عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

«الأيتام».. عصافير تبحث عن أجنحة

محررة الوفد مع مجموعة
محررة الوفد مع مجموعة من أطفال الدار

تحقيق وتصوير: دينا توفيق - اشراف: نادية صبحى

 

عبير: الموسيقى حُب حياتى.. و«نفسى فى بيانو»!

هبة: ياريت عندى عروسة أتونس بيها

وأمانى تحلم بـ"دولاب مليان فساتين ملونة"!

مشرفة أيتام: التبرعات تذهب لأصحاب القدرات الإعلانية!

وقضاء يوم معهم.. أجمل هدية!

 

 

على أبواب الرحمة تدق أياديهم الصغيرة الرقيقة ينشدون رحابة العالم الذى ضاق بهم منذ أن صرخوا صرختهم الأولى.. ربما لم تحتو أجسادهم الضئيلة صدر أم.. ولم يمسح على رؤوسهم.. يد أب.. وربما كانت ضحكاتهم دوماً ضيفاً على دنيا غريبة.. لكن.. ورغم كل ذلك.. يعيشون.. ويكبرون يتلمسون الحنان فى عيون المحيطين.. وينشدون الحماية فى قلوب الجميع.. حتى يشتد العود فيجد «اليتيم» فى ماضيه ذكرى.. وحاضره أملا ومستقبله.. فرحة..

عيون بريئة  وأجساد صغيرة نحيلة...إنهم ملائكة يسيرون على الأرض حرمهم القدر من آبائهم لتنتشلهم دار الأيتام من مصيرهم المجهول ليجدوا أنفسهم يعيشون سويا فى غرفة صغيرة، يتقاسمون الوجبات اليومية فى حب وحنان...إنهم أيتام دار «دراز للبنات» وهم ليسوا فقط أيتاما ولكنهم معاقين أيضا ذهنيا...تلك الدار لا تملك الأموال من أجل القيام بالإعلانات التليفزيونية، لذا تعانى من نقص التبرعات خاصة مع ارتفاع الأسعار وسوء الحالة الاقتصادية...علما أن المؤسسة تحتوى على 170 طفلا يتيم منهم أسوياء ومنهم معاقين تم توزيعهم على 16 فرعا بالإضافة الى 120 من المسنين (نساء ورجال) كما تكفل المؤسسة 6 آلاف أسرة فقيرة....كلها تأثرت منذ فترة طويلة وأصبح هناك نقص شديد فى المواد الغذائية والعلاج الذى يحتاجه الأطفال المعاقين.... قامت «الوفد» بجولة فى تلك الدار ونقلنا لكم بالكلمة والصورة الأحلام البسيطة لهؤلاء الأطفال...فماذا قالوا؟

فى البداية يجب أن نشير الى أن دور رعاية الأيتام في مصر تقدر بـ30 ألف دار، أما الأطفال الذين يتم التقاطهم من الشارع «اللقطاء» فيقدر عددهم بـ 43 ألف طفل سنويا، إلا أن التقديرات تشير إلى أن عدد الأيتام في مصر يتراوح بين 3% - 5٪ من تعداد السكان، مما يعني أن عددهم حوالي 5 ملايين طفل يتيم...وقد قمنا برحلة الى دار «دراز للأيتام المعاقين» والتى تحرص إدارتها على جلب بعض المدرسين بصفة مستمرة لتعليم الأطفال والاخصائيين لمتابعة حالاتهم...ولاحظنا أن كل البنات فى الدار تجيد حفظ القرآن الكريم...

وكنا فى انتظار مجىء البنات من المدرسة الا أن هناك فتاة  كانت موجودة فى الدار لم تذهب مثل باقى الاطفال الى المدرسة بسبب إعاقتها الحركية، واسمها «عبير» وتبلغ من العمر 11 سنة– اقتربنا منها وسألناها عن أحوالها فأجابت والإبتسامة تملأ وجهها: كلنا هنا إخوات وأنا بحب كل إخواتى ..ثم استأذنت بأن تذهب الى غرفتها لـتحضر لنا كراسة اللغة العربية الخاصة بها والتى حصلت فيها على الدرجات النهائية... ثم سألناها عما تتمناه فأجابت: نفسي فى بيانو أعزف عليه لأننى أحب الموسيقى جدا..وتريد «عبير»عندما تكبر أن تصبح طبيبة أسنان.

وفى الساعة الثانية ظهرا، وقف أوتوبيس المدرسة الصغير الحجم أمام الدار ونزلت منه فتيات الدار...كانت الابتسامة المشرقة تبدو على وجوههن وتحمل كل واحدة منهن على ظهرها حقيبة المدرسة وبعد أن دخلن إلى الدار...قامت كل واحدة بتغيير ملابسها بمساعدة إحدى المشرفات ثم جلسن سويا على الأريكة...

فاقتربنا من إحداهن واسمها «نرمين» وهى فى الصف الثالث الابتدائى –كانت عينيها تملؤها  «الشقاوة» قالت: أنا شاطرة فى المدرسة وأقوم بمساعدة إخواتى فى عمل الواجبات...وهى تحب أن تلعب معهن وتقول: نفسى فى لعبة «المطبخ»...فأنا أحب الطهو ولما أكبر سوف أكون طباخة ماهرة.

أما «فرح» فتبلغ من العمر 10 سنوات – وهى أكثرهن خجلا ولا تتحدث مع الغرباء كثيرا لكنها متفوقة دراسيا – وهى تقول على استحياء : نفسى فى «توكة» ملونة للشعر فهى تهتم بتسريح شعرها من أجل أن تبدو دائما جميلة.

وبالقرب منها كانت تجلس «هبة» فى الصف الخامس الابتدائى – وهى الأقرب اليها لا تفارقها أبدا  سواء فى المدرسةا أو فى الدار يستذكران سويا فالواجبات كثيرة على حد قولها لذا تقوم «هبة» بمساعدة أختها من أجل الانتهاء سريعا من عمل الواجب ثم اللعب سويا...."هبة" نقسها فى عروسة كبيرة تحتضنها أثناء النوم حتى تشعر معها بالدفء الذى تفتقده فى حياتها، وتقول

"كنت هتونس بيها".

أما «أمانى» فهى أيضا فى الصف الخامس الابتدائى ونفسها فى فستان جديد ألوانه زاهية حتى تصبح مثل الأميرات التى تراهم فى أفلام الكارتون...فهى تغمض عينيها كل ليلة وتحلم مثل أى طفلة أن تستيقظ لتجد نفسها فى غرفة مليئة بالألعاب ودولاب مليان فساتين ملونة بالملابس الجديدة ولكن حلمها هذا يبقى فقط فى مخيلتها دون أن يتحقق.

إنها أحلام بسيطة يمكنها أن تدخل السعادة على قلوب هؤلاء الصغار الذين فرحوا كثيرا من زياراتنا لهم حيث شعروا

بالاهتمام وأن هناك من يحس بهم....وهذا من شأنه أن يحسن حالتهم النفسية كما أكدت لنا «ابتهال» المشرفة على الدار بقولها: ان البنات دائما يفرحون بالزيارات وتتحسن حالتهم المزاجية بعد ذلك خاصة إذا تكررت الزيارات لكن للأسف الزيارات صارت قليلة وكذلك التبرعات....فقد كان هناك متبرعون يقومون بتنظيم الرحلات للأطفال بالدار ولكنها انخفضت هذه الأيام كما أن كفالة اليتيم كانت فى الماضى بــ500 جنيه لكنها ارتفعت الآن بسبب زيادة الأسعار مما جعل الكثيرون يمتنعون عن القيام بها الآن...ومع اقتراب فصل الشتاء تحتاج البنات الى ملابس ثقيلة للشتاء فضلا عن المواد الغذائية التى تحتاج اليها الدار....وأضافت «ابتهال» نحن نبذل قصارى جهدنا مع البنات حتى نوفر لهم حياة كريمة فى حدود إمكانياتنا...

وقبل أن نغادر الدار....نظرت الينا إحدى الفتيات الصغيرات نظرات يسكنها الألم ونبض قلبها يكاد أن يصل إلينا وهى تقول بصوت خافت: هتيجوا تانى امتى؟! كانت الفتاة تخشى أن نغادر الدار دون رجعة فأكدنا لها أننا سنعود لزيارتها مجددا ثم تركناها بعد أن أعطيناها الأمل من جديد وعادت الى الابتسام مجدداً.

5 ملايين طفل يتيم

تقدر دور رعاية الأيتام في مصر بـ30 ألف دار، تغيب عنها رقابة حقيقية من قبل وزارة التضامن الاجتماعي المعنية بمراقبة هذه الجمعيات، إلا في الحالات التي يتم رصدها بالصوت والصورة وعلى الرغم من عدم وجود إحصائية رسمية دقيقة تصدر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن عدد الأطفال الأيتام في دور الرعاية أو أطفال الشوارع.

بالإضافة إلى الأطفال الذين يتم التقاطهم من الشارع «اللقطاء» ويقدر عددهم بـ 43 ألف طفل سنويًا، إلا أن التقديرات تشير إلى أن عدد الأيتام في مصر يتراوح بين 3% - 5٪ من تعداد السكان، ما يعني أن عددهم حوالي 5 ملايين طفل يتيم.

 

75% من دور رعاية الايتام تستحق الإغلاق.

وبحسب تصريحات غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، والتي أكدت بأن 75٪ من دور رعاية الأيتام تستحق الإغلاق، ومعظمها تحول إلى مشروعات تجارية، وأن عددا كبيرا منها يعمل من خلال جمعيات تعتمد على التبرعات في المقام الأول، بل إن هناك جمعيات أُنشئت لهذا الغرض دون تقديم خدمة حقيقية، ونتيجة لغياب الرقابة الفعلية على هذه الدور، راحت هذه الجمعيات تعبث بمصير الأطفال وأجسادهم أيضًا.

ومما لا شك فيه أن معظم التبرعات تذهب الى دور الأيتام القادرة على القيام بالدعاية والإعلانات الباهظة الثمن والتى تعجز عن القيام بها أى دور أيتام صغيرة... المدهش أن كثيرا من دور الأيتام الصغيرة استطاعت بالرغم من امكانياتها الضئيلة أن تخفف من آلام الأطفال وتحقق لهم قدر كبير من السعادة بأقل الإمكانيات....وتحولت كثيرا من هذه الدور الى نماذج مصغرة من بيت العيلة الذى حرم منه الأطفال لكنهم وجدوا فى هذه الدار الدفء الأسرى الذى كانوا يحتاجون اليه، وتبذل الإدارة فى مثل هذه الدور جهداً لإشاعة البهجة في حياة الأطفال وإدخال السرور عليهم.... بأقل  الإمكانيات لكنها مازالت بحاجة الى الدعم وتبرعات أصحاب القلوب الرحيمة لتؤدى رسالتها تجاه أطفال شاءت أقدارهم أن يحرموا من دفئ البيوت.