رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هارون الرشيد قائد عظيم ظلمته الشائعات

بوابة الوفد الإلكترونية

يعد الشخصية الأكثر جدلاً في تاريخ ملوك المسلمين بعد "الحاكم بأمر بالله "، فتارة تذكر كتب التاريخ أنه من أكثر خلفاء الدولة العباسية جهادا وغزوا واهتماما بالعلم والعلماء، وتارة يزعمون أنه المارق الذى جعل شغله الشاغل الجواري والخمر والطرب .

في ذكرى وفاته يوم 24 مارس من عام 809 لزم علينا استعادة تاريخ ذلك الخليفة الإسلامى والوقوف علي أهم فتوحاته وغزواته .
هو أبو جعفر هارون بن المهدي محمد بن عباس الهاشمي العباسي، كان مولده بالري حين كان أبوه أميرا عليها وعلى خراسان في سنة 148 ، وفي عام 158 هـ توفي أبو جعفر المنصور وأصبح المهدي في منصب الخلافة ودفع بابنه هارون للتدرب على الفروسية والرمي وفنون القتال, وعندما أصبح هارون شابا يافعا عينه والده قائدا في الجيش الذي يضم العديد من القواد الكبار وأمراء الدولة وكان عمر الرشيد وقتها لا يتجاوز الخمس عشرة عاما، وقد اتسم هارون الرشيد منذ صغره بالشجاعة والقوة مما أَهله لقيادة الحملات في عهد أبيه، وهو لم يتجاوز العشرين بعد .
كانت أولى المعارك التي خرج فيها هارون الرشيد في عام 165هـ ضد الروم وحقق فيها الرشيد نصرا ساحقا جعل والده يعده ولياً ثانياً للعهد بعد أخيه موسى الهادي.

الرشيد خليفة

تولى هارون الرشيد مقاليد الخلافة وتمت البيعة له بعد وفاة أخيه الهادي وكان ذلك في الرابع عشر من ربيع الأول عام 170هـ، وكان تولي الرشيد للخلافة بداية لعصر جديد قوي ومزدهر في تاريخ الدولة العباسية، فلقد كانت الدولة مترامية الأطراف متعددة الثقافات والعادات والأصول مما جعلها عرضة لظهور الفتن والمؤامرات، والثورات، فتمكن الرشيد من الإمساك بمقاليد الحكم بيد من حديد، كما تمكن من فرض سيطرته وحكمه على جميع الأنحاء المتفرقة من البلاد.
ولم يكتفِ "الرشيد" بهذا بل سعى بكامل طاقته لأن يجعل منها دولة متقدمة في جميع المجالات، فشهد عصره نهضة شاملة وارتقاء هائلا بالدولة، مما أثبت أن الرشيد لم يكن رجلاً متجهاً نحو اللعب واللهو بل كان قائداً، وحاكماً يتمتع بعقل، وفكر راجح تمكن من السيطرة على الأمور في دولته ونهض بها علمياً، وسياسياً، واجتماعيا.
وقد ذكرت كتب التاريخ أن الخليفة كان ذا فصاحة وعلم وبصر بأعباء الخلافة وله نظر جيد في الأدب والفقه، كما اتسم الرشيد بالورع والتقى ، حتى قيل إنه كان يصلي في خلافته في كل يوم مائة ركعة إلى أن مات لا يتركها إلا لعلة ويتصدق من صلب ماله كل يوم بألف درهم.

النهضة

شهد عهد هارون الرشيد نهضة شاملة بكافة قطاعات الدولة حيث  زادت الأموال الداخلة إلى خزانة الدولة مما عم بالرخاء والازدهار على كافة أركانها، هذا بالإضافة للتقدم في العلوم والفنون وغيرها، فشهد عصر الرشيد نهضة معمارية أيضاً فبنيت المساجد، والقصور وحفرت الترع والأنهار، وامتد الرخاء إلى بغداد حيث نالت حظها من الرخاء، والازدهار فاتسعت رقعتها وبنيت بها المساجد، والقصور.
فضلاً عن هذا شهدت الدولة الإسلامية ،نهضة علمية واسعة ، فكانت الدولة وقتها هى الملجأ الأول الذي يفد إليها العلماء من فقهاء، ولغويين وغيرهم من كل حدب وصوب فكانوا يتبادلون العلوم ويلقنون الطلاب علومهم المختلفة.
كما يرجع الفضل لهارون الرشيد في إنشاء “بيت الحكمة” وهو أشبه بمكتبة ضخمة جمعت فيها العديد من الكتب من مختلف البلدان كالهند وفارس وغيرها فكانت تضم قاعات للكتب وأخرى للمحاضرات وغيرها للناسخين والمترجمين.
ولم يقتصر دور الرشيد على كونه حاكما فقط مهتما بالشئون الداخلية للبلاد والغزوات بل امتدت علاقاته للعديد من البلدان فقام بتوطيد العلاقات بين الدول فكان يستقبل الوفود على الرحب والسعة ويرسلهم إلى بلادهم محملين بأغلى وأثمن الهدايا، مما دفع العديد من الممالك  لملاقاته من أجل بناء علاقات قوية مع الدولة الإسلامية وهارون الرشيد.

غزواته

وبالرغم من اهتمام الرشيد بالنهضة والعلم ، إلا أنه كان لخلافته بعد آخر عامر بالغزوات ، فقيل عنه

يغزو عاماً ويحج عاماً فتم في عصره العديد من الغزوات، وكان أهم تلك الغزوات فتح مدينة هرقلة، الواصلة ما بين بحر الروم وبحر القلزم .

فيما خاض الرشيد العديد من الحروب مع الروم سواء قبل توليه الخلافة أو بعدها والتي كلل فيها بالفوز والنصر وعمل على تأمين البلاد ضد هجماتهم، كما أعاد بناء البلاد التي قد دمرت في الحروب وولى عليها أمهر القادة، وعمل على تزكية جيشه بأسطول ضخم يدعم مع الجيش حروبه ضد الروم، ونظراً للانتصارات المتوالية التي حققها الرشيد مع الروم فقد طالب الروم بعقد هدنة مع الجيوش الإسلامية وبالفعل عقدت إيريني الملكة الرومية صلحاً مع هارون الرشيد وذلك مقابل دفع جزية سنوية للمسلمين وظلت هذه المعاهد قائمة إلى أن توج نقفور امبراطوراً على الروم بدلاً من الإمبراطورة السابقة إيريني عام 186هـ ، فقام بنقض المعاهدة .

وكتب لهارون رسالة جاء فيها ” من نقفور ملك الروم إلى ملك العرب، أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الأخ، فحملت إليك من أموالها، لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك، وإلا فالحرب بيننا وبينك.

ولم يكن من الرشيد بعد أن قرأ الرسالة سوى أن تملكته ثورة من الغضب وقام ببعث الرد على رسالة إمبراطور الروم وقال فيها :” من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام "وبعد الرد الكتابي جاء الرد العملي من الرشيد فقام بالخروج بنفسه في عام 187هـ لمحاربته فاضطر الإمبراطور إلي عقد الصلح ودفع الجزية مرة أخرى للمسلمين ولكنه مالبث أن نقض المعاهدة فما كان من الرشيد سوى أن توجه له مرة أخرى لمحاربته وجاءت الهزيمة المنكرة من نصيب الإمبراطور الرومي.

وفي سنة تسع وسبعين ومائة اعتمر الرشيد في رمضان ودام على إحرامه إلى أن حج ومشى من مكة إلى عرفات ، وفي سنة 181 ، فتح حصن الصفصاف عنوة .

وفاة الرشيد

مات الرشيد خلال إحدى غزواته بخرسان 193 ، وقيل إن الرشيد رأى مناما أنه يموت بطوس فبكى وقال احفروا لي قبرا فحفر له ثم حمل في قبة على جمل وسيق به حتى نظر إلى القبر فقال" يا ابن آدم تصير إلى هذا" وأمر قومه فنزلوا ، فبكى وبكوا حتى مات  ، ليرحل أعظم خلفاء الإسلام شاباً لم يبلغ ال45 عاماً من عمره بعد تاريخ من الفتوحات الإسلامية المشهودة في كتب التاريخ .