رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رضا واشنطن وتل أبيب لم‮ ‬يعد كافياً‮ ‬لبقاء الحكام العرب

‮»‬99٪‮ ‬من أوراق اللعبة السياسية في‮ ‬يد أمريكا‮«.. ‬عبارة قالها الرئيس السادات في‮ ‬بداية السبعينيات،‮ ‬وبفعل التبعية والوهن العربي‮ ‬تطورت العبارة مع مطلع القرن الحالي‮ ‬فصارت تقول‮ »‬الوصول إلي‮ ‬قمة السلطة في‮ ‬البلاد العربية‮ ‬يبدأ من واشنطن ويمر بتل أبيب‮«.‬

لن نناقش دقة هذه العبارة،‮ ‬ولن نفتش في‮ ‬مدي‮ ‬انطباقها علي‮ ‬الرؤساء العرب،‮ ‬فالقضية الاخطر الآن هي‮ ‬ان ما حدث في‮ ‬تونس ادخل تعديلات جوهرية علي‮ ‬العبارة إياها،‮ ‬إن لم‮ ‬يكن قد اصابها في‮ ‬مقتل‮!‬

فإذا كان الواقع العربي‮ ‬يقول إن رضا أمريكا هو أحد أهم مسوغات تعيين الحكام العرب،‮ ‬وهو ما اعترف به صراحة الدكتور مصطفي‮ ‬الفقي،‮ ‬وهو رجل سياسة وخبير وشهد لسنوات طويلة ما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬كواليس حكم مصر‮.‬

واذا كان الواقع‮ ‬يقول أيضاً‮ ‬إن رضا‮ »‬تل أبيب‮« ‬أهم كارت توصية لدي‮ ‬الادارة الامريكية لتعيين الحكام العرب‮..‬

إذا كان الواقع‮ ‬يقول هذا فإن شعب تونس أدخل تعديلات مهمة علي‮ ‬ما‮ ‬يقوله الواقع،‮ ‬وقال هو الآخر ان بقاء الحاكم في‮ ‬منصبه رهن بقبول الشعب،‮ ‬فالحاكم مهما نال تأييداً‮ ‬من واشنطن ومهما‮ ‬غرق في‮ ‬رضا‮ »‬تل أبيب‮« ‬فإن سلطانه‮ ‬يبقي‮ ‬مهدداً‮ ‬وبقاءه في‮ ‬السلطة‮ ‬يبقي‮ ‬رهناً‮ ‬برضا بني‮ ‬وطنه أو صبرهم وتحملهم،‮ ‬وكشفت ثورة شعب تونس ان الحاكم الذي‮ ‬يلتحف بأمريكا ويتسلح بالرضا السامي‮ ‬الاسرائيلي‮ ‬ثم‮ ‬يتصور أنه ضمن بذلك البقاء في‮ ‬السلطة مادام قلبه‮ ‬ينبض‮.. ‬مثل هذا الحاكم واهم،‮ ‬لان الكلمة الاخيرة للشعب‮.‬

وكشف التونسيون أيضاً‮ ‬أن امريكا واسرائيل‮ ‬يعاملون الحكام العرب الموالين لهم علي‮ ‬طريقة الغزاة في‮ ‬العصور الوسطي‮ ‬فالغزاة في‮ ‬زمن الاحتلال العسكري‮ ‬كانوا‮ ‬يستميلون إليهم بعض الخونة من أبناء الدولة التي‮ ‬يحتلونها‮.. ‬يستميلونهم بالمال حيناً‮ ‬وبالمناصب حيناً‮ ‬آخر،‮ ‬أو بكليهما معاً،‮ ‬وذلك مقابل ان‮ ‬يساعدوه ويثبتوا أقدامه في‮ ‬الدولة التي‮ ‬يحتلها‮.‬

والعجيب أن نهاية كل هؤلاء الخونة كانت مأساوية ولكن‮ ‬يبدو أن اغلب الحكام العرب لم‮ ‬يقرأوا التاريخ ولم تقع أعينهم أبداً‮ ‬علي‮ ‬حكمة مأثورة تتوارثها الشعوب العربية تقول‮ »‬آخرة خدمة الغز ـ أي‮ ‬الغزاه ـ علقة‮« ‬وهذا بالضبط ما تفعله امريكا وإسرائيل مع الحكام العرب الطائعن المطيعين لواشنطن وتل أبيب،‮ ‬فبعد ان‮ ‬يحصلا منهم علي‮ ‬كل خدمات ممكنة وغير ممكنة أيضاً‮ ‬ينتهي‮ ‬الامر بالتخلص منهم واستبدالهم بحاكم آخر‮ ‬يقدمون خدمات أكثر وتنازلات أعمق وهذا ما حدث مع زين الفارين بن علي‮ ‬ـ كما‮ ‬يقول أهل تونس‮.‬

فتونس في‮ ‬عهد الزين اقامت علاقات مريبة بإسرائيل وعندما فر الزين كان‮ ‬21‮ ‬عميلاً‮ ‬اسرائيلياً‮ ‬للموساد موجودين داخل تونس وجميعهم اعادهم الموساد الي‮ ‬تل أبيب بأمان وسلام وحتي‮ ‬الآن لا أحد‮ ‬يعرف ماذا كان‮ ‬يفعل كل هؤلاء الاسرائيليين داخل تونس‮.‬

وحسب دراسات‮ ‬غربية فإن النشاط المخابراتي‮ ‬الاسرائيلي‮ ‬في‮ ‬تونس وصل الي‮ ‬مستوي‮ ‬قياسي‮ ‬منذ اختيار قادة منظمة التحرير الفلسطينية الإقامة في‮ ‬تونس عام‮ ‬1982،‮ ‬ووقتها كان زين العابدين بن علي‮ ‬هو وزير داخلية تونس‮.‬

وتؤكد أكثر من صحيفة امريكية أن مسئولين تونسيين رفيعي‮ ‬المستوي‮ ‬تعاونوا مع الموساد منذ ثمانينيات القرن الماضي‮ ‬وتجسد ذلك في‮ ‬اكثر من عملية قام بها الموساد داخل الاراضي‮ ‬التونسية،‮ ‬أشهرها بالطبع عملية اغتيال المناضل الفلسطيني‮ ‬أبو جهاد‮.‬

وبعد بضع سنوات من تولي‮ »‬زين العابدين‮« ‬رئاسة تونس أخذت العلاقات التونسية الاسرائيلية شكلاً‮ ‬علنياً‮ ‬ووافق الرئيس زين العابدين علي‮ ‬فتح مكتب رعاية مصالح اسرائيلية في‮ ‬تونس‮.‬

والثابت أن‮ »‬بن علي‮« ‬لم‮ ‬يتخذ اسرائيل سلماً‮ ‬لتقربه إلي‮ ‬رجال البيت الأبيض الامريكي،‮ ‬فلقد اقام علاقات وثيقة مع تل أبيب،‮ ‬وفي‮ ‬ذات الوقت كان علي‮ ‬علاقة وثيقة بالاجهزة الامنية والمخابراتية والعسكرية الأمريكية،‮ ‬لدرجة أنه شارك في‮ ‬تدريبات عسكرية في‮ ‬الولايات المتحدة حتي‮ ‬قبل ان‮ ‬يصبح رئيساً‮ ‬لتونس‮.‬

وتعكس موافقة‮ »‬بن علي‮« ‬اقامة قاعدة عسكرية امريكية في‮ ‬تونس عام‮ ‬2003‮ ‬أن علاقته مع واشنطن كانت علي‮ ‬احسن ما‮ ‬يكون وأنه لم‮ ‬يري‮ ‬مانعاً‮ ‬وطنياً‮ ‬أو عربياً‮ ‬أو اسلامياً‮ ‬أو اخلاقياً‮ ‬يحول دون الموافقة علي‮ ‬إقامة القاعدة العسكرية الامريكية فوق التراب الوطني‮ ‬التونسي‮.‬

وفوق هذا فإن برنامج التدريب العسكري‮ ‬المشترك بين تونس والولايات المتحدة الامريكية لم‮ ‬ينقطع أبداً‮ ‬منذ بداية التسعينيات،‮ ‬منها مثلاً‮

‬برامج التدريب الروتينية التي‮ ‬يشارك فيها ضباط تونسيون وتتم في‮ ‬الولايات المتحدة الامريكية وذكرت صحف امريكية بأنه تم إرسال قوات امريكية مع طائراتها في‮ ‬مهام عسكرية الي‮ ‬تونس أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة‮.‬

وربما كان ارتباط تونس ثقافياً‮ ‬ونفسياً‮ ‬مع فرنسا باعتبارها كانت تحت الاحتلال الفرنسي‮ ‬لمدة‮ ‬74‮ ‬عاماً،‮ ‬هو أحد الأسباب التي‮ ‬جعلت واشنطن تحاول بشتي‮ ‬الطرق مد جسور الود مع الرئيس التونسي‮ ‬المخلوع‮ »‬بن علي‮« ‬وذلك أملاً‮ ‬في‮ ‬التصدي‮ ‬للنفوذ الفرنسي‮ ‬في‮ ‬شمال أفريقيا من ناحية،‮ ‬وخلق موضع قدم لأمريكا في‮ ‬دول المغرب العربي‮ ‬من ناحية أخري،‮ ‬ولهذا وبينما كانت الادارة الامريكية تخفض حجم معوناتها الاقتصادية للدول الحليفة لها أصر الرئيس الامريكي‮ ‬السابق جورج دبليو بوش علي‮ ‬زيادة المعونات العسكرية والاقتصادية الي‮ ‬تونس بمقدار‮ ‬5‮ ‬ملايين دولار‮.‬

ويعكس هذا الموقف ان واشنطن كانت تعتبر‮ »‬بن علي‮« ‬أحد رجالها المخلصين في‮ ‬الشرق الأوسط والسؤال هنا‮: ‬لماذا لم تتدخل امريكا لحماية رجلها في‮ ‬تونس؟‮.. ‬لماذا تركته‮ ‬يفر مذعوراً‮ ‬دون ان تمد له‮ ‬يد العون؟‮.. ‬يجيب اللواء عادل سليمان مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية‮: »‬أمريكا تعاملت مع‮ »‬بن علي‮« ‬طبقاً‮ ‬للقاعدة التي‮ ‬تتعامل بها مع كل حلفائها هي‮ ‬تغليب المصالح العليا لواشنطن،‮ ‬فأمريكا لا تدعم شخصاً‮ ‬بسبب علاقته الوثيقة بها ولا بسبب خدماته التي‮ ‬يقدمها لواشنطن ولكنها تدعمه مادام محققاً‮ ‬للمصالح الامريكية وعندما‮ ‬يفقد هذا الشخص ما‮ ‬يمكنه من خدمة المصالح الامريكية فإنها تتخلي‮ ‬فورا عنه‮«.‬

سألته ولكن بن علي‮ ‬لم‮ ‬يكن رجلاً‮ ‬عادياً‮ ‬بالنسبة لواشنطن فالأنباء تؤكد أنه كان علي‮ ‬علاقة بالمخابرات الامريكية أي‮ ‬انه كان مخلصاً‮ ‬إلي‮ ‬أبعد الحدود لأمريكا؟

اللواء عادل سليمان‮: ‬أي‮ ‬رئيس دولة له علاقات مع أجهزة المخابرات العالمية وبالتالي‮ ‬القضية ليست في‮ ‬هذه العلاقة وانما في‮ ‬شكل تلك العلاقة فهل هي‮ ‬تتم في‮ ‬اطارها السليم أي‮ ‬بما‮ ‬يحقق مصالح الدولة التي‮ ‬يرأسها من‮ ‬يتعامل مع‮ ‬cia‮ ‬أم أنه‮ ‬يستغل تلك العلاقة لتحقيق مصالح خاصة،‮ ‬وفي‮ ‬كلتا الحالتين فإن واشنطن كما قلت لا تدعم سوي‮ ‬من‮ ‬يحقق مصالحها ولا‮ ‬يهمها أي‮ ‬شيء آخر واذا كان‮ »‬زين العابدين‮« ‬كان أحد رجالها فإن لديها من الوسائل ما‮ ‬يمكنها من تجنيد ألف من مثل‮ »‬زين العابدين‮« ‬يخدمون مصالحها‮.‬

وفي‮ ‬ذات الاتجاه‮ ‬يشير السفير عبد الرؤوف الريدي‮ ‬سفير مصر السابق في‮ ‬واشنطن الي‮ ‬ان امريكا رحبت بتولي‮ »‬زين العابدين بن علي‮« ‬حكم تونس عام‮ ‬1987،‮ ‬وخلال سنوات حكمه ارتبط‮ »‬بن علي‮« ‬بعلاقات قوية مع أمريكا بجانب علاقته التقليدية القوية مع فرنسا‮.‬

ويضيف في‮ ‬تونس الشعب ثار وهاج وخلع‮ »‬زين العابدين‮« ‬ولم‮ ‬يكن امام واشنطن سوي‮ ‬تركه لمصيره‮ »‬ما كانش ممكن تعمله حاجة‮«.. ‬خلاص الموضوع خرج من ايديهم‮.‬