رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

"حكايات من قلب العتبة ".. كنز البسطاء

حكايات من قلب العتبة
حكايات من قلب العتبة

"كل حاجة موجودة فيها من الإبرة للصاروخ وبسعر رخيص جدا، هي كنز البسطاء وجنة الفقراء".. هكذا وصف بعض الباعة منطقة العتبة، وما تحويه من بضائع ومقتنيات بأسعار زهيدة يستطيع أي مواطن شرائها، مؤكدين أنها المقصد الرئيسي لأغلب المواطنين؛ لشراء احتياجاتهم.

 

اقرأ أيضا.. استغلال حاجة الفتيات للعمل.. مراكز المساج الوجه الاَخر للمتعة الحرام

 

أطلق الأهالي عليها قديما "العتبة الخضراء"، ولكن مع استمرار البناء المخالف وانتشار العشوائيات حُذفت كلمة الخضراء وبقيت على اسم العتبة، كما أنها تُعد أحد أهم مناطق القاهرة على اعتبار أنها مركزا تجاريا للعديد من أنواع التجارة والبضائع.

 

منطقة العتبة

المناطق التاريخية والاَثرية بالعتبة

 

أثناء سيرك في شوارع العتبة تجد المناطق التاريخية والاَثرية التي تأخذك إلى الماضي لتشتم عبق التاريخ، فمنها على سبيل المثال سور الأزبكية، وهو المكان الأشهر لتجارة الكتب والمجلات المستعملة على تنوع واختلاف مجالاتها، ومسجد الكخيا وهو من المساجد الأثرية بالقاهرة، وشارع الأزهر الشريف، وسوق الموسكي، والمسرح القومي المصري، وشارع عبد العزيز المعروف بشارع "الموبايلات والأجهزة الكهربائية"، وحمام الثلاثاء، بالإضافة إلى هيئة البريد المصري، والمناصرة المركز الرئيسي في القاهرة لتجارة الأخشاب والأثاث.

ويتواجد بالعتبة أيضا شارع محمد علي، وهو أكبر مركزاً لتجمع والتقاء الموسيقيين، وبها مركزا لصناعة الأختام ومتعلقاتها.

 

كما يقع بالعتبة أكثر من موقف للمواصلات، وبها جراجين من أكبر الجراجات في مصر وهما "الأوبرا، والعتبة"، وتضم كذلك ميدان الأوبرا وبه تمثال إبراهيم باشا نجل محمد علي، ونفق الأزهر، وتضم مركزا لإصلاح الساعات فيما يعرف بممر الساعات، ويوجد بها سوق لكافة أنواع الورق، وكذلك سوق للنظارات الطبية والشمسية.

 

كورونا المشهد الأبرز

منطقة العتبة

منطقة العتبة

 

وخلال جولتنا بمنطقة العتبة، كان ازدحام المواطنين هو المشهد الأبرز على الإطلاق، وكأن فيروس كورونا لم يمر من هناك، أما الصادم أن أغلب المواطنين والباعة لا يلتزمون بالإجراءات الوقائية سواء ارتداء الكمامة أو التباعد الاجتماعي.

 

كان لنا لقاء مع عدد من الباعة بالعتبة سواء أصحاب المحال أو أعدائهم الذين سيطروا على الزبائن – على حد قولهم – وهم الباعة الجائلون، وكل منهم له قصته وحكاياته التي لا تنتهي، ولكن الغريب في الأمر أنهم يتحدثون لنا دون تصوير، وكأن هناك شيئا خفيا يمنع التصوير.

 

 

أصحاب المحال

 العتبة

 

عم محمد الدسوقي، أو الشيخ الدسوقي، كما يلقبونه، صاحب محل ملابس ومن أقدم البائعين بمنطقة العتبة، خلال حديثه لنا أكد أن حركة البيع والشراء انخفضت بشكل كبير جدا، لسببين الأول فيروس كورونا الذي أثر اقتصاديا على كثير من الأسر المصرية، وكذا انتشار الباعة الجائلون الذين اختطفوا الزبائن لرخص بضاعتهم.

 

واستكمل حديثه غاضبا: "مبقناش نبيع زي الأول، أنا من أقدم البائعين في العتبة، ووارث المحل عن والدي، قبل ثورة يناير كنا شغالين ليل نهار، أما حاليا بعد الثورة وفترة وجود الإخوان والانفلات الأمني اللي حصل في فترة من الفترات وظهور فيروس كورونا، كل ده أثر علينا وخلي البيع قليل جدا بالرغم أننا بنبيع بأسعار رخيصة مقارنة بمناطق أخرى".

 

أما سبب تراجع حركة البيع والشراء على حد قوله هو انتشار الباعة الجائلون، مؤكدا "الباعة الجائلون واللي بيفرشوا الأرض، هما السبب الرئيسي في تدهور حالنا، لأنهم بيحرقوا السعر جدا وبيبعوا منتج ردئ وبسعر رخيص أوي، فالمواطن بيروح ليهم حتى لو المنتج سيئ".

 

وعن أسعار الملابس أكد أن "التي شيرت" لا يتعدى الـ100 جنيه، والقميص الرجالي 150 جنيها، والبناطيل تبدأ من 100 جنيه ولا تتعدى 200 جنيه، حسب النوع والمقاس.

 

بائع متجول

 

منطقة العتبة

وأمام محل الشيخ دسوقي، وجدنا شابا ذو ملامح صعيدية ووجه شاحب يتصبب عرقا من حرارة الجو، يفترش الأرض بالملابس، وبحديثنا معه تبيّن أنه من محافظة سوهاج يُدعى محمد الصعيدي.

 

روي الصعيدي حكايته، قائلا: "نزلت من سوهاج للقاهرة من 10 سنين، ومن ساعتها وأنا شغال في العتبة على فرشة الملابس، متزوج وعندي طفلين، بكسب في اليوم 200 جنيه مستورة والحمد لله، لكن أزمتي الوحيدة أن مليش محل اشتغل فيه، أنا يعتبر بائع متجول، وأحيانا بتحصل مشاكل بيني وبين أصحاب المحلات اللي بيعتبرونا أعداء ليهم".

 

وأضاف: "التي شيرت عندي وعند كل الباعة اللي بيفترشوا الأرض أو المتجولين بـ25 جنيه وفي بـ35، والثلاثة بـ100، وده يعتبر حرق لأسعار الملابس في المحلات لكن للصراحة إحنا الخامة بتاعتنا أقل، والبنطلون بـ70 جنيه، والقميص بـ50 جنيه".

 

وعن مطالبه قال: "مطالبي بسيطة أنا وزمايلي أن يكون لينا مكان نعرف نبيع فيه من غير بهدلة وخناقات مع أصحاب المحلات، وكمان البلدية أحيانا بتصادر البضاعة بتاعتنا طبعا عشان ملناش مكان".

 

بائع كشري متجول 

 

وخلال سيرنا بين شوارع العتبة تصادفنا مع بائع كشري متجول يُدعى علاء شعراوي، ابن محافظة الفيوم، فقد ترك محافظته واتجه إلى القاهرة؛ بسبب "لقمة العيش".

 

شعراوي لديه 4 أشقاء ولدين وبنتين وهو أكبرهم، كما أنه هو الذي يعول الأسرة بالكامل بعد وفاة والده، ومطلوب منه توفير كافة المصاريف للأسرة

من مأكل ومشرب وملبس ودراسة وعلاج.. إلخ.

 

تحدث معنا والدموع تملأ عينيه، قائلا: "أنا أكبر إخواتي، عندي شقيقتين في مراحل دراسية مختلفة والمصاريف قطمت وسطي، وبعد كده لازم اجهزهم عشان لما يجي عدلهم، وعندي شقيقين في مراحل دراسية مختلفة ودول محتاجين مصاريف كبيرة اوي، ده بالإضافة لأمي ومصاريفي الخاصة، ومش عارف اجيب كل ده منين".

 

واستكمل "أنا نسيت نفسي تقريبا ومش عاوز اتجوز ولا أكون أسرة، أخلص إخواتي الأول كلهم واسترهم وبعد كده أفضى لنفسي، أنا ببيع كشري للناس في الشارع وغالبا زبايني هما أصحاب المحلات ومعنديش غير العجلة اللي بحمل عليها علب الكشري وألف بيها طول اليوم، مكسبي في اليوم بيتراوح بين 30 لـ40 جنيه، والحمد لله بترزق من حاجات تانية، مبقولش للشغل لا وبشتغل أي حاجة".

 

الحاج محمد حسين

الحاج محمد حسين

"أكل العيش ميعرفش يابني سن، وأسعاري رخيصة".. بهذه الجملة تحدث معنا الحاج محمد حسين، صاحب الـ70 عاما، يفترش الأرض يبيع أكواب زجاج، مكسبه اليومي لا يتعدى الـ30 جنيها، وبالرغم من كبر سنه يعمل ليكسب من "عرق جبينه"، كما قال لنا.

 

وأكد الحاج محمد أن مهنته "بائع" يعتز بها جدا، فهي التي استطاع من خلالها أن يُجهز ابنته الكبرى ويزوجها، قائلا: "ولادي فخورين بيا وأنا فخور بيهم".

 

والمفاجأة هنا أنه من العناء والفقر يظهر العباقرة المتفوقين، فقد روى لنا الحاج محمد أن ابنته تدرس في كلية الطب، بالرغم أنها لم تحصل على أي دروس خصوصية، بالإضافة إلى عدم توافر أي مظاهر ترف لها أثناء الدراسة.  

 

رأي المواطنين

 

لم يختلف حديث المواطنين كثيرا عن حديث الباعة، حيث أوضح أحد المواطنين، أن العتبة من أرخص المناطق في مصر، مؤكدا أنه دائم التردد على العتبة؛ لشراء ملابس له ولأولاده، خاصة الباعة الذين يفترشون الأرض أو المتجولين.

 

وأكد مواطن اَخر خلال حديثنا مع بعض المواطنين، أن العتبة معروف أن الملابس بها رخيصة، لذا تجدها مكتظة بالمواطنين، بالإضافة إلى أنها المقصد الرئيسي لشراء الأجهزة المنزلية والهواتف المحمولة.

 

فيما التقطت سيدة طرف الحديث، قائلة: "أنا جهزت بنتي بالكامل من العتبة، الأجهزة الكهربائية والأثاث المنزلي والفرش رخيص جدا في العتبة، دي منطقة بنعتبرها كنز لينا، لكن عيبها الوحيد الزحمة".

 

كل شئ موجود في العتبة

 

استكملنا تفقد منطقة العتبة، ووجدنا أن بها كل ما تريده سواء ملابس أو هواتف والإكسسوارات الخاصة بها أو أجهزة منزلية أو أثاث وتجهيز عرائس، بالإضافة إلى مول ضخم لصيانة الأجهزة والهواتف المحمولة.

 

ففي هذه المنطقة التاريخية تجد الناس فيها أشكال وألوان، ومن ضمن المشاهد اللافتة في العتبة انتشار الباعة الجائلون من دول أفريقيا، ليس لهم مهنة مُحددة بل يعملون في كل المهن ما بين بائعين وعاملين في محلات.

 

الافارقة في العتبة

الافارقة في العتبة

الافارقة في العتبة

شارع عبد العزيز

 

وعلى الجانب الاَخر شارع عبد العزيز، المشهور بشارع "الموبايلات والأجهزة المنزلية"، وينقسم هذا الشارع بين بائعين أصحاب محلات وبائعين متجولين، وكلاهما أسعارهما رخيصة للغاية.

 

ولكن المريب في الأمر أن الباعة الجائلون يبيعون الهواتف المحمولة بربع سعرها الحقيقي، بالرغم من كونها جديدة، وبحديثنا مع بعض البائعين أصحاب المحال عن رخص ثمن الهواتف لدى الباعة الجائلون، أكدوا أنها هواتف مسروقة ليس لها ضمان ويمكن غلقها بسهولة، وهنا كانت الصدمة.