رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كشف أخطر عصابات لسرقة الآثار فى مصر

مافيا تسرق آثار مصر
مافيا تسرق آثار مصر

بينما تتصارع الأحزاب السياسية على الاستئثار بوضع الدستور.. ويتنافس نواب البرلمان على الفوز بأكبر قدر من الشو الإعلامى.. وينشغل السياسيون بالهجوم على المجلس العسكرى أو بالدفاع عنه..

ويكرس الاقتصاديون حياتهم للتحذير من الوضع المالى السيئ للبلاد.. وتنشغل وزارة الداخلية بمعركة «اللحية» وتتبارى الائتلافات الثورية والنشطاء فى فرض آرائها على الإعلام وعلى الرأى العام وعلى مصر كلها..

بينما نخبة مشغولة بهذه القضايا الفرعية، تفرغت مافيا سرقة الإثار لنهب آخر ما تركته لنا الحضارة المصرية القديمة.. و«تفرعنت» هذه العصابات فلم تعد تمارس جريمتها فى الخفاء أو تحت جنح الليل وإنما صارت تمارس نشاطها الإجرامى بالبلدوزر فى عز الظهر، ولا تحرك وزارة الآثار ساكناً فيما تلتزم الشرطة الصمت!!

ولأن البلدوزر بلا قلب والمافيا بلا ضمير، حطموا آثاراً لا تقدر بثمن وهدموا معابد كانت منارة للعالم كله، ودنسوا مقابر ليس لها مثيل فى العالمين وسرقوا مومياوات، بل وألقوا ببعضها فى العراء!

معلومات مرعبة وحقائق مروعة عن جرائم ارتكبتها مافيا الآثار فى مناطق عديدة بمصر فى «أبوصير» و«أبورواش« و«سقارة» و«بنى سويف».. وغيرها وغيرها.

مئات الأطنان من آثار مصر تمت سرقتها فى الشهور الأخيرة بعضها تم نقله بـ«التريلات» الى مخابئ خاصة لمافيا الآثار.

وعمليات الحفر لا تتوقف بحثاً عما تخفيه أرض مصر من كنور أثرية.. والمروع ان الحفر يتم بواسطة محترفين، والأكثر ترويعاً ان شخصيات كبيرة فى الدولة مازالت تحمى مافيا الآثار، وجهات رسمية تساندهم أو الشرطة فانسحبت من كل المواقع الأثرية وتركتها نهباً للصوص ليفعلوا به ما يشاءون.

ومن لا يصدق أن مافيا الآثار ترتكب حالياً فى حق تاريخنا ما لا عين رأت من جرائم، وما لاخطر على قلب مجرم يكفيه يخطف رجلين ويذهب الى منطقة «الهيبا» التابعة لمركز الفشن ببنى سويف، وهناك سيرى عجب العجاب.

ومنطقة «الهيبا» تضم آثاراً لا مثيل لها فى العالم تمتد من عهد الأسرة الفرعونية الحادية والعشرين ثم العصر القبطى والعصر الإسلامى.. إنها آثار تحكى ثلاثة آلاف عام متصلة من عمر مصر.

ولأن المنطقة كانت جافة التربة اختارها الفراعنة ليقيموا فيها ما يشبه دار الوثائق الفرعونية، وخزنوا فيها نسخاً من كل وثائق البردى وكل القصص الفرعونية وكل قوانين الفراعنة.

كما أقام فيها الملك الفرعونى «سيشونك» معبداً كبيراً قريب الشبه بمعابد الكرنك وكل حجر من أحجار المعبد تم ختمه باسم الملك الفرعونى.

وحول المعبد أقيمت مصانع وبجوار المصانع بنى العمال مساكنهم وعلىأطراف المدينة بنو مقبرة ضخمة في الشرق ومقبرة أخرى فى الغرب ثم أحاطوا المدينة بسور يحميها من أى هجوم غادر ويرد عنها طمع الطامعين.

واستمر سكان المدينة في ازدياد وازدادت معها ما تركوه من آثار فرعونية.

وعندما بدا العصر القبطى فى مصر تحول المكان الى بقعة أرضية نادرة تحتضن الآثار القبطية وهو نفس ما تكرر مع آثار العهد الإسلامى.

باختصار صارت «الهيبا» منطقة أثرية نادرة لانها تحتضن آثاراً من ثلاثة عصور مختلفة.. فرعونية وقبطية وإسلامية ولهذا كان اكتشاف هذه المدينة فى عام 1896 على يد الأثرى المصرى «أحمد كمال» فتحاً أثرياً كبيراً.

وبدأت البعثات الأجنبية تتوافد على هذه المدينة الساحرة أملاً فى كشف كل مافيها من كنوز أثرية وفى ذات الوقت أحاطتها الشرطة بحماية خاصة جداً.. ولكن.

ولكن بمجرد اندلاع ثورة مصر وسقوط مبارك وعصابته انسحبت الشرطة من المكان وتركته للصوص الآثار الذين وجدوا فيه كنوزاً لا تقدر بثمن، وقاد المافيا فى سرقة آثار «الهيبا» شخص اسمه «أبوعطية» هارب من حكم الإعدام الذى استعان ببلدوزر وعشرات الأشخاص المسحلين بأسلحة آلية وديناميت والجميع يقومون حالياً باخراج بطن «الهيبا» بحثاً عن الآثار والذهب فى المقابر الأثرية بالمدينة.

عصابة أبوعطية نقلت من «الهيبا» آثاراً مختلفة الأشكال والأحجام، ونقلت بعضها الى مخابئ خاصة تمهيداً لبيعها، كما نبشت عشرات المقابر الأثرية فى المكان واحتفظت ببعض المومياوات والتوابيت الأثرية وتركت كثيراً من المومياوات الأخرى فى العراء بعد ما اكتشاف بسرقة أكفان المومياء والتماثيل الصغيرة التى كانت موضوعة بجوارها فى المقبرة بخلاف قطع ذهبية وجدوها فى بعض المقابر.

وعلى مدى عام كامل مارست عصابة «أبوعطية» البحث عن الآثار فى «الهيبا» حتى انهم حفروا «400» حفرة فى المدينة المقامة على مساحة لا تزيد على «2» كيلو متر

مربع، بعض هذه الحفر يصل عمقها الى ما يزيد على «15» متراً.

وبفصل المافيا تحولت «الهيبا» من مدينة أثرية رائعة الجمال وبالغة الأهمية التاريخية والحضارية الى ما يشبه ساحات المعارك.. تتناثر على أرضها جماجم وعظام الأجداد.

كما غطت المدينة الحفر التى حفرها اللصوص التى هدمت المعبد وأغلب المنازل والمقابر والمصانع التى تعود الى ما قبل الميلاد بأكثر من «1700» عام.

وهكذا لم تجد آثار مصر من يحميها ولا يهتم بها ويبدو أن وزارة الآثار تعتقد ان مسئولياتها عن آثار مصر مقصورة على حماية المتحف المصرى فقط!

وما يثير الحزن أن البعثات الأجنبية التى تبحث عن الآثار فى مصر صارت تخشى على تاريخ مصر وآثارها اكثر من خشية المصريين انفسهم على تاريخهم وعلى حضارتهم القديمة وعلى آثار أجدادهم! فهل سيصل بنا الحال الى ان نطالب المجتمع الدولى بالتدخل لانقاذ آثارنا بعد ان عجزنا عن حمايتهم؟!

التقيت الدكتورة «كارول ردمونت» أحد أكبر العلماء المتخصصين فى الآثار المصرية فى العالم وأستاذة الآثار بجامعة بريكلى بكاليفورنيا وسألتها عما رصدته من تغييرات على الآثار المصرية بعد حالة الانفلات الأمنى الأخيرة، فقالت بحزن «حالة آثار مصر الآن تحزن بعد ما تركتها الأجهزة المصرية بلا حماية فعبث بها اللصوص».

وقالت «أعيش فى مصر لشهور طويلة سنوياً وطفت جميع المناظر الأثرية بالدلتا وأعشقها جميعاً حتى أننى أشعر بأنها صارت قطعة منى».

< سألتها="" هل="" زرت="" منطقة="" الهيبا="" ببنى="">

ـ فقالت: زرتها.. وقضيت فيها سنوات عديدة وتحت اشراف المسئولين المصريين نقبت عن الآثار فيها منذ عام 2001 حتى عام 2007 ثم عدت اليها عام 2009.

< عدت="" أسألها:="" وكيف="" رأيت="" هذه="" المنطقة="">

ـ فقالت: هى مدينة أثرية متكاملة وفائقة الجمال وهى الوحيدة التى تحكى كيف عاش المصريون العاديون فى عهد الفراعنة لأن أغلب سكان المدينة في العصر الفرعونى كانوا من المصريين البسطاء.. مزارعين وعمالاً فى مصانع.

< قلت:="" هل="" تدرين="" ماذا="" حدث="" لهذه="" المنطقة="" فى="" الشهور="">

ـ فقالت بحزن.. للأسف عرفت.. اتصل بى البعض وروى لى الجرائم التى حدثت فى الهيبا فاتصلت بهيئة التفتيش على الآثار وأبلغتهم.

< وماذا="" كان="">

ـ قالوا: احنا متضايقين جداً.

< متضايقين="">

ـ لأ.. وقالوا إنهم حاولوا انقاذ المدينة من اللصوص وأبلغوا الشرطة وطلبوا منهم حماية المدينة.

< وماذا="" كان="" رد="">

ـ ولا حاجة.

كلام خبيرة الآثار العالمية ليس له إلا معنى واحد وهو أن أجهزة مصرية تتستر على مافيا الآثار المصرية.

ولكل من يتستر على هذه المافيا أوجه عبارة مشبعة بالحزن قالها لى أستاذ تاريخ أمريكى اسمه «اندى ديلى».. «أندى» الذى قال لى انه عاشق للآثار المصرية قال أيضاً بحزن: على كل المصريين أن يشعروا بالعار مما يحدث لآثار مصر حالياً على يد مافيا الآثار.. فعلاً علينا جميعاً أن نشعر بالعار.