة الفانوس السحري، كل ما تبحث عنه تجده في لمح البصر، ولا نستطيع أن نجزم عن شخصية صاحب المنشور وكيف استطاع أن يبوح بأسراره على مرئى ومسمع الجميع، حتى وإن كان يخفي نفسه خلف حساب آخر أو بإذن من صاحب الصفحة بعدم نشر ما يعبر عن هويته، لتأتي ردود الأفعال ممن لا يمتلك الخبرة الكافية والذي يمكن أن يكون رده سببًا للتجريح والسخرية.

 

شعارات

"ابعتولنا مشاكلكم فضفضو براحتكم في سرية تامة" كان هذا شعار أحد الصفحات، لتجلب رواد الفيس بوك المشاركة في الصفحة وتبادل الردود. ومن بين تلك المشاكل ...

وبالنهاية ليس كل صفحات الفيس بوك سيئة أو تنشر ما لا يليق على العام، بينما هناك الكثير من الصفحات عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وغيره من وسائل التواصل التي تفيد الناس، والتي تتخص في مجالات بعينها مثل صفحات للطهي والموضة والسياحة وأفضل الأماكن للتنزه وأسئلة عن البرمجيات أو استشارات طبية أو اجتماعية.

بجانب صفحات تبادل التجارب وصفحات تعمل كدور مؤسسات المجتمع المدني ولكن بشكل أفضل وأكثر إنسانية بنشر عدد من الحالات التي تحتاج مساعدة أو أزمات بعينها.

 

الخبراء

وأجمع الخبراء في تصريحات خاصة لـ"بوابة الوفد"، أن تلك الصفحات تأثيرها سلبي على الأشخاص وبها بعض المنشورات التي لا تليق بالمجتمع المصري، مؤكدين أن هناك بعض منها المفيد والتي تنشر التجارب الهادفة وبعض الحالات الإنسانية وغيرها من المنشورات الهامة.

وهنا أعرب محمد هاني استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، عن استيائه من تلك الصفحات قائلًا: "مش كل المنشورات والقصص اللي بيتم عرضها حقيقي ونسبة كبيرة منها وهمية والأكونتات مضروبة، وأغلب المشاكل جنسية لإثارة الشباب مما يتيح التعليقات خارجة عن القيم وغير لائقة، وفتح مواضيع خاصة وقصص مفبركة، وفي ناس بتستجيب بدافع الفضول، وفي ناس مريضة عندها فراغ تتخيل وتكتب مشاكل وهمية، والناس ترد".

وأكد أن صفحات عرض المشاكل الاجتماعية وشديدة الخصوصية، أصبح لها مردود سلبي على الحالة النفسية للفرد حين يجد حجم المشاكل حوله، فضلًا عن تأثرها على علاقته الأسرية أيضًا، مرجعًأ السبب لتلقي التعليقات على بعض المشاكل الهامة والخاصة في نفس الوقت من قبل أشخاص غير مختصين، وبالتالي قد يعقد المشكلة أكثر من حلها.

تجارب

بينما لفت استشاري العلاقات الأسرية إلى أن هناك أشخاصًا يلجأون لعرض مشكلاتهم على صفحات الفيس بوك، أملًا لإيجاد حل لها، أو مشاركة ممن مروا بنفس التجربة وعرض حلول مختلفة، كما أن البعض يتمنى أن يكون هناك أحد المختصين بتلك الصفحات ليرد عليه، واصفًا تلك الأشخاص بمقولة: "الغريق بيتعلق بقشاية".

وتابع أن حالة الفضفضة التي يقوم بها الناس على السوشيال ميديا أصبحت كثيرة خلال الفترة الأخيرة، معللًا بأن التواصل عن طريق السوشيال أسهل من التليفون، خاصة وأن الشباب بل والكبار يستخدمون الفيس بوك مثل موقع البحث "جوجل"، بمعنى أن الفيس أصبح وسيلة بحث هامة وسريعة الانتشار لأغلب احتياجاتنا.

وأشار أن الاستفادة من تلك الصفحات تكمن في تبادل التجارب، مؤكدًا أن هناك بعض الأشخاص لم يجدوا من يتواصلون معهم أو لا يريدون أن يتحدثوا مع الأصدقاء والأقارب حتى لا تتصاعد المشكلة، فيلجأون للفضفضة مع المجهولين.

 

السبب

وأوضح أن السبب في انتشار تلك الصفحات ومتابعيها هو زيادة حجم مشاكل وأعباء العصر من كل نوع، مما يجعل الناس تريد أن تفرغ طاقتها، وحين يجدون مشاكل غيرهم أو مشاكل شبيهة لمشاكلهم يشعر بالمشاركة ويستفيد من خبرات السابقين خاصة لو كان الحديث مفيد وهادف.

وطالب هاني من رواد تلك الصفحات عدم الاستجابة لها، واستشارة المختصين في المشاكل النفسية والاجتماعية، ومشاركة المقربين، معلقًا عما يحدث بقوله: "حياتنا بقت في الشارع زي مشكلة على الناصية".

فيما أوضح عبدالحميد زيد رئيس قسم الاجتماع جامعة الفيوم، أن وسيلة التواصل الاجتماعي والصفحات العامة أصبحت مثل "المصطبة البلدي"، وجعلت الاشخاص في عزلة عن

بعضهم البعض، بعد أن كان يتجمع الأصدقاء ليحكي كلا منهم مشكلته في خصوصية بينهم، حل الفيس بوك محل ذلك لينشر الفرد ما يريد على الصفحات عامة ويراها الجميع.

وأعرب زيد عن استيائه من حالة عدم حفظ الخصوصية التي انتشرت مؤخرًا قائلًا: "زمان كانا بنخاف على شكلنا ونحترم كلام الناس، نخشى الخروج عن قواعد المجتمع راسخة في ذهننا، وكنا ننتقد بشدة جلسات الغيبة والنميمة، لكن الآن ننشر ده على العلن بل ونتلقى التعليقات وكمان ننشر مشاكلنا الخاصة بصورة محرجة".

واستنكر رئيس قسم الاجتماع، التغيرات الحديثة في المجتمع المصري، التي جعلت قيم وعادات المجتمع الشرقي تتغير، والمعايير الحاكمة لسلوكيات الناس تتراجع مما جعل الفرد لا يفكر في الأمر قبل فعله، دون النظر للمجتمع وتقاليده، مشيرًا أن هذا الأمر واضح في صفحات عرض المشاكل الاجتماعية التي تبيح للمشارك أن يرسل أي مشكلة مهما كانت وينشرها صاحب الصفحة للجميع.

وعن شخصية المرسل لتلك المشاكل قال زيد، إن هناك صنفين من الناس ممن يبيحوا نشر حياتهم الشخصية على صفحات التواصل، أولهم من لا يهمه الأمر لأنه متخفي وراء ستار الرسائل التي لا تعلن عن أسم وصفة الشخص، أما النوع الآخر الذي لا يهتم للمجتمع وتقاليده وينشر أشياء لا يجوز نشرها علنًا، تحت مسمى الحرية.

وتابع أن الحرية أصبحت أكثر من اللزوم والخارج عن المحدود، لافتًا أن ثقافة المجتمع المصري قديمًا كانت تعتمد على التواصل مع الآخر واشتراكه فيما يفكر، في حدود الأدب والاحترام أما الآن أصبحت حياتنا على مرأى ومسمع للجميع.

 

رأي الدين

أكد محمد أبو ليلة أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بجامعة الأزهر، أن الإنترنت "نكبة" على البيت المصري والعربي، وأصبح سلاح لهدم العلاقات الأسرية، وفضح أسرار البيوت وذلك بعرضها على صفحات التواصل الاجتماعي.

كما قال أبو ليلة :"الله ستار، وأمرنا ألا نجاهر بالمعاصي والكلام البذيء ولا نشنع بالناس ولا بأنفسنا، وسبحانه يستر العلاقات الزوجية، وغيرها من العلاقات سواء علاقات أسرية أو صداقة وجيران والتي نقوم نحن ونفضحها على صفحات التواصل"، معتبر ما يحدث جريمة أخلاقية في حق من النفس والمجتمع.

وأشار إلى أن هناك بعض المخطوبين والأزواج والزوجات يقوموا بنشر قصص إنفصالهم، موضحًا أن الإسلام حرم تشنيع الزوج بالزوجة والعكس وذلك على نطاق المجتمع الضيق من الأسرتين والأصدقاء والجيران والزملاء، -فما بالنا اليوم تعرض على الإنترنت فيقراها البعيد والقريب_على حد قوله.

واستنكر أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بجامعة الأزهر، ما يقوم به رواد تلك الصفحات، والتي شببها بالصحف الصفراء التي كثيرًا ما وجهنا له اللوم لنها تشنع بالناس وتنشر الفضائح وتخوض في الأعراض، مؤكدًا أن تلك الصفحات أصبحت أشد خطورة من الصحف الصفراء.

وتابع بأن الإسلام دعا إلى الخلق واحترام الخصوصيات والمبادئ والاحتفاظ بأسرار النفس والمجتمع كله، لأن لا يوجد إنسان ليس له سر، وموضوعات شخصية لو ظهرت تفتت المجتمع.

"ارتكاب الرذيلة بقى هين على الناس والعار لا يثير أحد فانعدمت الغيرة بين الناس على العرض والخصوصية والثقافة الوطنية وهذا له مردرو سلبي عميق على المجتمع، ولو أباحنا نشر كل شيء من خصوصيات وغيره، سنجد الكثير يخترعون القصص الوهمية للحث على الفساد وإظهار القبح والخبرات السيئة الخارجة عن القيم والله تعالى أمرنا بالستر"

أما عن نشر التجارب الهادفة والمفيدة بدون التعمق في تفاصيل بهدف نشر التوعية والاستفادة منها، أمر ليس به شيء، وعن بعض المشاكل لابد من عرضها على أهل العلم.

واستطرد" وصلني أمر نشر ما يسيئ للآخرين وذلك بالقرى التي دائمًا محصنة وتلتزم بالقيم، مما سيجعل الأمر يتطور وقد يصل للقتال حفاظًا على خصوصيات الأسر وعرضهم".

يستفيد منها أجهزة العالم التي تسعى احتواء الشعوب والسيطرة عليها كل هذه الأخبار تطرح على الإنترنت.