رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

أم بلا قلب..!

بوابة الوفد الإلكترونية

بعد يوم عمل شاق عاد الى منزله وقدماه تتحاملان على نفسيهم بعد ان استهلكهما كثيرا فى السير حتى يدخر ثمن المواصلات من أجل شراء عبوة لبن ﻻبنه الرضيع الذى ليس له احد سواه . طرق محمد باب جارته «أم ياسمين» وهو يلهث بأنفاس متقطعة وضربات قلبه يسابق بعضها بعضاً وفتحت الباب له.

محمد: ازيك يا بنتى أتمنى أﻻ يكون ابنى قد ازعجك او عطلك عن دراستك.. قالها بصوت امتزج فيه التعب بالخجل

ياسمين: تفضل ادخل يا عم محمد تبدو عليك علامات التعب والإرهاق.. ادخل التقط أنفاسك واشرب كوب ماء.

محمد: شكرا يابنتى يكفى تعبكم معى.. وانكم تسمحون لى بترك ابنى لديكم حتى معاد عودتى من شغلى.. أنا بجد محرج منكم جدا ومن كرمكم معى.

ياسمين: ازاى تقول كدة دى الجيران لبعضهم.. طيب حضرتك اتفضل ادخل خد نفسك لحد لما ماما تخلص صلاة المغرب.

يدخل محمد ويجلس على أحد كراسى الصالون ويرى أم ياسمين وهى ترتدى إسدال الصلاة تخرج من حجرتها وترحب به.

محمد: حرماً يا حجة تقبل الله صلاتك.

محمد: أنا مش عارف أشكرك إزاى مش عارف من غيرك ابنى كان هيكون مصيره إيه.. بعد ما أمه رمته.

أم ياسمين: ياعم محمد انت مكبر الموضوع ليه هو أنا مش زى أختك الكبيرة وﻻ إيه.. هو انا يعنى بعمل ايه ابنك زى الملاك بياخد الرضعة من هنا وبعدها يروح فى النوم.. وبعدين خلاص ياسمين أتعودت عليه.. وأنت عارف ان ياسمين كانت نفسها فى اخ لكن ربنا لم يرد.. وياسمين بتعتبر «عبدالله» زى اخوها.

محمد : ربنا يخليكى لينا ونقدر نرد خدماتك وارجوكى ممكن تجيبي لى ابنى دلوقتى علشان انا مرهق من الشغل ومحتاج اريح شوية.

 تدخل «أم ياسمين» الحجرة ولحظات ثم تخرج منها وهى تحمل «عبدالله» ذا الستة أشهر وهى تلاعبه.. ثم تعطيه لوالده وتؤكد له انه أخذ رضعته.

أخذ محمد رضيعه وهو يحتضنه قائلا له: «أنا يا عبدالله هأحاول اعمل كل ما بوسعى حتى أعوضك عن حنان الأم.. نفسى اقدر اخليك مش محتاج أى حاجة وتكون شخصاً ناجحاً افتخر بك وتندم أمك على اللى عملته فينا.. احنا دلوقتى ملناش غير بعض».

فتح محمد باب شقته ووضع ابنه فى حجرته على سريره الخاص وأخذ يلاعبه حتى دخل فى النوم، ثم توجه إلى الثلاجة باحثا عن أى بواقى طعام يسكت جوع بطنه، ثم ارتمى على سريره وغاص فى نوم عميق ولم يشعر بنفسه إلا فى الصباح الباكر، وصوت المنبه يخترق اذنيه ينبهه ليوم جديد يخبى فى طياته كوارث وخيمة لا يستطيع عقله تصديقها.

وكعادته استيقظ محمد ودخل حجرة رضيعه ليطمئن عليه وهو يتعجب لأنه لم يستيقظ فى منتصف الليل كعادته، فوجده نائماً لا يتحرك وبجواره إيشارب لم يره من قبل. فحاول ايقاظ نجله وبدأ يلاعبه ولكن دون جدوى، فبدأ يقلق عليه وأخذه فى حضنه وجرى على مستشفى الزيتون التخصصى، واخذ يصرخ مستنجدا بأى طبيب لانقاذ ابنه وليخبره بماذا حل به.

الطبيب: ايه اللى حصل مالك بتصرخ كده ليه.

محمد: ابنى مش عارف فيه ايه.

الطبيب: ممكن تهدأ حتى اتمكن من الكشف عليه.. ويأخذه الطبيب ويضعه على السرير وبمجرد وضع السماعة عليه علم انه بلا حياة.

 محمد: ها يا دكتور ماذا اصاب ابنى هل يحتاج لعلاج.

الطبيب: لا أعرف كيف اقولها لك لكن ربنا يصبرك ابنك مات.

محمد: لالالا، لا استطيع تصديقك كيف حدث هذا.. ارجوك اكشف عليه مرة اخرى لا استطيع استيعاب ما تقوله..انت اكيد بتكذب علي.

الطبيب: البقاء لله وربنا يصبرك.

يأخذ «محمد» رضيعه فى حضنه والدموع تهرب من عينيه بلا توقف ودون ادراك يتحدث مع «عبدالله» أنت اكيد لن تتركنى بمفردى نحن تواعدنا اننا لن يترك أحدنا الآخر أبدا.. أنت اكيد يا «عبدالله» بتلعب معى... ارجوك استيقظ انا يا حبيبى هأخد إجازة من الشغل ولن أتركك حتى ساعة واحدة بمفردك، غرق وسط دموع الحزن وجلس أرضا وبين ذراعيه عبدالله.. ثم أخذ يسرح فى ذكريات مؤلمة، والتى كانت آخر حوار بينه وبين زوجته ناهد حول الطلاق.

محمد: أنا عملت معاكى ايه علشان تخونينى إزاى هانت عليكى العشرة.

ناهد: مين قالك انى بخونك هو أنت علشان شوفته بيوصلنى يبقى خلاص دى خيانة.

محمد: كفاية كدب.. أنا بقالى فترة كنت بشك فى تصرفاتك لكن بكدب نفسى لحد لما شوفتك بعينى بالصدفة وانت نازلة النهاردة من شقته..  أن لا تستحقين لقب أم، أنا بدل ما أبهدل ابنى وأسجنك وتكونى وصمة عار فى حياة ابنك سأكتفى بتطليقك.

ناهد: أنت بتطردنى من الشقة أنت هتعمل نفسك راجل وطلقتنى.. وحياة ابنك اللى روحك فيه ده مش هتشوف يوم حلو فى حياتك.

وهنا بدأ يعود الى واقعه ويجد «ابنه» الميت فى حضنه وآخر كلمات زوجته ترن فى اذنه وهى تؤكد «انها ستنتقم منه ومن ابنها وستجعله يبكى بدل الدموع دم»... وهنا شعر «محمد « ان ابنه مات مقتولا.. وتوجه إلى قسم الأميرية يتهم طليقته بقتل ابنها للانتقام منه.

ومع مرور الأيام وتكثيف التحريات تأكد ظن الأب الأم هى القاتل.. قتلت فلذة كبدها، واعترفت طليقته بأن تسللت إلى شقته أثناء نومه وخنقت الرضيع بعد ان خلعت رداء الأمومة للانتقام من زوجها الذى طلقها بسبب علاقاتها الآثمة.

لتختتم ناهد اعترافاتها فى التحقيقات قائله: «مزاجى مكنش رايق، وحالتى النفسية كانت سيئة، وظروفى المالية صعبة، ومش عارفة كنت عايزة أعمل أى حاجة علشان انتقم من زوجى، لذلك قررت التخلص من ابنى الرضيع بخنقه» حتى يحترق قلب أبيه.. قالت الكلمات وكأن هذا الرضيع لم يمكث 9 شهور فى أحشائها ولم تتألم أثناء مخاض ولادته.. والسؤال الذى يراودنا هل هى حقاً انتقمت من الأب.. أم من نفسها من «عبدالله» «الرضيع» الذى لم يتجاوز 6 أشهر وأرسلت الأم، إلى غياهب السجن، ربما تفوق أو يصحو ضميرها أو يتحرك فؤادها على رضيعها ولكن بعد فوات الأوان.