رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر علي الـWaiting

المتأمل في حال مصر والمصريين يكتشف أن البلد كله في حالة انتظار.. البلد كله علي محطة أتوبيس.. أو قطار أو في صالة انتظار بالمطار.. الكل ينتظر شيئا ما يحدث، شيئاً ما يأتي ينقلهم من حال إلي حال، أي حال.. أحسن أو أفضل لا يهم المهم أن يحدث شيء.. الناس تنتظر أن تتغير الحكومة، والحكومة تنتظر أن يتم تغييرها، والكل ينتظر الرئيس المقبل، والرئيس المقبل ينتظر القبول..!!

انتظار بعده انتظار.. لا عمل ولا انتاج ولا ابداع.. فهل رأينا أحداً يعمل وهو علي محطة أتوبيس أو قطار؟!.. لا شيء سوي الكلام لكسر حالة الملل والرتابة أثناء الانتظار، الكل يتكلم في وقت واحد، ولا أحد يسمع أحد، فالوقت طويل والانتظار أطول، ورغم ذلك الكل مستعجل ومتلهف وفي حالة ضيق.. لعدم حدوث شيء.. فمن يعمل ينتظر زيادة المرتبات، أو انخفاض الأسعار، والذي تخرج ينتظر فرصة عمل، وينتظر شقة، أو فرصة سفر للخارج.. بطريقة مشروعة أو غير مشروعة، يصل حيا أو ميتا لا يهم.. المهم أن يكسر حالة الملل والانتظار.. ولا شيء من ذلك يحدث. الانتظار أصبح حالنا جميعا.. وسيطر علي كل حياتنا إلي درجة أننا ننتظر شهر رمضان من السنة للسنة فقط لنجلس أمام التليفزيون، وننتظر المسلسل ثم المسلسل الذي بعده والذي يليه ويليه حتي نهاية الشهر.. هل يوجد شعب في العالم يجلس أمام التليفزيون ليشاهد كل هذه المسلسلات في شهر واحد؟.. ومن كل نوع مصري علي سوري علي تركي علي خليجي علي إسباني.. ذلك يحدث في مصر لأن لا أحد يعمل عملاً حقيقياً.. الكل منتظر، حتي البيت أصبح عبارة عن محطة قطار.. كل العائلة بربطة واحدة متربعة علي الكنبة أو علي الانتريه في كل حالة انتظار.

كل الدول التي كانت معنا خرجت من حالة الانتظار.. الهند، كوريا، البرازيل، نيجيريا.. كلها استقلت وسيلة مواصلاتها، تركت حالة التعشيش في المحطات، وازاحت عنها خيوط العنكبوت وانتقلت مسرعة إلي الحياة إلي التطور والتقدم وأصبحت من العشرة والعشرين الكبار في العالم.. إلا نحن محلك سر، مازلنا نجري

ونركض ونمشي في نفس المكان.. ولا خطوة واحدة إلي الإمام، حتي مشاكلنا هي هي.. نبحث في مشكلة التعليم من سنوات، وتدني مستوي الخدمات الصحية من سنوات أكثر، والزيادة السكانية وعدم وجود فرص عمل وارتفاع الأسعار، واستيراد القمح والزيت والسكر من سنوات أكثر وأكثر.. حتي مشكلة نظافة الشوارع والقمامة هي هي.. حتي الفتنة الطائفية في شكلها وأحداثها هي نفسها من سنوات..!!

ورغم ذلك لا أعتقد أن الحال سيبقي علي ما هو عليه، فلا يوجد شعب في تاريخ الشعوب ظل في حالة انتظار إلي ما لا نهاية، لابد من أن عملا ما ضخما يحدث، سواء كان عظيما أو غير عظيم، حاجة مثل قنبلة هيروشيما ونجازاكي تقلب الأوضاع رأسا علي عقب، شيء ما إما يجعلنا لفوق، أو يسقطنا لسابع أرض، ويرجعنا للوراء مائة سنة.. أو يدفعنا لمصاف الدول الكبار، وليس بالضرورة أن يكون ثورة مثل يوليو ولا مثل مظاهرات يناير 1977.. أو يتكرر ما حدث في تونس، ولكنه حدث ستتغير مصر من بعده ولن تكون مثلما كانت عليه قبل حدوثه.. ولو أن النظام الحاكم ذكي فبامكانه أن يعمل علي أن يخلص الناس والبلد كله من حالة الانتظار، ومن الشيء الغامض المقبل لا محالة، والذي يمكن ألا تحمد عقباه.. ويومها سيندم أنه لم يفعلها بنفسه وأعطي الفرصة لمن جاء ليفعلها به وبنا جميعا!!.