رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تفسير قوله تعالى إن الله يأمركم أن تأدوا الأمانات إلى أهلها

مركز الأزهر العالمي
مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية

قال الدكتور محمد سليمان، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الله عز وجل يقول في كتابه العزيز: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)} [سورة النساء: 58]، وفي الآية الكريمة أمران كريمان من الله تعالى لعباده المؤمنين.

 

اقرأ أيضًا.. لماذا فُرض علينا الصيام .. وما هى فوائده

 

وأوضح "سليمان" في "تصريحه للوفد"، أن الأمر الأول: أداء الأمانات إلى أصحابها، والثاني: أن يتحاكموا فيما بينهم بالعدل، موضحًا أن الأمر الأول، هو عام في جميع الأمانات الواجبة على الإنسان، سواء أكانت واجبة لله - تعالى - على العبد، كالصلوات والزكوات والكفارات والنذور والصيام وغيرها مما هو بينه وبين ربه عز وجل، أم كانت واجبة له على العباد، كالودائع وغيرها مما يؤتمنون عليه، فهذه كلها مما يجب على الإنسان أن يتعجل بأدائها في الدنيا قبل فوات الأوان، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ" [رواه أحمد وغيره]، وإن لم يؤدها في الدنيا فسيؤديها في الآخرة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ، مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ» [رواه مسلم]

ففي هذا الحديث العدل الإلهي المطلق والحق التام، حتى إن البهائم تعاد وتحشر ليقتص لبعضها من بعض، لدرجة أن التي ليس لها قرون يقتص لها من ناطحتها من ذوات القرون، وهذا القصاص ليس قصاص تكليف، وإنما هو قصاص مقابلة، ولا غضاضة في هذا المعنى طالما ورد الشرع به، ولم يمنع منه عقل ولا شرع.

 

وأضاف عضو الأزهر للفتوى، أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ضرب أروع مثل في العمل بهذه الآية الكريمة، وذلك لما أخذ مفتاح الكعبة يوم فتح مكة من عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، حاجب الكعبة المشرفة، الذي صارت الحجابة في نسله إلى اليوم، فلما نزلت عليه هذه الآية الكريمة دعاه وابن عمه شيبة بن عثمان فرد المفتاح إليه، وقال: "خذاها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم" [تفسير القرطبي].

 

وتابع: "أما الأمر الثاني: وهو الحكم بالعدل بين الناس، فهو أمر للناس جميعا، ويدخل فيه الحكام والولاة والعلماء والقضاة والمُفْتون دخولا أوليا؛ لأن ما بأيديهم من القدرة على إقامة الحق والعدل، وردِّ الحقوق إلى أصحابها، ورفع المظالم عن المظلومين، وبيان

الحق للناس، ما ليس بأيدي غيرهم، فهؤلاء العدول منزلتهم عظيمة ومكانتهم كريمة يوم القيامة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا» [رواه مسلم]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا، وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» [متفق عليه].

 

وأكمل: "ثم ختم الله تعالى هذه الآية الكريمة بما يدعو إلى مزيد من الاستجابة لأمره، والعمل بشرعه، فقال: { إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} حيث بين لنا عظم الشيء الذي أمرنا به، من رد الأمانات، والحكم بالعدل، بأنه نعم الشيء الذي وعظنا به، ودلنا عليه، وأرشدنا إليه، فهو المخصوص بالمدح هنا، وهذا من رحمة الله - تعالى - بنا، حيث لم يأمرنا إلا بما فيه خيرنا، ولم ينهنا إلا عن ما فيه ضررنا".

 

واختتم قائلًا: "وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} يفيد أن الله - تعالى - لا يخفى عليه أمر من أمورنا، فهو سميع لأقوالنا، بصير بأعمالنا، وهو وعد ووعيد، وتطمين وتهديد؛ بأن شيئًا - مهمًّا كان- لا يغيب عنه، ولا يمر دون أن يأخذ الإنسان عليه ما يكافئه من ثواب أو عقاب".