عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أنا عتريس الشرعى!

انتظرت الجماهير محاكمة مرسى العياط كما لو أنها الحلقة الثانية من برنامج باسم يوسف الموقوف، وكانت الناس متشوقة لترى المعزول محاولاً أن يشب ليراه القاضى

وهو يخطب ويمتعها بواحدة من خطبه الشهيرة الفارغة من أى مضمون سوى بالإلحاح على شرعيته. ومن ناحيتى كنت أنتظر قرار اتهام واحد للعياط، لم أجده بين الاتهامات الموجهة إليه، وهو ارتكاب جريمة تسليم سيناء للإرهابيين فى عام واحد فقط بعد أن دفع الشعب من دم أبنائه أكثر من مائة ألف شهيد دفاعاً عنها خلال حروبه مع إسرائيل على مدى أكثر من 30 عاماً!!
كما كنت متصوراً أن الرجل سيعود إلى رشده من جنون مرشده، ويصحو بمفرده من أوهام جماعته ويقول الحقيقة بأن الشعب الذى أتى به إلى الحكم هو الشعب نفسه الذى عزله فى 30 يونية بعد أن تم التخلى عنه – أى عن الشعب - وعن طموحاته التى خرج من أجلها فى 25 يناير.. إلا أننى فوجئت بتصريح خاص للرئيس المعزول نشره حزب الإخوان المسمى بالحرية والعدالة فى صفحته على فيس بوك، بعد جلسة محاكمته يقول فيه : «بلغوا شعب مصر الصامد منى السلام، وقولوا له إن أخاكم مرسى سيظل صامداً، ولن يقبل الدنية أبداً من وطنه أو دينه».
ومن الواضح أن «مرسى» يعيش حالة من عدم الاتزان وفقدان القدرة على تقدير الأمور والمواقف، مثلما كان حاله خلال عام بالرئاسة.. فالرجل مازال يعيش فى هلاوس أن الشعب المصرى ترك كل شئونه ومصالحه ويعتصم صامداً فى الشوارع من أجله.. وأن الذين كانوا فى رابعة أو النهضة أو ما تبقى منهم على مقربة من المحكمة هم الشعب كله.. وأن هذا الشعب متلهف شوقاً لسماع رسالة منه لمعرفة مدى صمود رئيسه المعزول.. وهى حالة غريبة تنتاب كل قيادات الإخوان بلا استثناء وليس رئيس حزبهم السابق وحده، حيث مازالوا يعيشون فى أوهام وخيالات أنهم أفضل وأقوى وأكبر وأصلح القوى السياسية، ليس لحكم مصر فقط بل لحكم العالم وأستاذيته.. وأنهم الأحق برئاسة الجمهورية والبرلمان والحكومة.. وبنفس خيالات القوة المزعومة هذه سعوا للسيطرة على الجيش والشرطة والقضاء والإعلام، بينما هى فى الواقع الملموس أكاذيب روجوا لها وصدقوها وخدعوا أنفسهم بها قبل أن يخدعوا الآخرين ولذلك كان سقوطهم مخجلاً!!
هذا التكالب النهم للاستحواذ على كل مؤسسات الدولة وسلطاتها، وعلى كل كبيرة وصغيرة فيها، أدى بهم إلى جنون العظمة، وهو جنون مرضى جعلهم لا يرون ولا يسمعون أحداً غيرهم فى الشارع، وأنكروا حتى وجود القوى السياسية الحقيقية التى

قامت بثورة 25 يناير.. بل وتخلوا بنذالة وخسة عن أقرب الأحزاب إليهم مثل حزب النور وغيره والذين كانوا أصحاب الفضل عليهم فى مساندتهم لتمرير دستور 2012 المشوه، وفى وصولهم للبرلمان وإلى رئاسة الجمهورية.
وهذا كله أدى إلى تعريتهم أمام الرأى العام سواء داخل مصر أو خارجها، وأدى كذلك إلى خروج الشعب فى 30 يونية رافضاً الخداع والنصب والاحتيال عليه باسم الدين، ورافضاً المتاجرة بالإسلام واستخدامه وسيلة للسيطرة عليهم.. ورغم ذلك مازالت قيادات الإخوان التى داخل السجون أو خارجها تعيش حالة الإنكار التام للرفض الشعبى لهم، وتناسوا أن مبارك كان رئيساً منتخباً، حتى ولو كانت هناك شكوك فى نزاهة الانتخابات فهذه قضية أخرى، ولكنه رئيس شرعى بقوة الدستور والقانون، وأنه لجأ إلى الجيش لحماية الشرعية ولكن الجيش انحاز إلى الشعب وإلى ثورة 25 يناير، وتخلى الرجل صاغراً عن الحكم.. واستسلم للمحكمة، بينما مندوب الإخوان فى رئاسة الجمهورية غير مدرك حتى الآن لما حدث، ولا يريد أن يعترف بأن الشعب الذى منحه الشرعية سحبها منه فى 30 يونية وأن الجيش أيضاً، انحاز لإرادة الشعب وسانده فى استرداد سلطاته.. غير أن «العياط» يعيش فى أوهام أخرى ولا يشغله شىء سوى شرعيته الكاذبة، التى يصرخ بها من داخل قفص المحكمة أنا الرئيس.. أنا الرئيس، وكان ذلك مثيراً للضحك والسخرية.. وللشفقة أيضاً لما وصل إليه من حال، وقد ذكرنا بالشخصية التى قام بدورها الممثل والمخرج الراحل المبدع أحمد توفيق فى فيلم «شىء من الخوف».. والذى صار يهلوس، بعد التخلص من عتريس، ويجرى فى شوارع القرية بثياب ممزقة وشعر منكوش والعيال تجرى وراءه وهو يهزى «أنا عتريس.. أنا عتريس»!!
[email protected]