رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ابتزاز الحكومة فى قانون الخدمة المدنية

بوابة الوفد الإلكترونية

ظاهرة غريبة يشهدها المجتمع المصرى منذ اندلاع ثورة يناير وحتى الآن أشبه ما توصف بأنها معركة المصالح بين جماعات الحرس القديم المستفيدة من استمرار الأوضاع دون تغيير واستمرار الفساد فى أجهزة الدولة، طالما أن هذا الفساد لا يؤثر عليها والفئة الأخرى وهى الداعية لتحسين الأوضاع وتوفير وتحسين الخدمات ومحاربة الفساد وكلتا الجماعتين متعارضتان فى الأهداف والغايات ووسائل التعبير، فقد شهد قانون الخدمة المدنية للعاملين بالدولة جدلاً منذ البدء فى إعداد وحتى إقراره وتطبيقه برقم 18 لسنة 2015 فى 13 مارس الماضى وحتى الآن، وعلى رغم خضوع مشروع القانون لمناقشات واسعة مع فئات مختلفة ومتنوعة كنت شاهداً عليها وواحداً من الذين اختلفوا مع بعض البنود حتى وصل القانون إلى صيغته النهائية، ومع الحوار التالى للائحة التنفيذية للقانون والمقرر أن تصدر خلال أيام بعد أن تم صياغتها من قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة وأصبحت جاهزة للإصدار هناك مواطن جدل وشائعات تغذيها جماعات الرفض وهو ما يحدث البلبلة حول القانون ومدى استفادة الموظفين منه نحاول أن نلقى الضوء عليها فى السطور التالية.

فى البداية هناك خلط واضح نتيجة لعدم اطلاع الكثيرين على القانون رغم أنه كان معروضاً لإبداء الرأى على الموقع الإلكترونى للوزارة منذ البدء فى إعداده فى أغسطس من العام الماضى، وحتى شهر مارس الماضى، وتم صياغته وإصداره واعتقد موظفو عدد من الوزارات والجهات خضوعها للقانون والحقيقة أن القانون لن يخاطب إلا العاملين بالدولة الذين كانوا يخضعون للقانون القديم رقم 47 للعاملين المدنيين بالدولة وهناك جهات لا تخضع لتطبيق القانون ورغم هذا وجدنا لها اعتراضات كثيرة وجدلاً وشائعات فى المجتمع المصرى خلال الفترة الماضية ومنهم المعلمون والأطباء والصيادلة والعاملون بهيئة النقل العام وهؤلاء لهم قوانينهم وكوادرهم الخاصة، كما أن القانون لا يخاطب العاملين بالبنوك أو الهيئات الاقتصادية والخدمية أو العاملين بشركات الأعمال العام ولكنه فتح الباب لأى جهة أن تندرج تحت القانون إذا رغبت فى ذلك.

لا أحد ينكر وجود تفاوت صارخ وملحوظ فى الأجور بين الهيئات والجهات الحكومية فى تطبيق القانون القديم رقم 47 لعام 1979 حيث نجد موظفين فى جهات أو وزارات مثل البترول والضرائب والكهرباء يتقاضون رواتب وحوافز تزيد أضعافاً على موظفى الدولة الخاضعين لنفس القانون ولكن فى جهة أخرى مثلاً فى التخطيط أو الحكم المحلى بل كان هناك تفاوت كبير بين أجور الموظفين فى الجهة الواحدة وهناك موظفون تم تعيينهم فى يوم واحد ويواجهون ظروف عمل واحدة ولكن راتب أحدهم أكبر من الآخر وهذا بسبب فوضى الحوافز التى كان يمنحها رئيس المصلحة «العمل» دون الرجوع لأى اعتبارات أخرى مما خلق فوارق غير عادلة بين العاملين فى الدولة.

غير أن القانون الجديد للخدمة المدنية استهدف القضاء على التفاوت الجارى فى الأجور والرواتب بين كافة الجهات الحكومية مرحلياً بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين الأجور فى الوقت نفسه.

ومع الاعتراضات الأخيرة للقانون التى كان آخرها تظاهرات موظفى الضرائب والجمارك ضد القانون رغم أن التظاهرات كانت تطالب بالأساس بهيئة مستقلة لهم عن وزارة المالية باعتبارهم هم من يجمعون حصيلة الضرائب واتخذوا من قانون الخدمة المدنية سبيلاً لمحاربة التغير وابتزاز الدولة، رغم أنهم يتقاضون حوافز تزيد على 300٪ وتصل هذه الحوافز إلى 1500٪ فى كثير من الجهات بالتالى فهم يتقاضون أعلى الأجور والرواتب ودخول هؤلاء تفوق معظم العاملين بالجهاز الإدارى ومع هذا فإن المادة 40 بالقانون الجديد لم تلغ الحوافز لمثل هؤلاء أو العاملين فى المناطق الحدودية ولكن وضعت شروطاً وضوابط حتى لا تكون التفاوتات مهددة للمجتمع بحيث يقررها ويوافق عليها وزير المالية والوزير المختص للخدمة المدنية ويصدق عليها رئيس مجلس الوزراء لتكون أمام المجتمع صورة كاملة: لماذا تم رفع هذه الجهة بعد أن كان رؤساء المصالح والجهات الحكومية يعطون حوافز وفق أهوائهم الشخصية فيعطى هذا ويمنع ذاك وبالتالى يكشف هذا وجود جماعات ضغط توجد فى أجهزة الدولة لا يهمها بالأساس تحقيق العدالة بصورتها الكاملة وإنما جل ما يهمها المصالح الشخصية الأمر الذى يرفضه باقى المجتمع الراغب فى التغيير.

وجاء من بين اعتراضات الرافضين استثناء رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وجهات أخرى من تطبيق القانون والحقيقة أن القانون لا يستثنى أى جهة سوى طريقة اختيار القيادات فقط فى رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء نظراً لطبيعة اختيار القيادات فيهما، وبالتالى فإن القانون يؤسس على المدى الطويل لتقريب الفوارق وتشكيل جهاز إدارى كفء. من خلال تطوير جدول أجور العاملين بالدولة، حيث تضمن القانون وضع منظومة جديدة للأجر اشتملت على عنصرين فقط بدلاً من 11 عنصراً للأجر وهما أجر وظيفى وهو الذى يمثل نحو 75٪ من إجمالى الأجر وأجر مكمل ويمثل نحو 25٪ من الأجر ويندرج تحته علاوة تشجيعية أو علاوة تميز وبالتالى انقلب هرم الأجر من أساسى كان لا يمثل سوى 20٪ من الراتب إلى ما يعادل الأساسى ويمثل 75٪، وبالتالى فإن الأجر المكمل سوف يكون

بقرار مركزى يصدر من رئيس مجلس الوزراء ويسرى على جميع الجهات المخاطبة بأحكام القانون وهو ما يؤدى بالطبع إلى القضاء على التفاوت فى الأجور بين هذه الجهات.

وهناك قضايا وشائعات حول القانون واللائحة رغم عدم صدرها حتى الآن وهو ما يتعلق بفصل العامل بالقانون الجديد.

وأكد الدكتور أشرف العربى، وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، فى تصريحات خاصة لـ«الوفد» أن هناك أقاويل وأشياء كثيرة مغلوطة يتم ترديدها ولا أساس لها فى القانون أو اللائحة التنفيذية منها ما يتردد أن الموظف تحت رحمة مديره فى القانون، موضحاً أن القانون يتبع أفضل النظم العالمية فى الإدارة والتى تمثل نقلة نوعية حيث جعل الموظف لأول مرة يقيم مديره ويقيم نفسه كما يقيم زميله كما أن المواطن يقيم الجهة التى تقدم له الخدمة وهذا ينعكس إيجاباً أو سلباً على تقديم الخدمة.

وأضاف أن هناك أكاذيب تتردد بأن القانون يعطى الحق فى فصل الموظف وهذا كذب فاضح لأن الكثيرين لم يطلعوا على القانون موضحاً أن القانون القديم رقم 47 يفصل الموظف إذا حصل على تقريرين «ضعيف» ولكن القانون الجديد إذا حصل العامل على سنتين «ضعيف» فى السنة الثالثة ينقل من إدارة إلى إدارة أخرى يمكن أن ينجح فيها على نفس الدرجة فى السنة الرابعة يخصم منه 50٪ من الأجر المكمل له والذى يمثل 25٪ من الأجر أما فى السنة الخامسة فتحال أوراقه إلى لجنة الموارد البشرية للنظر فى إنهاء خدمته.

ووصف العربى قانون الخدمة المدنية بأنه مرن وبسيط، مؤكداً أنه يعد ثورة إصلاح إدارى حقيقى تتم فى مصر وأن القانون تم بعد مراجعة أفضل القوانين الإدارية فى العالم بهدف تحقيق العدالة وتوفير الخدمات للمواطنين، كما أنه يقضى على المحسوبية والفساد فى التعيينات بالجهاز الإدارى أو الرشاوى فى الحصول على الخدمات كحقوق أساسية وأصيلة للمواطنين، حيث تكون التعيينات مركزية مشدداً على أنه من خلال الممارسة العملية على المدى البعيد، إذ وجد هناك خلل فيه سيتم تعديله فى اللائحة التنفيذية، وقال إن هناك من يحدث القلاقل لمصالح خاصة ليظل الجهاز الإدارى مترهلاً كما هو دون تطوير للخدمات للمواطنين، وقال إن الأطباء والمعلمين يصرخوا بأن القانون أضرهم وهو فى الأساس لا يخاطبهم ولهم قوانينهم الخاصة.

وقال الدكتور طارق الحصرى، مستشار وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى للتطوير المؤسسى، إن القانون يحتاج لمزيد من التوضيح والشرح للعاملين، هناك مشاكل فى التطبيق نعمل على حلها فى وزارة المالية، لافتاً إلى أنه لا يوجد مشاكل مع وزارة المالية لافتاً إلى أن قرار رئيس الوزراء أن كل موظف يفرض عليه ضرائب تؤدى إلى نقص مرتبه فى القانون الجديد تتحمله الدولة وصدر هذا القرار بالتعاون بين وزير المالية لافتاً إلى أنه غريباً من يحصل على 14 شهراً مكافآت يخرج للاعتراض على القانون متحدياً أن تجد متضرراً من باقى الفئات وهى السواد الأعظم وتساءل أين حقوق الناس؟

لقد كان هناك فسحة من الوقت مُعلنة لإبداء الرأى فى القانون واللائحة وما يجرى الآن هو استعراض قوى فى توقيت غير مناسب ولا أعتقد أن الدولة الآن رخوة وتقبل ضغوط القلة، خاصة إن كانت ليست فى محلها فلا يصح على الإطلاق أن تمهل فئة دولة لإجبارها على التراجع خاصة فى شىء مفيد للمجتمع ويؤسس للمستقبل.