رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فسيخ الحكومة!

تحذر وزارة الصحة المواطنين من أكل الفسيخ كل عام في شم النسيم ..والمواطنون لا يسمعون الكلام ويأكلون الفسيخ !!

وهى حالة توضح مدى «تفسخ» العلاقة بين الحكومة والمواطن.. حتى ولو عملت له من الفسيخ شربات، لأن الحكومة تقول كلاما وهى تعرف مسبقا ان المواطن لن يسمعه.. والمواطن يعرف ان الحكومة تقول كلاما لن تطبقه. ففي أي دولة تحترم نفسها، وتحترم مواطنيها، لا تكتفى بالتحذير ولكن تكون جادة في اتخاذ إجراءات محددة ومشددة ضد باعة الفسيخ.. طالما تبين ان هذا الفسيخ يشكل خطرا حقيقيا على صحة المواطنين.. ولكن في مصر يعرف المواطن المصري أن صحته لا تهم وزارة الصحة ولا الحكومة ..ولو كانت كذلك لاهتمت بصحته طوال العام وليس في شم النسيم فقط ..وبالتالي لا يحترم المواطن تحذيرات الحكومة لأنه يعرف انها تقول كلام وخلاص وسد خانة، وتأدية واجب، وحتى لا يلومها أحد انها لم تحذر.. فهي لا تخاف واقعيا على صحة المواطنين ولكن تخاف على نفسها من الملامة..!!
وعدم احترام المواطنين لتحذيرات الحكومة من أكل الفسيخ، والاستهزاء والسخرية منها بأكل أطنان من الفسيخ يوم شم النسيم.. هو نفسه عدم احترام المواطنين لكل القوانين التي تشرعها، والقرارات التي تصدرها، والإجراءات التي تتخذها.. بداية من قوانين منع البناء على الأراضي الزراعية، والبناء بدون ترخيص، ومخالفة اشتراطات الارتفاعات، ومخالفة قانون المرور، ومرورا بقانون مراقبة السلع الغذائية وأسعارها، وافتتاح المدارس الخاصة، والمصانع، والمحلات التجارية، والمستشفيات الخاصة، وحتى استخدام المبيدات ومياه الصرف الصحي في الزراعة، وفى بيع السلع المهربة علنا في الشوارع.. وفى كل قانون ينظم حياة المواطنين ويسير أعمالهم.. ليس لان المواطن المصري مخالف للمواطنين بطبعه، ولكن لأنه يعرف ان الحكومة غير جادة في تطبيقه، منذ لحظة إصداره إن لم يكن أثناء صياغة نص القانون.. حيث إن المشرع يعرف، دائما، ان القانون في مصر يولد، عادة، ميتا.. لأنه يفتقد إرادة الحياة!!
لماذا.. لأن كل القوانين التي تصدر تراعى أولا مصالح الحكومة، ولا تراعى مصالح المواطنين، وأن القوانين تصدر لمعاقبة المواطنين وليس لتنظيم حياتهم، ولأنها تريد المنع قبل المنح، وأن الاستثناء في القانون هو القاعدة، والقاعدة هي الاستثناء!!
ولن أقول إن المصري وحده يقاوم القوانين ويتحايل عليها ويرفضها.. فالأمريكي والأوروبي وكذلك الأفريقي والآسيوي.. الغنى والفقير، والمتعلم والجاهل.. الكل يريد ان يطبق القانون على هواه، وبالطريقة التي تحقق مصالحه.. ولو كان هناك مواطنون يحترمون القوانين بتلقائية او بطريقة غريزية او تطبيقا لتعاليم ايمانية دينية.. وآخرون يفعلون عكس ذلك لكانت هناك دول بدون محاكم او سجون، وأخرى بمحاكم وبسجون.. ولكن الحقيقة في كل الدول المتقدمة والمتخلفة توجد محاكم وسجون!!
ولكن الاختلاف بين دولة وأخرى.. ومواطن وآخر ليس في مستوى التعامل مع القوانين ومدى احترامها ولكن في جدية الحكومة في تطبيق هذه القوانين على جميع المواطنين بدون تفرقة.. وذلك هو الفرق بين الدولة والغابة!!
وأظن.. أن كل مشاكلنا في الصحة، والتعليم والعلم والعمل والنظام والزحمة والحوادث.. والتقدم والفسيخ، وكل شيء سببه شىء واحد هو عدم جدية الحكومة في تطبيق القانون، ويوم أن تكون الحكومة جادة في تطبيق القانون على الجميع بدون استثناء سيمتنع المواطن عن اكل الفسيخ!!
من الشارع:
أتعجب من حكومة لا تستطيع حل مشكلة الباعة الجائلين، وتكدس سائقي الميكروباصات في ميدان صغير مثل ميدان الجيزة، والاختناق المرورى المستمر في شارع الهرم.. وتريد أن تطور التعليم!!
ولما حكومة لا تقدر على تيسير قطارا واحدا إلي الصعيد آدمي ونظيف.. كيف يمكن أن تقدم خدمة صحية في المستشفيات؟!
وإذا كانت الحكومة فاشلة في حل مشكلات عشرات المصانع الجديدة والقديمة.. فكيف ستنجح في تنفيذ برنامج «مشروعك» لتشغيل الشباب في الصناعات الصغيرة والمتوسطة؟!

[email protected]