عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خائن الوطن بلا وطن

«سأظل أناضل لاسترجاع الوطن، لأنه حقى وماضى ومستقبلى الوحيد، لأن لى فيه شجرة وغيمة، وظلاً وشمساً تتوقد وغيوماً تمطر الخصب، وجذوراً تستعصى على القلع.....» من رسائل «غسان كنفانى»، هكذا هى الوطنية حقاً، إنه المعنى الحقيقى لحب الوطن، الذى لا ولن يدركه ولا يشعر به من يمارس فعل الخيانة العظمى «خيانة الوطن».

وما أشبه اليوم بالبارحة، فها هى جماعة الإخوان المسلمين تستعيد سيرتها الأولى، التى ما باتت تنكرها وتنفيها عن نفسها طوال ثمانين عاماً من بدء نشأتها، على يد «حسن البنا»، فبعد هذه المدة الممتدة من الزمن، تستعين بالتنظيم الخاص من داخلها، لتنفيذ مخططاتها الشيطانية بالدولة المصرية، لتحقيق هدفها فى الرجوع للسلطة مرة أخرى، وتركيع الدولة خدمة أعداء بالخارج.
إن الأساليب الإرهابية التى تنتهجها الجماعة الآن، هى نفس الأساليب التى قامت باستخدامها طوال تاريخها، فالأساليب والاغتيالات التى استهدفت بها رجال الحكم والشرطة والجيش، هى نفسها سواء فى قضية اغتيال القاضى «الخازندار» الذى أصدر الحكم على قتلة «أحمد باشا ماهر»، وأيضاً فى محاولة اغتيال «جمال عبدالناصر» عام 1954 بميدان المنشية، وإنشائها لتنظيمات موالية لها داخل جهاز الشرطة والجيش لتنفيذ مخططاتها فى الاستيلاء على السلطة بمجرد نجاح محاولة الاغتيال، وإذا نظرنا لملف قضية محاكمة الإخوان المسلمين عام 1965، سوف ندهش من التطابق التام بينها وبين ما يحدث الآن.
إن هذه الجماعة الإرهابية العميلة، التى تطبق أساليب لا علاقة لها بالإسلام ولا بالإنسانية لا من قريب ولا من بعيد، تلك الأساليب التى تستند إلى مبادئ وضعها وأرسى قواعدها منظرهم والحاضن الأول للفكر التكفيرى «سيد قطب»، الذى تعتبره التنظيمات الإرهابية فى العالم الإسلامى، المؤسس الأول لفكرها كما جاء على لسان أمرائها كـ «أسامة بن لادن» و«أيمن الظواهرى» و«أبو مسعد الزرقاوى» واحتفاؤهم بكتاباته، واعتباره المرجع الأعلى لأفكارهم التكفيرية والجهادية، حيث نجدهم استلهموا من آراء وأفكار «قطب» فى كتابه فى (ظلال القرآن) و(معالم فى الطريق) الأفكار فى تكفير المجتمع، واعتباره مجتمعاً جاهلياً كمجتمع قريش قبل الإسلام، ومن ثم يجب الخروج عليه ومقاتلته.
إن التفجيرات التى تشهدها مصر اليوم، والتى باتت لا تفرق بين أبناء الوطن من العسكريين والمدنيين، واستهداف المنشآت المدنية والعسكرية، هو مخطط ليس بجديد، فقد سبق وضعه، ولكن لم يعط الرئيس «جمال عبدالناصر» فرصة لتنظيم الإخوان، ولم يعبأ بتهديداتهم، وقدمهم للمحاكمات العسكرية، فحمى مصر من شرورهم، وفضح عمالتهم للإنجليز تارة، والأمريكان تارة أخرى، فأيقن الشعب المصرى وقتها حقيقة هذه الجماعة الإرهابية وعمالتها لأعداء الوطن، فنبذها المجتمع المصرى حينذاك، حتى استحضرها الرئيس «أنور السادات» بناء على نصيحة «عثمان أحمد عثمان» لمواجهة التيار اليسارى والناصرى المعترض على سياساته الخارجية والاقتصادية آنذاك، فترك لهم حرية الحركة والعمل فعاد التنظيم لسيرته الأولى وكان الرئيس «السادات» هو أول من لدغ

من جرائمهم باغتياله، ثم كان الرئيس «مبارك»، والذى بات يتغاضى عن تمددهم فى النقابات والعمل الأهلى، والتغول الاقتصادى لرؤوس أموالهم، مع بعض الضربات الأمنية الغرض منها إيصال رسالة محددة للإخوان والأمريكان، بأن النظام يقظ، كلعبة (القط والفأر) على حساب الوطن ومقدراته.
إن الدولة المصرية على مدى أربعين عاماً، وما انتهجته من سياسات اقتصادية أدت إلى زيادة حدة الفقر، الأمر الذى أدى للهجرة الداخلية من الريف إلى المدن، عمل على زيادة العشوائيات، والتى أصبحت بيئة خصبة للجماعات التكفيرية، لنشر أفكارها، وغضت الدولة الطرف عن ممارسات هذه الجماعة، فبتنا اليوم نحصد ثمار فشل تلك الأنظمة الفاشلة، من دماء أبناء الوطن ومقدراته، ولكن لطف المولى عز وجل بالوطن كان أرحم خلال ثورة 25 يناير وبعدها، حيث كشف للشعب المصرى مدى وضاعة هذه الجماعة، واستغلالها للدين، لنيل مآربها الدنيئة، وسعيها للتمكن من مفاصل الدولة، وعدم إيمانها بوحدة التراب المصرى، فلفظها الشعب، واستعاد ثورته، ووضعها على مسارها الصحيح حتى تبنى مؤسسات الدولة.
فأول الطريق نحو صد وتحطيم هذا المخطط، لن يتأتى إﻻ بإشراك المجتمع فى حل المشاكل التى تواجه الدولة، وزيادة إحساس المواطن بأنه شريك أساسى مع الدولة فى حل المشكلات، ومدى تأثيره الفعال فى ذلك، ولن تقف الدولة على قدميها إﻻ بمشاركته، حينها ستعلم هذه الجماعة وغيرها استحالة تنفيذ المخططات الدنيئة، التى تريد النيل من الوطن، ومن هنا يأتى دور أبناء الوطن المخلصين من المثقفين ورجال الدين والاعلاميين، للقيام بدورهم، بوضع آليات جديدة لمواجهة هذا الفكر الذى يتحين الفرصة للانقضاض على الدولة بفكره الضال الهدام، ونشر سماحة الدين الذى تلوث على أيدى هؤلاء المجرمين، وهنا يجب ألا نغفل عن الدور الكبير الذى تلعبه الوسائل الاعلامية وبخاصة المرئية منها من تأثيرها القوى والسريع بشأن ذلك. وسلم وطننا الغالى من كل مكروه.