رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لسنا ضيوفاً

كان حواراً ثرياً بينهما.. هو يتحسس طريقه بعصاه البيضاء.. فيحرك أمامها مخزوناً راكداً من المعلومات اختزناها سوياً منذ أيام الجامعة.. هي تنظر إليه كأنه قرص مدمج أشبه بعجلة كرسيها يتجاوز كثيراً حجم الـ «سى دى» الذي أهداه إياها في يوم التخرج..

كلاهما يعشق العلم.. مولع بالحياة.. ملفوفة أفكارهما بثوب يشع ضياءً وقالت: ها نحن قد وصلنا إلي ما كان مجرد فكرة، فقال: مازلت أصر على أنه حق، اتجه إلى مصدر الصوت كأنه يراها.. أنا مندهش جداً ما سر كل هذا الاستغراب المغلف بالاحتفاء تجاه قضية دخول المعاقين للبرلمان.. ثم أخذ يذكرها بأعلام الفكر والأدب والثقافة والسياسة من ذوي الاحتياجات الخاصة، انطلقت موسوعة ناطقة في حماس شديد، قال: هل تعلمين أن النبي موسي عليه السلام كان يعاني «عثرة» في كلامه، لذا استعان بأخيه هاون، الصحابي الجليل ربعي بن عامر، تميز بطلاقة لسانه وقدرة فائقة علي التفاوض، لذا اختاره سعد بن أبى وقاص إلي رستم قائد الفرس وكان من أنجح سفراء الإسلام ومن أوائل المبعوثين السياسيين ولم يلتفت أحد إلي إعاقته وكان «أعرج» وجاء بكتب التاريخ أن مبعوثاً إسلامياً يعاني عرجاً في ساقه تحدى أعظم جيوش العالم في قصره ومثله عبدالرحمن من عسوف من أول ثمانية أشخاص اعتنقوا الإسلام ومن أقرب الصحابة إلي رسول الله أصيب في غزوة أحد، مما سبب له إعاقة في ساقه وكان يتلعثم في الكلام نتيجة لسقوط أسنانه، وهل تعلمين أن الزمخشري مفسر القرآن وعالم اللغة وواضع أساس علم البلاغة، قاطعته قائلة: ولا تنسي أبي العلاء المعرى الشاعر العباسي الفيلسوف المفكر مؤلف كتاب «اللزوميات» في الفلسفة ورسالة الغفران، ضحك قائلاً وهو الذي قال أبكت تلكم الحمامة.. أم غنت علي فرعها المياد. ولقد توفي «رهين المحبسين عام 441 هجرياً بعد أن أثرى الحركة الأدبية والشعرية.
كذلك الأديب مصطفي الرافعي أصيب بالصمم ولم يكن يكمل عامه الثلاثين وأثرى المكتبة العربية بـ«السحاب الأحمر - وراية القرآن والمساكين» وهل يستطيع أحد أن ينكر علي عميد الأدب العربى «طه حسين» ما كان سيحققه من نجاحات في عالم السياسة إذا ما اختار البرلمان لإدارة معاركه الفكرية والاجتماعية لكنه اختار وسائل أخرى أصبح من خلالها وزيراً للمعارف وهو الذي أصيب بالعمى في عامه الرابع، ولكنه جعل التعليم كالماء والهواء.
نظرت إليه فيما اختار أن يضيع عصاه ويجلس ويريح قدميه من السير وابتسم وهو يقول: هل نسيت أن فرناندو ماجلان أيضاً كان يعاني من إعاقة حركية ولم يمنعه ذلك من أن يصبح أعظم رحالة في العالم ووصل إلي أقصى جنوب أمريكا الجنوبية وعبر المحيط الهادى، وستيفن هاوكنج عبقرى الرياضيات الأشهر الذي كان يسير مستعيناً بكرسي متحرك، وهيلين كلير الأمريكية المصابة بالعمى والصمم والبكم منذ طفولتها إلا أنها تعلمت العديد من اللغات الألمانية واللاتينية والألمانية والفرنسية وألفت قصصاً وكتباً عديدة مثل «سلاح العقل».
في الحقيقة أن المعاقين ليسوا ضيوفاً علي الحضارة الإنسانية ولسنا ضيوفاً علي عالم السياسة منذ قديم الأزل، لقد كان فرانكلين روزفلت رئيس الولايات المتحدة مصاباً بالشلل وكان أول رئيس توضع صورته على البريد.