رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ليته كان يفهم!

 

من المؤكد أن الرئيس السابق حسني مبارك يتابع من فوق سريره بمستشفي شرم الشيخ الدولي توابع الفساد في أركان نظامه، ويتابع حالة الغضب في الشارع المصري علي كم الفساد الهائل في عهده الطويل الممتد 30 عاماً في الحكم، ويتابع إزالة اسمه وصورته من رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان ومترو الأنفاق وباقي الأماكن، ويتابع زيادة شحنة الغضب بعد بيانه الأخير في إحدي الفضائيات أنه لا يملك مالاً أو أصولاً.. وتبين كذب هذا الكلام من رئيس جمهورية، كنا نحن المصريين نفترض أن يكون الرئيس السابق صادقاً.

يعيش حسني مبارك أيامه الحالية حياة بائسة وكئيبة وبصرف النظر عن مرضه، اللهم لا شماتة ونطلب الشفاء لكل مريض، ولكن وضع »مبارك« نفسه في أسوأ خانة لرئيس سابق حيث التصق اسمه بالفساد والرشوة والمحسوبية والاختلاس، لم يكن يعلم مبارك أن مصيره هكذا، ولم يكن يعلم أن أسرته تضيع منه، أولاده في السجن، وزوجته محبوسة احتياطياً.

مبارك لم يتعلم الدرس، ولم يقرأ، ولم يفهم من الكوارث والمصائب التي حلت مصر، لم يتحرك مطلقاً ليصير حاكماً نزيهاً وعادلاً.

قبل 48 ساعة أصدر النائب 4 قرارات تخص عائلة مبارك »تجديد حسب علاء وجمال ومبارك و»حبس سوزان«، ولأننا لا نشمت في أحد، خصوصاً المريض، فإن كلامنا فقط عن الوضع المعنوي والنفسي للرئيس السابق كي يفكر في مستقبله، كيف يواجه نفسه، ويواجه الشعب الذي عاني الذل في حكمه، ويواجه الله سبحانه وتعالي.

ليته كان يعلم، ويتعلم الدرس، كان في يده كل شيء كان في يده حكم أعظم وأهم دولة في المنطقة بل في العالم، هوي بها، وتراجعت مصر العظيمة علي يديه، وذاق أبناؤها المرارة في داخل مصر وخارجها، رخص الإنسان المصري وصار مهاناً في كرامته، فقدت مصر العظيمة ريادتها بين الجيران من الدول المجاورة، خصوصاً دول حوض النيل والدول العربية ودول المنطقة.

عندما تولي حكم مصر عقب اغتيال الرئيس أنور السادات في أكتوبر عام 81، لم يفهم، ولم يسع للفهم، وكرس نشاطه لتنصيب رجال حوله من الفاسدين، ليؤمن حكمه واتجه خارجياً للتعاون مع إسرائيل، ومعاداة المصريين المخلصين منهم من ينتمون إلي الإخوان المسلمين، أو بمعني آخر عادي كل مصري متدين وأصبح هدفاً من أهداف جهاز أمن الدولة، وكأنه عدو متآمر علي مصر، خلق البغضاء بين المصريين، وبين الدول الأخري وأبرزها إيران ودول حوض النيل، والأهم من كل ذلك اتخذ من حركة »حماس« عدواً مبيناً، وتقرب من السلطة الفلسطينية لكي يحظي برضاء تل أبيب. والمؤكد أن »مبارك« شاهد اتفاق المصالحة بين أبناء الشعب

الفلسطيني، وسمع تصريحات خالد مشعل وأبومازن عن عهده الكئيب، كما سمع تصريحات رئيس وزراء أثيوبيا ميليس زيناوي« عن فضائح أحد كبار رجاله وهو الوزير عمر سليمان الذي زاد من الفرقة والكراهية بين البلدين.

نكتشف كل يوم رجالات من عهد مبارك يتساقطون بسبب الفساد، ولا غريب أن الشعب المصري مندهش من هذا الكم الهائل من الفساد الذي فاز به رجاله الكبار الذين يمثلون الحاشية، ولا نخفي أن المصريين زادت كراهيتهم للرئيس السابق بعد ظهور هذا الفساد المستشري بين رجال وأبناء وأسرة مبارك، كان من الممكن أن يحدث تعاطفاً، لو تبين أن رجال »مبارك« غير فاسدين، وأن ما قيل عنهم شائعات، ولكن للأسف حدث غير ذلك، و»مبارك« نفسه كان غير موفق »كالعادة« في التحقيقات التي تجري معه فلم يتكلم كلاماً مقنعاً وأنكر حقائق وقال إنه لا يملك أموالاً أو أصولاً ولم تمض ساعات حتي تبين أنه غير صادق، وهذا مؤشر خطير، فعندما يمكث رئيس جمهورية مصر في الحكم 30 سنة وهو غير صادق أو »كذاب« فإن كل ما قاله وما فعله لم يعد يحظي بأي ثقة من الشعب، وهذا الكذب وراء حالة المطاردة الشعبية الجارفة لكل ما له صلة بآل مبارك.

وربما أن الحظ غير السيئ لمبارك أنه ترك مصر حياً وليس ميتاً مثل العظيمين »جمال عبدالناصر«.. وأنور السادات كليهما مات »حباً في مصر« وبعد وفاتهما تبين أنهم لم يحتفظوا بدينار أو درهم، بل احتفظوا بحب الملايين من أبناء الشعب، وقدر الله العظيم أن ترك هذا الرئيس كي يذوق ويشرب من نفس الكأس الذي شرب منه 85 مليون مصري، وليته يتعلم! ومتي يتعلم بعد أن صار علي حافة النهاية!

[email protected]