رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مقاعد شاغرة على موائد إفطار أسر الشهداء

بوابة الوفد الإلكترونية

بينما تتجمل الشوارع والأحياء بزينة رمضان، وتنتشر الفوانيس الضخمة فى شرفات المنازل، وتقوم الأسر بتبادل الزيارات والعزومات، نجد بيوت الشهداء بلا فرحة رمضان مع رحيل الأحبة.

عاد رمضان هذا العام على أسر الشهداء ولسان حالهم يقول: «بأى حال عدت يا رمضان؟».

هم الغائبون الحاضرون، لا تتبقى منهم إلا ذكرى عطرة واسم محفور على لوحة من رخام على قبورهم.

يأتى رمضان كل عام والدموع لم تجف على الخدود بعد، يمر على أسر دون أن يكون بينهم الأب أو الزوج أو الأخ أو الابن الذى استشهد وهو يدافع عن الوطن.

اغتالته يد الغدر، فأصبح مقعده على مائدة الطعام خالياً وبات أقاربه يتقاسمون الحزن والأسى.. لا يعرفون طعم الأكل، فقد فرقهم الموت وجمعت بينهم الأحزان.

التقت «الوفد» 4 من أسر شهداء الشرطة، للتعرف على حياتهم وأيامهم الرمضانية وكيف يقضونها فى ظل غياب الشهيد.

«لم نعد نشعر بفرحة رمضان».. هكذا بدأت حديثها زوجة اللواء نبيل فراج، وهو الضابط الذى استشهد أثناء اقتحام مدينة كرداسة لتطهيرها من البؤر الإجرامية والإرهابية، ورغم حرص شقيق الشهيد على أن تذهب إليه أسرة اللواء نبيل لتناول الإفطار، فإن طفلى الشهيد ما زالا يشعران بأن هناك شيئاً كبيراً ينقصهما.. وتقول الزوجة: لم أستطع الرد على سؤالهما «هو مين هيربينا بعد بابا ما مات؟».

وأضافت أن مقعد زوجها على مائدة الطعام ظل فارغاً فى أول يوم رمضان وسط بكاء لا يتوقف ودموع لم تجف، وأسئلة لا تتوقف من الطفلين عن والدهما وسر الغياب فى هذا الشهر الكريم.

انتقلنا إلى منزل أم الشهيد الرائد «محمد أبوشقرة» ضابط الأمن الوطنى، فما إن يأتى ذكر اسمه على شفتيها حتى تنهال دموعها، ولا تستطيع حبس مشاعرها ويختنق صوتها.

وكانت الأم قد عادت منذ فترة قصيرة من أداء العمرة التى وهبتها لابنها «محمد»، حيث تحل ذكراه السنوية يوم 9 من الشهر الحالى، وهى تقول بكلمات تقطر حزناً وأسى: أفتقد محمد بشدة ورغم مرور ثلاث سنوات على فراقه، أشعر كأنه فارقنى فقط بالأمس.. وقد اعتاد فى رمضان أن يصلى المغرب دائماً فى الجامع، ويفطر هناك على تمرة ثم يأتى إلى المنزل ليفطر معنا، وكان يحب تناول البلح باللبن..وكنا نذهب معاً لصلاة التراويح.

وأضافت أن الشهيد كان شديد التعلق بأخته، فكان يشترى لها دائماً فى رمضان  «السوبيا والعرقسوس»، كما كان حريصاً على الصلاة فى أوقاتها وكان طيب القلب.

وتتنهد الأم المكلومة وهى تقول: ما زالت رائحة «محمد» تملأ أرجاء المكان وما زالت متعلقاته موجودة فى البيت لم ألمسها منذ رحيله.. فى كل جزء من المنزل تجمعنى معه الذكريات.. وتشير بيدها هنا كان يجلس لقراءة القرآن، وهنا كان يقوم بممارسة التدريبات الرياضية.. كان دائماً راضياً وسعيداً بأى شىء أضعه على مائدة الإفطار، كنت أعلم أنه ليس من أهل الدنيا، وكنت على يقين أن الله يحبه وسيختاره.

اللقاء الثالث كان مع أم الشهيد الرائد طارق أسامة، مفتش مباحث شبرا الخيمة الذى استشهد فى 28 يناير 2011، تقول الأم، وهى تصف رمضان فى عيون ابنها الشهيد: «كان شهر تعبد، بيعمل حسابه من قبله ليتفرغ للعبادة، كان حريصاً على صلاة الفجر فى المسجد.. ربنا يتقبلها منه يارب».

ثم تنظر الأم المكلومة إلى حوائط المنزل التى تطل منها صور ابنها وشهادات التقدير التى حصل عليها.. ثم تقف الكلمات على شفتيها وتخرج متحشرجة ممزوجة بدموع ذكرى عابرة: «مفتقداه جداً خاصة فى هذه الأيام، كان ابنى الوحيد وسندى فى الحياة، لم يتعبنى يوماً أو يعترض على أى أكل أو حتى يكون له طلب معين».

تتنهد الأم متذكرة: «نحن أسرة صغيرة، رمضان بالنسبة لنا لمتنا مع بعض، نتشارك فى كل شىء، بعده لم يعد له طعم ولم أعد أحرص على الأكل».

وأضافت الأم: دموعى لا تتوقف وأشعر أن الحزن فالق كبدى، ورغم محاولات ابنتى اصطحابى معها للإفطار إلا أننى أرفض الجلوس على مائدة ليس فيها طارق، الذى يأتى لزيارتى فى المنام فأراه فى قصر مهيب، ولدى الأمل فى الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يقتص لأمهات وزوجات الشهداء.

اللقاء الرابع، أجرته «الوفد» مع والد الشهيد الملازم أول محمد عبدالعزيز الضابط بقطاع الأمن المركزى - الذى استشهد فى فض اعتصام النهضة منذ 3 سنوات - ويحكى والده بحزن شديد وألم

ما زال يسكن صدره: «كان محمد إجازة لكن جاءه تليفون أن اعتصام النهضة سيتم فضه فاستأذن الشهيد فى الرحيل ليذهب إلى الميدان».

ويقول الوالد: «أشعر بأنه يسمعنى ويحس بى، وما زال معى يشاركنى إفطارى يومياً، نتبادل الحديث كما كنا دائماً.. كان معتاداً على أن يفطر معنا أول يوم رمضان وكان يحب سلطة الفواكه ويقوم بتحضيرها بنفسه.. وكان محمد إنساناً عطوفاً مرتبطاً جداً بأسرته.. لذا تشعر والدته بالحزن الشديد خاصة فى المناسبات لأنه كان حريصاً على التواجد معنا ساعة الإفطار وكان كلما حصل على علاوة، أسرع إلى والدته لإعطائها المال لشراء احتياجاتها.

وأضاف: كانت والدة محمد تتألم كثيراً لفراقه حتى رأت رؤية فى رمضان تبشرها بدخول «محمد» الجنة ومن ساعتها بدأت تشعر بمزيد من الرضا.

صرخت: منهم لله حرموني من الحبيب

أم العميد عامر عبد المقصود : « لمة العيلة» ناقصها ابنى

 

ما زلنا نتذكر العميد «عامر عبد المقصود» شهيد كرداسة الذى ضحى بحياته فداء لهذا الوطن....وأشارت والدته إلى أن ابنها كان من أشد المحافظين على قضاء الصلاة في أوقاتها، مشيرة إلى أنه كان من محبي الجلوس داخل الحارة وسط أهله وأصحابه وجيرانه، وكثيرا ما اصطحبها للجلوس معه أمام مدخل العقار مع الأهالي والجيران قائلة: كان يقولي يلا ياما تعالي نقعد مع الناس في الشارع، حب الناس ده نعمة من عند ربنا، ربنا ما يحرمنا منها وكان بيعزم على كل اللي يعدي عليه، وكانوا بيردوا عليه شكرا ياباشا، كلمة حرموني منها، منهم لله، ضيعوا أبويا وأخويا وكبيرنا، وشتتوا شمل العيلة..... أم الشهيد تأثرت بموته وأصابها المرض حزنا على ولدها، وتتدلى من رقبتها سلسلة تحمل صورة الشهيد بالإضافة إلى صوره التي زينت الغرفة وعدد من الشهادات التي حصل عليها أثناء فترة خدمته....وما من مناسبة تمر حتي تعود مجددا الى أسرة الشهيد كل الأحزان والذكريات بسبب افتقاد الحبيب....

متحف لتخليد الذكرى

ونحن فى طريقنا إلى منزل الشهيد الرائد «طارق أسامة»، وجدنا لافتة كبيرة تحمل اسمه ومكتوبًا عليها من شهداء يناير 2011 عند مدخل المنزل، حرصت والدة الشهيد على تخصيص غرفة خاصة وضعت فيها كل صور وشهادات التقدير التى حصل عليها الرائد «طارق»....حوائط المنزل تحمل كلها صورًا لابنها الغائب الحاضر الذى رحل فقط بجسده لكن روحه مازالت موجودة فى المنزل.... وكتبت أم الشهيد بجانب صورة ابنها على الحائط تندد بإرهاب الاخوان الذين كانوا سببا فى اغتيال ابنها الوحيد.....

هنا كان يجلس «طارق» وهنا كان ينام....مازالت الأم تتذكر كل حركة كان يقوم بها ابنها الشهيد وكلما اشتاقت اليه ذهبت الى غرفته لتشاهد صوره وتحادثه وكأنه يسمعها....وهى تضع صورته أمام مقعده على مائدة الافطار لتشعر بوجوده أثناء تناولها الافطار بمفردها كل يوم....تمر اللحظات ببطء شديد فى ظل غياب الابن حتى وجبة الافطار لم يعد  لها أي طعم....