رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

موقف مصرى أصيل

مصر فى موقف لا تحسد عليه بسبب الحرب الإسرائيلية الغادرة والغاشمة على غزة، فتل أبيب تصر على إحراج القيادة المصرية بهذه الحرب، وتضعها فى مأزق خطير يحتاج من القاهرة إلى حنكة سياسية بالغة للتعامل مع هذا الموقف من العدوان الذى يتكرر من إسرائيل على الأمة العربية بين الحين والآخر، فقبل الاعتداء على غزة واستعدادها لشن اجتياح لقطاع غزة، ضربت السودان الشقيق، ولاتزال البرطعة الإسرائيلية تزداد وتيرتها يوماً وراء الآخر.. لا يمر يوم إلا وإسرائيل تجر شَكَل مصر خاصة بعد العمليات التى تقوم بها القاهرة لفرض سيطرتها على سيناء وتطهيرها من بؤر الإرهاب التى ترعاها الصهيونية وتساعدها بل وتمولها.

عندما أقول إن إسرائيل تجر شكل مصر، فهذا التعبير ليس مجازياً أو  كناية عن شىء وإنما أقصد التعبير بحذافيره ومعناه الظاهر والواضح للعيان، ولذلك فإن المواقف كثيرة التى قامت بها إسرائيل لإحراج مصر وأهمها على الاطلاق نشر الصحف الإسرائيلية صيغة خطابات البروتوكولات بين القاهرة وتل أبيب، ولأن الأمر مر بسلام، ازدادت «الغباوة» الإسرائيلية وقامت بالعدوان الغاشم على غزة لتوقع مصر فى أكبر إحراج ممكن أن تتعرض له.. وهذا ما دفع القيادة المصرية لأن تسحب السفير المصرى من تل أبيب، وهى خطوة مهمة ويؤيدها كل الوطنيين فى هذا البلد.. وإذا كانت إسرائيل تصر على توريط مصر فإن القاهرة أذكى من أن تورطها الصهيونية فى أعمال لا ترغب فيها!!
ولمزيد من الإحراج المصرى فإن واشنطن كان ردها بالغ السوء وفيه من الخبث الكثير عندما طلبت من مصر أن تستخدم نفوذها لوقف العدوان على غزة؟!!
وإن كنت أتعجب من هذا الموقف الأمريكى الغريب، فهل واشنطن قطع لسانها حتى لا تطلب هى من إسرائيل وقف هذا الاعتداء الجبان.. أم أن واشنطن تُصدر هذه المشكلة لمصر لتساعد إسرائيل فى موقفها غير الأخلاقى وغير المبرر، ولذلك كنت أتوقع أن تقوم إسرائيل بعمل جبان مثل هذا خاصة بعد فوز الرئيس الأمريكى «أوباما»، ففى الوقت الذى كان العرب يتمنون فيه فوز «أوباما» على منافسه ميت رومنى، لتصورهم أنه أفضل من «رومنى» كانت هذه خطة صهيونية، فالسياسة الأمريكية لا تفرق بين «أوباما» أو «رومنى»، لأن الإثنين من عجينة واحدة، تكره الأمة العربية والإسلامية..
وقد أوصلت إسرائيل هذه الرسالة الآن بعد

عدوانها المستمر على غزة، وتوهم العرب المغيبون أن أوباما أفضل من رومنى، لكن الحقيقة أن السياسة الأمريكية بهذا أو بذاك أو بدونهما منحازة لإسرائيل على طول الخط.. ولم تكن مفاجأة لى أبداً أن تتنصل واشنطن من الحديث لإسرائيل لوقف الحرب على غزة، ولم تكن مفاجأة لى أيضاً أن تعلن واشنطن أنها لن تتدخل وتطلب من القاهرة استخدام نفوذها لوقف الحرب!!!
التمثيليات الصهيونية المتمثلة فى إسرائيل وأمريكا توزيع الأدوار فيما بينهما، تمهيداً لبدء حرب «هرمجدون» التى تسعى فيها الصهيونية لأن تسيطر على العالم أجمع.. ومصر التى تتخلى عنها الآن الأمة العربية، لن تتخلى هى أبداً عن عروبتها، بل ستكون كما كانت هى «الأم» الحنون التى تتحمل «الأسية» وتأخذ على عاتقها ـ كما كانت وستظل مسئولة، لن يثنيها عن مواقفها الوطنية وريادتها إحراج من إسرائيل أو تخلٍ عن أمريكا أو غدر من بعض الدول العربية الشقيقة.. ومهما مكر كل هؤلاء ضد مصر فلن ينال منها أحد.. ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين.
لكن بات على مصر ـ كما قلت فى مقالات سابقة ـ أن تبدأ على الفور فى التحالف مع دول الكتلة الشرقية وأمريكا الجنوبية وروسيا للوقوف فى وجه الولايات المتحدة وأوروبا الغربية وإسرائيل، فلن يضبط كفة الميزان سوى هذا التحالف الذى وصفه القرآن الكريم بأنه تحالف «الروم» الذى ستشهده الدنيا فى آخر الزمان.. فهذا التحالف هو الرادع الوحيد الآن فى وجه الحضارة الغربية المزيفة والصهيونية العالمية التى تناصب العالم أجمع العداء.

[email protected]