رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

جلال عارف يكتب : نتانياهو وكشف المستور

جلال عارف
جلال عارف

بعد عام من الإهانات التي تلقاها الرئيس الأميركي أوباما من رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتانياهو حين ذهب إلى الكونغرس في العام الماضي دون رغبته أو دعوته..

 

ووقف على منبر الكونغرس يحرض النواب ضد أوباما، ويستعرض كأنه الآمر الناهي في أكبر دولة في العالم.. بعد عام واحد كانت أبواب البيت الأبيض تفتح لنتانياهو، وكان أوباما يترخص في استرضائه، ويعلن بكل سرور (!!) أنه لا تحرك في الصراع الإسرائيلي - العربي قبل نهاية ولايته!

 

كان ذلك منتظراً لقرب الانتخابات الرئاسة الأميركية ولضمان تأييد اللوبي الصهيوني صاحب القوة النافذة في الولايات المتحدة الأميركية لمرشح الديمقراطيين (الذي ترجح الاستطلاعات حتى الآن أن تكون هيلاري كلينتون).

 

لكن الغريب كان أن تسبق الزيارة مقدمة تمهيدية إسرائيلية من باب «كسر عين» الإدارة الأميركية، حين خرج المرشح من قبل نتانياهو ليكون متحدثاً صحافياً باسمه بتصريحات اتهم فيها الرئيس الأميركي أوباما بأنه معاد للسامية (!!) ووصف وزير خارجية أميركا جون كيري بأن قدراته العقلية لا تزيد على قدرات طفل في الثانية عشرة من عمره!

 

ولو حدث ذلك من دولة أخرى لأقامت الإدارة الأميركية الدنيا وأقعدتها، ولكنها هنا ابتلعت الإهانة وقالت إنها أبلغت إسرائيل استياءها.

 

فبينما كانت تنهي الاستعدادات لاستقبال فخيم يليق بمقام القادم إليهم في البيت الأبيض حرص نتانياهو على تكرار مزاعمه الرخيصة عن «الإرهاب الفلسطيني»! وحين تكلم أوباما عن أن حل الدولتين هو لصالح الكيان الصهيوني كان رد السفاح الإسرائيلي أن الدولة الفلسطينية الموعودة لابد أن تكون منزوعة السلاح..

 

وأن تعترف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي.. أي أن يتم التخلص من مليون ونصف المليون عربي مازالوا يناضلون للحفاظ على أرضهم داخل الكيان الصهيوني!

 

ولم يكن غريباً بعد ذلك أن يخرج نتانياهو ليعلن أنه لا انسحاب من الضفة الغربية (أو ما تبقى منها) ولا دولة فلسطين خلال العشرين عاماً المقبلة!

 

ولم يكن غريباً أيضاً أن تتواصل الحملة لقتل الشبان الفلسطينيين بحجة أنهم كانوا ينوون «طعن جنود الاحتلال» وكان على العالم أن يشاهد أطفالاً لم يبلغوا الثانية عشرة من عمرهم وهم يتعرضون لأقصى عمليات التنكيل إذا نجوا من الرصاصات القاتلة.

 

ثم كان على العالم أن يتابع ما نشرته السلطات الإسرائيلية عن قانون جديد يتيح لها محاكمة الأطفال في سن الثانية عشرة، وإصدار الأحكام الرادعة عليهم، على أن يقضوا عامين محتجزين في دور الأحداث، ثم ينقلوا للسجون العامة لاستكمال عقوباتهم.

 

لكن الأمور لا تسير على هذا النحو دائماً.

 

فالعالم ليس الكونغرس الأميركي الذي تحكمه إسرائيل، ولا الرئيس الأميركي الفاشل الذي يقبل الإهانة

صاغراً من نتانياهو الذي يتعامل معه كأنه موظف صغير في مكتبه! العالم يرى شعباً فلسطينياً عربياً يقاوم أبشع احتلال بصدور عارية لشباب لا يطلب إلا حرية بلاده واستعادة أرضه وحقوقه المشروعة في حياة كريمة لا تخضع لهؤلاء النازيين الجدد الذين يتفوقون على «الدواعش» في إرهابهم.

 

في يوم واحد كنا أمام حدثين مهمين: الأول كان في الرياض حيث انعقدت القمة العربية - اللاتينية، لتصدر ضمن قراراتها قراراً يدين الاحتلال الإسرائيلي ويؤيد - بالإجماع - قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على حدود الرابع من يونيو 1967.

 

الضربة الثانية والموجعة جاءت من أوروبا، حيث أصدر الاتحاد الأوروبي قراراً بوضع ملصقات خاصة على ما يصل إليها من منتجات تصدرها إسرائيل إذا كانت من إنتاج «المستوطنات» في الضفة الغربية!

 

ورغم محاولات التخفيف من آثار هذا القرار، بأن الهستيريا التي أصابت قادة إسرائيل وفي مقدمتهم نتانياهو تدل على أهمية القرار.. ليس فقط من الناحية الاقتصادية، وإنما أساس من الناحية السياسية وهو ما جعل نتانياهو يفقد أعصابه ويصف أوروبا بالنفاق (!!).

 

إسرائيل والدواعش (الذين خرجوا جميعاً من عباءة الإخوان).. إيد واحدة!! وهم جميعاً في خدمة سياسة ترعاها أميركا لتقسيم العالم العربي من جديد، وللهيمنة على مصيره للأبد.. لكن هناك عالماً أصبح أكثر إدراكاً للحقيقة، وأكثر وعياً بحجم الخطر الذي يمثله إرهاب الدواعش وإرهاب إسرائيل على حد سواء.

العالم أصبح أكثر إدراكاً للخطر.. لكن الأهم أن يدرك العرب أنفسهم أنهم يواجهون واحدة من أصعب الحروب التي واجهوها في العصر الحديث، وأن القضية أصبحت أكبر من قدرة أي قطر عربي على مواجهتها منفرداً، وأن وحدتنا هي سبيلنا للصمود، وطريقنا للانتصار.

نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية