عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مساعٍ لتوريط الجيش فى الصدام مع الشعب لإسقاط الدولة

بوابة الوفد الإلكترونية

وسط الأجواء المشحونة بصخب الانتقادات والاتهامات التى تتطاير فى كل اتجاه، لم يكن غريباً أن يحظى المجلس العسكرى بالنصيب الوافر من الهجوم المتنوع والمتعدد الأشكال، بحكم أنه يدير شئون الدولة

، ويقف فى صدارة المشهد العام بكل تفاصيله وتعقيداته، منذ ثورة يناير وإلى الآن.. هذا الهجوم لم يتوقف عند حدود المطالبة برحيله عن السلطة، واتهامه بالفشل الذريع فى إدارة المرحلة الانتقالية، لكنه امتد إلى مساحة ملغومة بالمتفجرات، تثير الكثير من علامات الاستفهام حول أهدافها ومراحلها، وتبعث إلى القلق من تداعياتها، فهى تهدف إلى إهانة المؤسسة العسكرية، بكسر هيبتها، والسعى إلى تفكيك تماسكها الداخلى وابتكار الأسباب التى تدفع للصدام معها، وصولاً لإسقاطها، هذه الأطروحات، وجدت مناخاً خصباً وملائماً للجدل حولها فى جميع الأوساط، باعتبارها أحد السيناريوهات الكارثية، التى خرجت إلى السطح، على خلفية المواجهات الدامية فى الميادين والشوارع، وما صاحبها من اتهامات بتورط الجيش فى هذه المواجهات.. ومثل هذا السيناريو، يقفز على الثورة ذاتها، لأنه يهدف إلى إسقاط الدولة، بغرض نشر الفوضى، التى تقود البلاد إلى الهاوية، وجنى المزيد من ثمار الخراب، فضلاً عن الانزلاق فى دوامة الحروب الأهلية.
المخاوف من هذه التداعيات، كانت محرضة ودافعة للتوقف أمامها كثيراً، لأن الاتجاه فى هذا الطريق، سيسهم بصورة أو بأخرى فى اتساع مساحة العبث، نتيجة لخلط الأوراق على طاولات اللعبة السياسية، واستخدام جميع أساليب التضليل فى هذا الخلل، حتى تتوه الفروق ما بين انتقاد أداء المجلس العسكرى فى إدارة شئون البلاد، باعتباره الطرف الرئيسى والفاعل الذى يحدد مسارات اللعبة، والجيش باعتباره مؤسسة ذات طبيعة استراتيجية معنية بالدفاع عن حدود الوطن، وحماية الأمن القومى، فهذا الخلط الذى يتم الترويج له، لم يخرج إلى العلن بصورة عفوية عابرة، لكنه يتم بشكل متقن، ومنظم لإسقاط الدولة، عبر صناعة الأزمات والسعى إلى توريط الجيش فى الصدام، مع قوى الاحتجاجات.
الأمر الذى يلقى بظلال كثيفة من الشكوك فى الكثير من الأحداث التى تتلاحق وتيرتها وتدفع إلى إرباك الدولة، ولم يعد خافياً على أحد أن كل ما يجرى على الساحة، لا يتفق بأى حال من الأحوال مع المطالب الشعبية عقب ثورة يناير، والتى تهدف لاستقرار الأوضاع، لكن هذا لا ينفى أن المجلس العسكرى ساهم بقدر كبير فى تنامى الانتقادات والاتهامات الموجهة ضده عن طريق التباطؤ فى اتخاذ القرارات، والدخول فى معارك إعلامية، أعطت الفرصة للمساس بهيبة ومكانة الجيش الذى ظل بعيداً عن دائرة الجدل والاتهامات، وكان يمثل خطاً أحمر لدى الجميع، باعتباره خارج ملعب السياسة بكل مناوراتها ومؤامراتها، ومصالحها الحزبية والتنظيمية.
قراءة الأحداث التى لم تتوقف مشاهدها طيلة عام كامل، تشير إلى أن الأمور برمتها لم تبتعد عن وجود محاولات دؤوبة تجرى بصورة لافتة للنظر، تهدف إلى توريط الجيش، والسعى إلى إدخاله كطرف مباشر فى الصدام مع موجات الغضب الشعبى، التى تتنوع مطالبها، حسب أهداف ورغبات كل فصيل من القوى الثورية الناشئة، والتيارات السياسية، التى تملك توجهات وأفكاراً، تضعها دائماً فى خانة المعارضة، حتى ولو لم تكن هناك أغلبية أو نظام يحكم كما هو واقع الحال فى مصر الآن.
الغريب فى الأمر أن المجلس العسكرى يعلن ليل نهار عن وجود معلومات مؤكدة، تشير إلى خطورة المحاولات التى ترمى إلى أبعد من الوقيعة بين الجيش والشعب، وتذهب إلى إسقاط الدولة، بعد انهيار المؤسسة الأمنية، وأن هذه المعلومات تفضح وجود مؤامرات خارجية تحاك لهذا البلد، والمخطط تديره عناصر فى الداخل ولا يتحرك أمام هذه المحاولات، ويكشف النقاب عن أسرارها والمتورطين فيها، الأمر الذى يضيف إلى المشهد أموراً عبثية، خاصة أن المجلس يقف فى مواجهة تلك الأمور، موقفاً يدفع لانتقاده وإدانته جراء الصمت، وعدم اتخاذ الإجراءات التى تكفى لفضح جميع المتورطين فى تخريب البلاد، بداية من الذين حصلوا على تمويل من جهات أجنبية لإثارة الفوضى وليس نهاية بالاتجاه، نحو تفعيل الدعوة لإسقاط الدولة، إلا أن المجلس العسكرى راح يغرق فى تفاصيل اللعبة السياسية التى تديرها عناصر محترفة، إلى جانب أطراف ليست بعيدة عن دائرة الشبهات، ومن هنا بدأت سلسلة أخطائه، التى فوجئ بأن يخضع بصورة مستمرة إلى الابتزاز، وعلى النقيض تقف الأطراف الأخرى من مسألة الشأن العام، فهى تحاول تحقيق أكبر قدر من المكاسب، وفريق آخر يسعى إلى توسيع دائرة المشاحنات، وجرجرة الجيش للمواجهة، دون الأخذ فى الاعتبار أن المؤسسة العسكرية كانت الضامن الحقيقى لإغلاق ملف توريث الحكم، والانحياز إلى الثورة منذ اللحظة الأولى، باعتبارها الورقة الرابحة لضمان الاستقرار، ومواجهة انحراف السلطة والقادرة على توجيه بوصلة الأحداث على المستويين الداخلى والخارجى، فضلاً عن أن توليه إدارة شئون البلاد على خلفية سقوط مبارك، وإن كان حكمه، لم يأت من فراغ، فقد كانت الثقة لدى الرأى العام بلا حدود فى تلك المؤسسة بما فيها

ثوار ميدان التحرير، لكن بصعود القوى السياسية المتصارعة على مسرح الأحداث، بدأت تتغير الأمور، وانتقلت الثقة إلى مرحلة أخرى، فجرى الحدى ثعن تهميش دور الجيش وتنامت الاتهامات ضده، إلى الحد الذى وصلت فيه إلى الحديث عن إسقاطه، ثم إسقاط الدولة، وهو أمر مرعب لأن الجيش هو الضامن لرد المخاطر الخارجية، ومواجهة قوى العبث الداخلية التى ترغب فى نشر الفوضى.
ووسط هذا المناخ غير المطمئن، سادت حالة من الانفلات الإعلامى، بسكب البنزين على النيران المشتعلة لتلحق الفوضى كل شىء، انفلات أمنى، وحروب أهلية، وصراعات بين قوى مختلفة، وشعب مطحون يبحث عن لقمة العيش، والاستقرار ولا يجد أى منهما، وهذا لا ينفى أيضاً أن أصحاب هذه الدعوات نجحوا فى استدراج المجلس العسكرى، للانزلاق فى متاهات الرد ونفى الاتهامات دون دراية وسابق خبرة فى مثل هذه الأمور، التى يرعاها محترفون يمارسون أبشع أساليب الابتزاز، ومع ذلك فإذا كانت هناك ضرورة ملحة لبقاء المجلس العسكرى، يفرض الإعداد السليم للمرحلة المقبلة، تصبح الضرورة أكثر إلحاحاً لرحيله من السلطة، حتى ينأى الجيش أحد أهم المؤسسات الوطنية، من الدخول فى مهاترات لعبة السياسة ومواجهة المتظاهرين، حتى يظل رصيده لدى الرأى العام، بعيداً عن دائرة النقد والاتهام، فالجيش الذى كان وسيظل صاحب مكانة لدى العامة، لما قام به من أدوار وطنية فى الحروب والمناحى السلمية، هو أبعد ما يكون عن ممارسات السلطة وقراراتها باعتبار أن المجلس العسكرى وجد نفسه فى صدارة المشهد عقب الثورة، ولا يعلم عن خلفيات السياسة شيئاً، فأدار خيوط اللعبة مستشارون وسياسيون أظن أنهم يعملون للمصلحة العليا للبلاد، فتوالت سلسلة الانتكاسات والقرارات العشوائية، التى لم تلق قبولاً لدى النخبة والرأى العام على حد سواء، لكن الحديث عن الجيش كمؤسسة هناك ضرورة لأن يظل بعيداً عن تلك الدائرة الشائكة، خاصة أن الصراع بين الأطراف السياسية، بلغ حداً من المشاحنات غير مسبوق، بل وصل إلى مرحلة الخطر ذاته، التى تهدد الثورة، وتبدى أى أمل فى التحول وبشكل سريع، إلى إعادة بناء الدولة ومؤسساتها الدستورية، لأن الأمر خرج عن الصراع التقليدى بين القوى السياسية، وراحت الأمور تذهب إلى إيجاد محاولات لجرجرة الجيش إلى صدامات تسىء إليه، وإلى تاريخه منذ عرابى وإلى الآن، وتجدد ثقة الرأى العام فيه.
هذه المحاولات وغيرها، لا تعد بأى حال من الأحوال من ثورة يناير التى تخلصت من أسوأ الأنظمة فى التاريخ المصرى، وهو نظام مبارك، الذى تصور أن دولة بحجم مصر، إقطاعية، يهب فيها الحكم لابنه، فهذا النظام ذهب إلى مزبلة التاريخ، لكن تبقى مكانة المؤسسة التى انحازت للثورة، فاحذروا المساس بالجيش وهذا لسان كل المتابعين لما يجرى من صخب إعلامى ومحاولات التراخى بين القوى السياسية، المشغولة بمكاسبها والمقاعد البرلمانية ولا تتحدث عن خطورة إسقاط الدولة.
أمور شتى تقف فى طريق البناء السليم للدولة.. منها المصالح السياسية ورغبات القوى التى تسعى إلى بقاء الوضع على ما هو عليه، فضلاً عن الكوارث التى صنعها مستشارون ضللوا المجلس العسكرى ووضعوا ألغاماً فى التعديلات الدستورية، تقضى بإجراء الانتخابات قبل الدستور، فراح الكل يستهين ويطلب المزيد والمجلس العسكرى يلبى وجاءت الطامة الكبرى، الحديث عن إسقاط الجيش والدولة.