رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعبة السلم والثعبان بين أحمد شفيق والبرلمان

بوابة الوفد الإلكترونية

لم يعد بمقدور أحد مهما كانت براعته أن يحدد ملامح المشهد، أو يتوقع تداعيات أحداثه المتشابكة إلي حد التعقيد. فالأجواء مشحونة بمعارك سياسية لا حصر لها بين القوي والتيارات.

فضلاً عن تنامي وتيرة الجدل المشتعل، حول ما يجري من مناقشات للقوانين في البرلمان. وإخضاعها لأسباب سياسية. دون النظر إلي عواقبها من الناحية الدستورية. هذا العبث الذي يسيطر علي الحياة العامة. يقف شاهداً حياً علي حالة الارتباك. وما يحيط بها من عشوائية، تقف هي الأخري عنواناً بارزاً، علي استنفار الطاقات، للضغط علي المجلس العسكري، بغرض فرض القوانين والسعي لتحقيق الغايات الذاتية، بعيداً عن المصلحة العامة. وترسيخ دولة القانون. وهذه الضغوط المعلومة للكافة، تتراوح ما بين حشد المظاهرات والتحريض علي الاعتصامات مروراً بتنامي لغة التهديد والعنف وخلافه من الأمور التي تهدف إلي تحقيق المرامي والأهداف.. ووسط هذه الأجواء الضبابية التي اختلطت فيها الأمور. إلي الحد الذي لم تعد فيه فروق بين ما هو سياسي أو قانوني، وافق المشير محمد حسين طنطاوي علي إقرار التعديلات التشريعية، التي جري إدخالها علي قانون مباشرة الحقوق السياسية، المعروف إعلامياً، بقانون العزل السياسي الذي استهدف إبعاد رموز نظام مبارك من الاستمرار في الترشح للانتخابات الرئاسية وعقب هذه الموافقة جري استبعاد الفريق أحمد شفيق بعد ساعات قليلة من حصوله علي الرمز الانتخابي «السلم»، وفور إعلان نبأ إقرار القانون، وتفعيله في اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، اتسعت مساحة الجدل المشتعل حول القانون وتداعياته حال الطعن عليه قبل إجراء الانتخابات. فمن ناحية القانون ذاته، تباينت الآراء المتعلقة بمراميه السياسية والتبعات الدستورية وتناولت مدي تأثيره علي الخريطة الانتخابية وموقف اللجنة التي استجابت لتنفيذه إلي جانب أخري كثيرة، تبدو في غاية الأهمية لأنها تنطلق بمدي دستوريته وما يطلق عليه المراكز القانونية المكتسبة للمرشحين.
الآراء المتباينة والمتنوعة، التي تناولت القانون علي مستوي المتخصصين والخبراء والنخبة السياسية، كانت تسير في اتجاه الاتفاق من الناحية الشكلية بوجود مراكز قانونية يتم اكتسابها، ولا يجوز تجاهلها بأي حال من الأحوال. لكن هذا لا يمنع من وجود خلافات تبدو جوهرية تتبلور في المراحل الإجرائية من العملية الانتخابية، وهو الأمر الذي طرح العديد من التساؤلات المشروعة بغرض وضع حدود فاصلة لتلاشي الجدل والصخب، في مقدمتها، هل يكتسب المرشح أيا كان اسمه الحصانة القانونية بإغلاق باب الترشح ونظر الطعون؟ أم بإعلان قائمة الأسماء النهائية بمعرفة اللجنة العليا للانتخابات؟
هذه التساؤلات ستظل يقظة وفي حالة ترقب دائم للوصول إلي إجابات حاسمة وقاطعة، ليس من باطن الجدل والآراء والاجتهادات، إنما بقوانين لا تقبل التأويل أو الاجتهاد رغم قرار اللجنة العليا بتنفيذه فور وصوله، وهذه اللجنة محصنة بموجب المادة 28 من الإعلان الدستوري، بعدم الطعن علي قراراتها. والمثير في الأمر أن قرار المشير طنطاوي بإقرار التعديلات جاء قبل يومين فقط من الموعد المحدد لإعلان الأسماء النهائية للمرشحين علي منصب الرئيس، وهو يوم الخميس الموافق 26/4/2012. أما القواعد المتبعة والمعمول بها لتنفيذ القوانين وسريانها بأن يتم في اليوم التالي مباشرة من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية «الوقائع المصرية» والجريدة لا تصدر سوي مرتين في الأسبوع يومي «الاثنين - الخميس» المجلس العسكري صدق علي القانون يوم الاثنين مساءً. وهو ما يعني أن النشر، سيتم يوم الخميس وهو يوم إعلان الأسماء النهائية للمرشحين، ويعني ذلك ان سريان القانون سيكون يوم الجمعة حال نشره في عدد الخميس إلا ان حالة الاهتمام بأمر القانون الذي صدر خصيصاً لأجل إبعاد أحمد شفيق، وعمر سليمان الذي خرج من السباق لأسباب إجرائية. دفع القائمين علي الأمر للدخول في سباق مع الزمن لتنفيذ الغرض من القانون فجري نشره في ملحق صدر صباح الثلاثاء وجري تنفيذه علي شفيق في نفس اليوم. الأمر الذي ساهم في تأزم الأمور خاصة ان هناك طعناً سيقدم أمام محكمة القضاء الإداري علي القانون الذي أبعد شفيق وليس علي قرار اللجنة فقرارها محصن من الطعن وبالتالي ستذهب الأمور برمتها إلي مناطق ملغومة حال إرساله الي المحكمة الدستورية التي ستنظره هذه المرة لان تدخلها في الرقابة علي القوانين لاحقة لصدورها وليس سابقة باستثناء قانون الانتخابات الدستورية وفق الإعلان الدستوري.
هذا القانون اللغز حظي دون غيره من التشريعات بقدر هائل من المتابعة المغلفة بالشغف، والاهتمام المصحوب بجدل سياسي وقانوني تمثل في وجود شبهة عدم الدستورية واستهدف أشخاصاً بعينهم لاقصائهم. فضلاً عن أن التوقيت غير ملائم للأجور السياسية فمنذ بداية المناقشات أثير حوله لغط كثير.. فقد اقتصر علي شخصيات مثل شفيق وعمر سليمان ولم يكن مجرداً لانه أحيط بالمواءمات السياسية فقد جري استبعاد الوزراء حتي لا يطال المشير طنطاوي ويخلق أزمة سياسية ومعه حسن يونس وفايزة أبوالنجا.. بعد المناقشات صدر القانون وتم إرساله للمجلس العسكري لإقراره ومورست ضغوط عديدة عبر المليونيات والمظاهرات وأمام الأحاديث المتناثرة عن عدم الدستورية جري إرساله للمحكمة الدستورية العليا لاستطلاع رأيها وإعمال حقها في الرقابة علي القوانين. وناقشته هيئة المفوضين في المحكمة وأعدت تقريراً، أوصت فيه بعد الدستورية، إلا أن المحكمة اصطدمت بالإعلان الدستوري، وأصدرت قراراً بعد اختصاصها في نظر القانون واعتبرت النظر فيه، بمثابة التجاوز في الاختصاصات المحدد لها. وأفادت أن رقابتها لاحقة علي صدور القوانين وليست سابقة، باستثناء المادة 28

من الإعلان الدستوري التي حددت رقابة المحكمة علي مشروع قانون انتخابات الرئاسة دون غيره من القوانين.
وحول القانون وما أحاط به من آراء مختلفة أشار النائب الوفدي طارق سباق إلي ان هذا القانون يتعارض مع المادة 19 من الإعلان الدستوري التي نصت علي أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون ولا عقوبة إلا بحكم قضائي ولا عقاب إلا علي الأفعال اللاحقة لصدور القانون. فالقوانين لا تطبق بأثر رجعي. أما فيما يخص المرشحين من رموز النظام السابق الذي صدر بشأنهم القانون تقدموا للانتخابات وفق قانون آخر، وبعيداً عن استبعاد فلان أو علان فهذا القانون تحوم حوله شبهات عدم الدستورية. وهناك اتجاهات من البعض للطعن عليه وبالتالي سيخلق أزمة سياسية، في حالة الحكم بعدم الدستورية. وهو ما سيخلق جدلاً سيمتد إلي المادة 28 التي حصنت القرارات، لكن المادة ذاتها حولها آراء متباينة ولغط.. وقبل ساعات من صدور قرار اللجنة باستبعاد أحمد شفيق رفض المستشار حاتم بجاتو التعليق، مشيراً إلي أن اللجنة لا تبدي رأيا في أمور جدلية لان الأمر سيعرض عليها. أما حول ما يدور من جدل وآراء مختلفة بالنسبة للمراكز القانونية. فإن المستشار فتحي رجب الفقيه القانوني. فيقول ان القانون يتم تطبيقه في اليوم التالي لنشره وهناك وجهات نظر متعددة في اكتساب المراكز القانونية. لكن في كل الأحوال لا يكتسب المرشح حصانته القانونية إلا بعد يوم 26 أبريل، والآراء لا تصبح لها قيمة أمام قرارات اللجنة المختصة من الأساس وخاصة ان الشارع تسيطر عليه أساليب لا تقبل المواءمات أو الاختلاف في وجهات النظر. والبلد في ظل هذه الظروف يحتاج إلي الالتحام وليس الإقصاء.. وفي السياق ذاته يؤكد الدكتور حمدي عمر عميد حقوق الزقازيق وأستاذ القانون الدستوري. أن هناك خطأ في إحالة القانون للمحكمة الدستورية، لان رقابتها تكون بعد صدور القانون وإقراره أي أنها لاحقة، أما عن التصديق علي القانون، فهو جاء لاعتبارات سياسية بهدف عدم إثارة الشارع وليس لاعتبارات قانونية. وفي نفس الوقت هناك فرصة لإعطاء المحكمة الدستورية فرصتها لإعمال دورها في الرقابة. وخاصة أن القانون غير دستوري، وبه انحراف تشريعي وفيما يتعلق بالمراكز القانونية والمساس بالمرشحين لا يجوز للسلطة التشريعية أن تقوم بتعديل أو إصدار قانون بعد البدء في تلقي طلبات الترشح لانه لا يجوز العبث بقانون يخص العملية الانتخابية وهو لا يؤثر علي من تقدم للانتخابات. لأن التقدم تم بموجب شروط قانونية ودستورية سابقة لصدور القانون. ومجرد نظر اللجنة العليا للانتخابات للقانون سيكون بمثابة الشطط وهذه هي وجهة نظري. أما الدكتور شافعي بشير أستاذ القانون الدستوري بجامعة الإسكندرية فيري ان هناك علامات استفهام حول تنفيذه في هذا التوقيت، لكن كان من الممكن أن يتم هذا قبل البدء في إجراء تلقي طلبات المرشحين، ولكن جاء التفكير متأخراً وأثناء ظهور عمر سليمان علي الساحة وهو ما يعني أنه تفصيل علي أشخاص معينة، والآن أصبح الوضع مختلفاً فقد جري تطبيقه، وهو ما يفتح الباب واسعاً أمام كثير من الجدل.. انتهي كلام الخبراء والسياسيين، لكن يظل الحديث عن القانون مثار اهتمام الكثيرين، لان أي قرار يذهب إلي عدم الدستورية، ربما يضرب العملية الانتخابية برمتها، خاصة، إذا ما صدر قبل ان تنتهي الانتخابات الرئاسية وهو ما يضع الدولة في مأزق حقيقي، قد يكون مبرراً قوياً لإطالة المدة الانتقالية، بسبب إصدار التشريعات التي تحكمها المعايير والمنافع السياسية، دون النظر إلي ان القوانين تصدر بعيدة عن الأهواء.