رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أنظمة عربية تمول الانتخابات الرئاسية

بوابة الوفد الإلكترونية

في كواليس حملات دعم المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية. تعددت الاتهامات المتبادلة بين أنصار اللاعبين الرئيسيين.. تراوحت ما بين اللجوء للسماسرة، وتقديم الرشاوي،

لاستقطاب بعض البسطاء لتوثيق أكبر قدر من التوكيلات. ودفع العمولات لتجار الانتخابات مقابل حشد أعداد هائلة في المؤتمرات. وامتدت الاتهامات إلي مساحات شائكة وملغومة، في مقدمتها تلقي تمويل من أنظمة، وحكومات عربية. إلي جانب عقد الصفقات مع بعض رجال الأعمال ونجوم البيزنس في عهد «مبارك».
بخروج هذه الاتهامات من الغرف المغلقة إلي الجلسات العامة تحول الحديث عن الانتخابات الرئاسية إلي مادة دسمة حول الأساليب المبتكرة في البيزنس وتحقيق المنافع والمكاسب. وصارت لغة المال هي السائدة. في كل ما يتعلق بالسباق الرئاسي، وهذا بدوره يبعث إلي القلق، ويثير المخاوف علي أول تجربة من نوعها. وفي ذات الوقت يعيد إلي الأذهان بشاعة الثمن الذي دفعه الشعب دون سواه، من تداعيات زواج السلطة بالثروة. وتأثير المال علي صناعة القرار السياسي، وقدرته علي اختراق مؤسسة التشريع، فضلاً عن الانزلاق في هوة سحيقة من التبعية وإبعاد الدولة عن منظومة التأثير في القرار الدولي. الغريب ان الاتهامات المتبادلة خرجت مصاحبة للخطوات الأولي التي انطلقت قبل أيام والتي بدأت بفتح اللجنة العليا للانتخابات أبوابها لتلقي طلبات الترشح لأهم وأرفع مناصب الدولة.. خصصت مصلحة الشهر العقاري مكاتب في جميع المحافظات لتوثيق التوكيلات. لاستيفاء الشروط المطلوبة «30 ألف توكيل».. وقد وصل سعر «التوكيل» 40 جنيهاً. يقدمها السمسار للمواطن البسيط بخلاف التربيطات مع الموظفين، بهدف تعطيل المرشحين المنافسين، وهذا يعني أن كل التوكيلات تتم بهذه الطريقة.. أن كل مرشح سينفق مليوناً وربع المليون من الجنيهات. لتغطية بند واحد. وهذا يلقي بظلال كثيفة من الشكوك حول بعض المرشحين. ويدفع للتفتيش في ذمتهم المالية ومصادر تمويل المعركة. لكن هذا لا يمنع من وجود مواطنين يذهبون بارادتهم لتحرير التوكيلات بغرض دعم ومساندة مرشح بعينه، بعيداً عن السماسرة، لمن يبررون تصرفاتهم بمزاعم مختلفة؛ أبرزها أنهم يساهمون في دعم الحملة، والانفاق من جيوبهم الخاصة.
الخطورة في ذلك، أن السباق بدأ بالرشاوي. وفي نفس الوقت هناك بعض المرشحين، ليست لديهم القدرة في الحصول علي الكم الهائل من التوكيلات، لاستيفاء الشروط والأوراق، رغم ان تلك التوكيلات مجانية وبدون رسوم.
قراءة المشهد المرتبط بالسباق الرئاسي، ورصد تفاصيله لا تخلو من المفارقات التي تسير في اتجاه الدهشة. تذهب إلي ان ما يجري علي الساحة ليس له وصف ملائم، سوي «هوس انتخابي» والتطلع إلي الشهرة، هذا الهوس سيطر علي كثيرين، فقد وصل عدد المرشحين خلال الـ 72  ساعة الأولي  «408 مرشحين والبقية تأتي». هؤلاء جميعاً، يتطلع كل منهم للوصول إلي كرسي الرئاسة. من يمتلك المقومات الشخصية والسياسية والمؤهلات العلمية. ومن يفتقد القدرة علي حشد أفراد أسرته أو عدد قليل من جيرانه سواء لمناصرته، أو تحرير عدد ضئيل من التوكيلات، فمنهم من تسيطر علي ذهنه ثقافة وأساليب الحزب الوطني، الذي جلب الخراب للبلاد وأفقر العباد، ويتصور أن مزاحمته في الانتخابات ستجعله في بؤرة الأضواء والشهرة. وتتهافت عليه الشخصيات المهمة والمؤثرة. بغرض التفاوض وعقد الصفقات من أجل التنازل، وإخلاء الساحة لمرشح بعينه. مقابل منافع شخصية باعتبار أن الأمر برمته صار «بيزنس»، بالضبط مثلما كان يحدث في زمن «مبارك». أثناء الانتخابات البرلمانية والمحليات. بأن يتم التحايل علي أحد المرشحين لكي يتنازل ويدعم شخصاً بعينه في الأقاليم والمدن الكبري. والمقابل كان معروفاً. إما موقع تنظيمي في الحزب أو التقرب من ذوي السلطة وأصحاب النفوذ. يحدث هذا ويتم تداوله علي أوسع نطاق، أمام مقر اللجنة العليا للانتخابات. دون إدراك بأن الأمور مختلفة تماماً، وهناك فروق واضحة ما بين انتخابات مجالس الآباء والمحليات أو حتي البرلمان ومجلس الشوري، وانتخابات الرئاسة.
لكن ما بين هذه المطامح التي لا ترقي إلي مستوي المسئولية، والتقدير لمكانة المنصب. والحقائق المتجسدة علي أرض الواقع. تذهب كل الأمور إلي منطقة المخاوف. وخاصة حول ما يتردد عن دعم أنظمة عربية لبعض المرشين البارزين، سواء كان الدعم مادياً أو معنوياً، عن طريق ممارسة الضغوط علي أصحاب السلطة، أو السطوة السياسية والعنصر الأهم والأكثر  تأثيراً هم أصحاب الأموال والثروات الطائلة، التي يحاول أصحابها إيجاد مكان بارز لهم في السلطة القادمة.
المثير أن جميع الاتهامات المتبادلة لا تخرج بصورة مباشرة صوب منافس بعينه، لكنها تأتي في إطار تلميحات وإشارات تحدد الشخص ولا تقترب من الاسم. في محاولة للابتعاد عن تلقي سهام الاتهامات المضادة من الطرف الآخر. فجميع المسئولين عن حملات دعم كبار المرشحين. عمرو موسي - أحمد شفيق - محمد سليم العوا - منصور حسن - حمدين صباحي - عبدالمنعم أبوالفتوح - حازم أبوإسماعيل وغيرهم، يعلنون ليل نهار أن الإنفاق علي الحملات من الجيب الخاص والمدخرات، ودعم الأشقاء والأقارب، والأصدقاء من رجال الأعمال. وبعض المؤيدين. ولسان حال المتحدثين باسمهم يردد الرفض القاطع والباتر لأي أموال من الخارج.. باعتبارها مؤثرة بالسلب علي سير الانتخابات الرئاسية.. والشكوك تحيط بتداعياتها مستقبلا، لما لها من تأثير علي سيادة القرار السياسي. ورغم ما يتم تناقله من تصريحات وتأكيدات علي رفض الدعم الخارجي، إلا أن منظمات غير معلومة بدأت تراسل الصحفيين للتعاون في دعم بعض المرشحين.. معلنة أنها ستقوم بإنفاق 5 ملايين دولار علي حملتها التي تتنوع ما بين موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» وكتابة المقالات في الصحف. بصورة غير مباشرة إلي جانب قيام وكالات الدعاية والإعلان، بوضع بواسترات تخص «الرئيس المرشح». علي الأماكن الحيوية في أنحاء القاهرة الكبري. وطريق الإسكندرية، وداخل المدينة نفسها وتأجير اللوحة الواحدة لمدة شهر بـ 150 ألف جنيه.
وهو ما يعني ان الانفاق علي المعركة سيتجاوز المبلغ المحدد والمقرر للدعاية من اللجنة العليا للانتخابات «3 ملايين جنيه». وهناك بعض المرشحين أنفقوا أضعاف هذا المبلغ قبل أن يبدأ الموعد الرسمي للدعاية. سواء في التوكيلات، أو السرادقات التي يتكلف الواحد منها

نحو 200 ألف جنيه للسرادق، وتأجير الوفود. وفي هذا السياق يرصد الدكتور صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية عمليات الانفاق في السباق الرئاسي، ويري ان الانتخابات الرئاسية في أي دولة لا تخلو من وجود دعم مادي لبعض المرشحين. ففي الولايات المتحدة الأمريكية، يقوم اللوبي الصهيوني بالانفاق في الدعاية إلي جانب الدعم المعنوي. وإذا كانت الانتخابات البرلمانية السابقة جري فيها الانفاق بطريقة تفوق التصور بأن وصلت تكلفة الكرسي في أقل الحالات إلي 5 ملايين جنيه، وأكثرها 22 مليوناً، فإن الأمر سيمتد إلي الانتخابات الرئاسية ومتجاوزاً لهذه الأرقام. لأن الدولة بكل محافظاتها ستكون دائرة واحدة. واتساع نطاق الدائرة. يستلزم بالضرورة مخاطبة كل الشرائح والنوعيات علي مختلف درجاتها في الوعي والتعليم والثقافة السياسية.
وبعض المرشحين لجأ إلي الاستعانة بشركات العلاقات العامة، مثل أحمد شفيق، الذي أعلن أنه استعان بشركة محمود بركة، ومثل هذه الشركات لا يقل التعاقد معها عن 25 مليون جنيه. باعتبارها مسئولة عن كل أوجه الحملة. بداية من تحسين صورة المرشح في الميديا بكل أنواعه. وليس نهاية بتحديد طريقة وأسلوب كلامه وانتقائه لملابسه. أما عن الانفاق فقد حدده «جودة» بثلاثة أنواع، الانفاق علي الإعلام المباشر في التليفزيون وصناعة الأغاني، وصفحات كاملة في الجرايد. وغير المباشر يتبلور في مجموعة من الحوارات بجميع وسائل الإعلام، واللافتات وملاحق الصحف.. ومجموع هذه الحملات لكل فرد لا يقل عن 100 مليون جنيه. وتصل في بعض الأحيان إلي 350 مليون جنيه. وهنا يفجر الدكتور صلاح جودة .. تساؤلاً في غاية الأهمية.. من أين سيأتي بعض المرشحين بهذه المبالغ الطائلة؟ جميعاً يروجون للنزاهة ويتحدثون في ذات الوقت عن دعم بعض رجال الأعمال وقطعاً في هذه الحالة سيكون رد الجميل منصباً وزارياً، أو تخصيص منافع ومكاسب، إذن لابد من معرفة مصادر التمويل. خاصة ان الحديث عن التمويل الخارجي ليس بالكلام الفارغ، أو الهراء، فقد صرح وزير خارجية قطر، بأن بلاده مستعدة لإنفاق 5 مليارات دولار، لإسقاط النظام السوري، لكن إذا كان الأمر مرتبطاً بمصر الدولة الكبري. فكم عدد المليارات إذن؟! كل ما يتسرب إلينا من معلومات «الكلام له»، يدفع إلي توجيه الأسئلة، للجنة العليا للانتخابات عن الآلية التي ستضبط بها عملية الرصد والمتابعة والمراقبة.. خاصة أن الحملة بدأت مبكراً، بدعم عربي ممثلاً في حوارات صحفية لأحد المرشحين في صحف مملوكة لسعوديين.. وتصدر هذه الصحف في لندن إلي جانب دول عربية أخري. والتي يتنوع دعمها. ويصل إلي حد اثنين من المرشحين وليس واحداً فقط. باعتبار ان المتسابقين المدعومين يخصونهم، فضلاً عن الدعم الأمريكي غير المباشر، الذي يتبلور في الضغط علي دول عربية، للوقوف إلي جانب مرشح بعينه، مع التلويح بتحسين العلاقات وتطويرها حال نجاح هذا المرشح. لكن الدكتور صفوت العالم الأستاذ بكلية الإعلام، يري أن اللجنة العليا للانتخابات لم تراع التوصيات المقدمة إليها لمنع أية شكوك في نزاهة الانتخابات، بأن تكون أوراق المرشح متضمنة لرقم حسابه الشخصي في البنك. ويحتوي علي جانبين أحدهما للمصروفات والدعاية، وأن يكون هذا الحساب في أحد البنوك العامة، التي لها فروع في جميع المحافظات. وتخصم مبالغ الإنفاق من الحساب. والجانب الآخر يتضمن التبرعات من المؤيدين، وأن يكون التبرع مشروطاً يودع في الحساب. وهذا يضمن الشفافية، وأن يكون الحساب البنكي مثل بقية البيانات، لكن اللافت للنظر أن اللجنة العليا، بتشكيلها الحالي. لا تستطيع ولا تتمكن بدرجة كافية من متابعة حجم الإنفاق، لأن تشكيلها يغلب عليه القضاء. ولذلك فهناك ضرورة، لتمثيل متخصصين وخبراء في الإعلام والدعاية والإعلان، وخاصة مع تعدد أساليب الدعاية التي لا يمكن رصدها بسهولة وهذه الأساليب خارج نطاق اهتمام القضاء، ولذلك لابد من وضع المعايير والضوابط لتقنين الإنفاق الدعائي، ومعرفة مصادر التمويل.
انتهت رؤي وتصورات الخبراء، لكن لم تنته الاتهامات المتبادلة، التي تمس شرف الدولة باعتبار أن السباق يدور الآن علي أهم وأرفع منصب!