رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عادل القاضى.. «ملاك» يرفرف حولنا

مر عام على رحيل صديقى وحبيبى عادل القاضى مؤسس بوابة الوفد الإلكترونية وأول رئيس تحرير لها، تزاملنا فى الوفد لأكثر من ربع قرن من الزمان، كان نموذجاً للأخلاق الرفيعة والنادرة التى قلما يجود بها الزمان... عادل القاضى كان قلباً نابضاً بالحب لكل المحيطين به، وصفناه بقلوب الأطفال البريئة التى لاتعرف حقداً ولا ضغينة ولا إساءة لأحد..

لا يتحدث إلا بحب ولا ينطق إلا بالخير.. كان صاحب وجه بشوش يضفى على المكان بهجة ومودة... ولا أكون مبالغاً إذا قلت كان ملاكاً يتحرك بين الناس، لا يعرف المكيدة والدسائس وما شابه ذلك..
عادل القاضى رحمه الله ـ الذى مر عام على رحيله ـ لا يشعر كل من التصق به أو عرفه أو عمل معه، أنه غادر عالمنا الملىء بالمتناقضات إلى العالم الآخر حيث المستقر النهائى لكل بنى البشر... أخلاقه النبيلة وتصرفاته الأكثر من رائعة مازالت تسود المكان، مثلما تسود روحه الطاهرة  حولنا وترفرف بالحب والعطاء والإخلاص.. لقد كان حبيبنا رحمه الله ـ نموذجاً فريداً من الشخصيات النادرة التى تعطى بلا حساب ولا تنتظر جزاءً.. هو واحد من فرسان صحيفة الوفد الذين أفنوا حياتهم من أجل الحق ورفعته، وصد الفساد ومحاربته.
فى زمننا الغريب والعجيب يندر أن نجد شخصاً بمثل هذا الفقيد الذى رحل بجسده فقط، ولم ترحل روحه عنا..لأنه لم يكن صحفياً محنكاً فحسب بل قلب ينبض بالحب ونفس كريمة معطاءة، وأخلاق حميدة لا تعرف اعوجاجاً.. فقد كان صاحب مواقف ثابتة ومحددة، لا تلين له قناة أمام أى فساد أو انحراف..
كنت أنعته بصاحبى الصوفى الذى زهد الدنيا وإغراءاتها، فأتت إليه الدنيا وزهدها... كنت أحزن لظلم وقع علىّ أو غبن أصابنى، فكان هو يفاجئنى، تلك هى الدنيا فلا تحسب لها حساباً ولا تعرها اهتماماً ـ وكنت أتعجب من هذا القلب الصوفى الذى زهد الدنيا، وطلق ملذاتها، ووهب حياته للعمل دون انتظار لمكافأة من العباد أو نيل منصب أو «شو إعلامى» كما يفعل معظمنا نحن العاملين فى بلاط صاحبة الجلالة.
أذكر لصديقى الفقيد عادل القاضى أننا فى أواخر الثمانينات كنا مجموعة من

الصحفيين نلتقى فى منزل أحدنا، ونتحدث فى أمور السياسة وشجون الصحافة والأحوال العامة، وأراد واحد من المجموعة أن يدبر مؤامرة من باب المرح والفكاهة لشخصية ما، فما كان من الفقيد الغالى إلا أن انتفض وثار وهاج ورفض بشدة المزاح بهذه الشاكلة.. ألم أقل إنه كان ملاكاً يمشى بين الناس ندر أن يجود به الزمان!!
رحم الله عادل القاضى وأدخله فسيح جناته، صاحب المواقف الرائدة فى الحق، الذى لم تغيره الأيام والسنوات، مثلما كانت مواقفه النبيلة مع أقرانه وزملائه فى الوفد والأماكن الأخرى التى عمل بها سواء فى مصر أو الخليج، كان عطوفاً ومعلماً لكل من تتلمذ على يديه، لقد غرس فى تلاميذه الحب وزرع فيهم الأخلاق الكريمة والتواضع الجم، فعشقوه، ونهلوا من خبرته وعلمه في الصحافة فكان خير خلف لخير سلف..
وأصدقكم القول إننى لم أشعر أبداً بأن عادل القاضى الحبيب الغالى قد غاب عن دنيانا، وكل ما ينتابنى هو إحساس أنه فى إجازة وسنعود ونلتقى ونتحاور ونتناقش ونختلف ونتفق فى المواقف المختلفة.... ربما يكون ذلك حقيقة لأن روحه الطاهرة أشعر بها ترفرف حولنا... أتحسس مشاعره الصوفية التى زهدت الدنيا، رغم العطاء الكبير والإنتاج الغزير والحب الذى يملأ به قلوب من حوله...
رحم الله عادل القاضى، وأدخله فسيح جناته، وألهمنا الصبر حتى نلقاه فى دار الحق التى لا تعرف المكائد والدسائس.. و«إنا لله وإنا إليه راجعون».