رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

في ذكراه .. مبدعون :نجيب محفوظ كان فيلسوفًا و رحيله خلّف فراغًا لم يملأه أحد


لم يكن روائيًّا ولا قاصًّا فحسب ، بل كان ولا يزال جزءا فريدا من التاريخ الأدبي والثقافي لمصر ، لذا صار رحيل نجيب محفوظ بداية لخلود إبداع لم ينضب معينه يوما ، إبداع تبرز نقاط تفرده كلما أمعن النقاد في قراءته ، موقنين أن صاحبه سيدوم بيننا دوام إبداعاته في قلوبنا.
ونحن نمر اليوم بذكرى رحيل أديب نوبل الرابعة عشرة ، استوقفتنا آراء مبدعين مصريين وعرب في ذلك الإبداع المحفوظي الذي لا يموت، وقد أبوا ألا تمر ذكراه العطرة دون أن يخصوا "الوفد" بها ..

فها هو الشاعر والناقد أسامة جاد، يؤكد لنا أن نجيب محفوظ هو أهم شخصية أدبية عرفتها مصر، ليس لكونه روائيا ، بل إنما كونه متأملا ومفكرا وفيلسوفا، تعد
أعماله قطعة من تاريخ مصر المعاصر،وتأملاته ذات بعد إنساني متجاوز ، ويكفيه ابتكار فن جديد في السرد هو سرد الأحلام.
مضيفا: كما أن إخلاصه للكتابة ودأبه اليومي عليها مسألة تستحق الدراسة بشكل مختلف،ولا تكفي مجرد فقط الإشارة إليها،إنما دراستها بمنطق مختبرات السرد، تأثير الكتابة اليومية في تطور الرؤية للغة وللحياة
وتأثيرها في الصحة النفسية للكاتب،وتأثيرها في صنع "تاريخ فني" للكاتب خارج موضوع التاريخ بشكله العام.



فيما يرى الروائي والقاص محمد محمد مستجاب ،أننا بحاجة لقراءة محفوظ مرة أخرى،مؤكدا أننا الآن في الأدب وكما في كل المجالات فقدنا البوصلة؛ بمعنى أننا كمجتمع لم نقرأ أعمال كتابنا ومفكرينا، وبالتالي اهتزت بشدة فكرة الانتماء والولاء والعقيدة، فلم نقرأ جمال حمدان بهدوء وفهم؛ لأن كل ما يحدث تم كتابته منذ ستينيات القرن الماضي، كما لم نقرأ نصر أبوزيد ومشروعه هو ورفاقه وبالتالي مشاهد تلك الردة سواء في العقيدة أو فهم الدين، وبهذا المقياس لم نقرأ محفوظ ومشروعه الأدبي الذي يصب في الانتماء المصري للمصريين وبعيدا عن التنطنة بأسماء كتاب آخرين، نحن قرأنا قشورا من محفوظ لكنه لم يذهب بأدبه للمدرسة أو بأقواله للعمال في المصانع، بالطبع يوجد كتاب آخرون وقد يكونون حققوا شهرة كبيرة لكن لم يصلوا للعمق الجوهري للإنسان المصري مثل محفوظ،حتى متحفه لم ينل الأثر الذي يستحقه، فهو ليس في دائرة اهتمام سائح أو رحلة مدرسية،ويجب أن ننتبه لمشروعه وكلماته وأفكاره كما أن شخصياته يمكن لنا أن نخرجها ونضعها بنماذجها في المتحف.
 

 

بينما أكد الروائي والقاص محمد عبدالمنعم زهران ، أن نجيب محفوظ يعد مركز ثقل في مسار تطور الرواية العربية وذلك عبر مراحل تطور كتاباته ، خاصة من ناحية قيمة ما تركه من إبداع ؛ ذلك أن كل ما كتبه محفوظ يمثل أعمالا خالدة ؛ مثل: الثلاثية ، أولاد حارتنا، الحرافيش، ثرثرة فوق النيل.
واختتم " زهران" أن كل مرحلة من مراحل إبداع محفوظ تمثل قيمة خالدة، مهما مر من وقت لا يمكن أن تفقد قيمتها الفنية والإبداعية.



أما الروائي والأكاديمي الجزائري بومدين بلكبير، فيقول:

إن رحيل نجيب محفوظ قد خلّف من ورائه فراغًا رهيبًا، لم يستطع أي كاتب آخر تعويضه إلى يومنا هذا. فالساحة العربية على الرغم من حركية النشر كأنها عاقر لم تستطع إنجاب أديب بحجم محفوظ إلى اليوم، فمحفوظ ككل يعد ظاهرة متفردة لأن الكتابة بالنسبة له كنمط حياة.
ولأن أدبه هو أدب الناس المهمشين وقضاياهم وصراعهم وكفاحهم لذلك فهو حالة لها خصوصيتها، وقد انطلق في تجربته من خصوصية الإنسان المصري بالذات ليكتب من داخل مجتمعه وإلى مجتمعه، مخاطبا كل قارئ أينما كان في العالم.
ورغم معاصرة الكثير من الأسماء والقامات الأدبية لنجيب محفوظ إلا أن عوامل وظروفًا أخرى أحاطت بمحفوظ لتضمن له تميزه وتفرده قد تكون غزارة الإنتاج وطبيعته وامتهان الكتابة كحرفة وظروفا أخرى توفرت لدى محفوظ بشكل أكثر من غيره،فتجربة نجيب محفوظ اختمرت من خلال اختلاطه بمختلف فئات وأطياف المجتمع المصري؛ فالرجل تقلب في عدة مناصب طيلة عقود من الزمن، وانخرط في حياة الناس بتواضعه ودماثة خلقه، وهذا الاحتكاك والتواصل مع حيوات الناس خدم وأثرى تجربته بشكل مهم.
مضيفا: ومن جهة أخرى، يمكن الحديث عن الأهمية البالغة لتجربته في الصحافة في التأثير على تجربته في الكتابة، إذ أفادته وخدمته الصحافة كما خدمها هو بقيمة وأهمية مساهماته وكذلك بشخصه؛ كقامة من قامات الثقافة لها حضورها في الساحة والمشهد الثقافي المصري والعربي والعالمي على وجه سواء. والرجل كما هو معروف واصل الكتابة والمساهمات في الصحف إلى فترة ما قبل وفاته.
ويضيف بومدين: كما يمكن الحديث عن أهمية تحويل نسبة كبيرة من نصوصه الأدبية إلى سيناريوهات، وعلى هذا الأساس لا يمكن أن ننكر أهمية تحول روايات نجيب محفوظ إلى السينما في اعطاء أدبه حياة أخرى من خلال جمهور السينما والأفلام الواسع مقارنة بجمهور القراء المحدود. وطبعا هنا يمكن الاستنتاج بأن السينما خدمت نجيب محفوظ كما خدمها هو من خلال فرادة وأهمية نصوصه المقدمة للسينما.
ويختتم الأديب الجزائري بلكبير بومدين، قائلا: فقد ترك لنا نجيب محفوظ رصيدا كبيرا وثروة من الأعمال السردية المهمة والتي لا تزال إلى يومنا هذا حية تحرك وتثري النقاش، فهناك آلاف الأعمال لم يكتب لها الاستمرار، وبمجرد نشرها ينساها الناس، وهناك أعمال تبقى خالدة بالذاكرة وفي الخيال الجمعي؛ فرواية أولاد حارتنا على سبيل المثال لا الحصر من هذا النوع من الروايات النادرة والخالدة التي حفرت في عمق قضايا الإنسان العربي، فلا مجال للشك في أصالة وفرادة تجربة نجيب محفوظ.