رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رسالة الإعلام المسروقة!

 


كلكم تبكون.. فمن الذي سرق المصحف؟.. هكذا صاح عالم دين عندما اكتشف سرقة مصحفه الثمين أثناء شرح درس بأحد المساجد، فحينما سأل عنه، أنكر الجميع معرفتهم بالأمر، وهموا بالبكاء على الوضع الذي آل إليه حالهم..

هذه المقولة تنطبق على وضع الإعلام المصري الذي اصبح أداؤه محور تذمر عام بين الناس. فلو كان الطرف الذي يتململ من أداء الإعلام منحصرا في السلطة فقط لأصبح الأمر مفهوما، لأن الصحافة «سلطة تكرهها السلطة» على حد قول الاستاذ محمد حسنين هيكل، ولكن الجديد ان قطاعات كبيرة من الجمهور أيضا تعرب عن عدم رضاها عن هذا الأداء، بل ان بعض رجال الإعلام أنفسهم لا يكفون ليل نهار عن توجيه سهام النقد لبني مهنتهم من المذيعين والصحفيين.. فمن إذن الذي سرق رسالة الإعلام؟
عندما يعرب ثلاثة من اهم اطراف العملية الإعلامية عن عدم رضاهم عن الأداء فلا شك أن ثمة شيئاً خطأ؟ يستلزم تحرير القضية لمعرفة اصل المشكلة، حتى تتضح معالم الطريق إلى الحل؟
هناك شكاوى من حالة انفلات إعلامي حيث ينصب كل ليل مولد فضائي عبر «التوك شو» للسب وربما «الردح» أو الانشغال بالقضايا الهامشية أو الفاضحة أو تلك التي تثير الفرقة بين ابناء المجتمع وتشتت الرأي العام بدلا عن ان تنور طريقه.
كما تغيب المعايير المهنية عن كثير من المواد والموضوعات الصحفية والبرامج التليفزيونية، فضلا: انتهاك خصوصيات المواطنين والخوض في الأعراض ونشر الأخبار الكاذبة، دون أية محاسبة للمخطئين.
الجميع يتحدث عن الفوضى الإعلامية ولكن كل يغني على ليلاه، بعض المتحسسين من نقد الإعلام يطالب بممارسة مزيد من القيود على دوره بهدف لجم حركته في المجتمع، ناسين ان الدولة بالمفهوم الستاليني التي تعمل في خفية عن الناس انتهت من العالم.
والبعض الآخر يريده «سداح مداح» متعللا بأن مواثيق الشرف الإعلامية كفيلة بردع الإعلاميين المتجاوزين أو المتعدين على حقوق الغير. ولكن المهنيين الحقيقيين والخبراء يريدونه إعلاماً حراً منضبطاً بالقانون العادل يحمي حرية التعبير وحق الصحفيين في الحصول على المعلومات ونشرها، ولا يعرض أمن الوطن للخطر، وفي الوقت نفسه يحمي حقوق الناس وخصوصياتهم لا يحول الإعلام إلى أداة للابتزاز.
المشكلة بدأت بعد أن أدى تجريف الحياة السياسية في مصر لسنوات عديدة، إلى انكماش دور الأحزاب السياسية، وتراجع مؤسسات المجتمع المدني، فوجد الإعلام نفسه يقوم بكل هذه الأدوار وبالفعل تصدى لقضايا المجتمع وكان رأس الحربة لمواجهة الكثير من

الانتهاكات ولا أحد ينكر دوره الفاعل في التمهيد لثورة 25 يناير وما أعقبها من موجة ثانية في 30 يونيو، فحدث نوع من التضخم في دوره.
على الجانب الآخر تعاني العديد المؤسسات الإعلامية من مشكلات اقتصادية، لا تسمح لها بالإنفاق على التدريب والتأهيل المطلوب، فضلا عن معاناة الإعلاميين في الحصول على المعلومات من المصادر الرسمية، في ظل غياب قانون يضمن حقهم في ذلك.
السلطة من جانبها ألغت وزارة الإعلام، دون أن تحل محلها هيئات تستطيع ضبط السلوك الإعلامي وفق المعايير المهنية. صحيح أنه تقرر إنشاء مجالس إعلامية لتقوم بهذا الدور ولكن حتى اليوم لم تر النور، فضلا عن أن مواثيق الشرف الإعلامية غير مفعلة لأن الذين توكل إليهم مهمة تنفيذ بنودها ضد المخالفين، هم أعضاء مجلس النقابة المنتخبين من الصحفيين، وربما يعملون ألف حساب ليوم الانتخاب.
حتى الجمهور مسئول بشكل او بآخر عن الحالة التي وصل إليها الإعلام المصري، لأن معظم البرامج التي توجه اليها انتقادات حادة بسبب انحدار مستواها المهني وتحظي بأكبر نسب مشاهدة من الجمهور، ومن ثم تجد معلنين ينفقون عليها.
ولأن الإعلام هو محصلة البيئة والظروف الاجتماعية الاقتصادية السياسية السائدة، فإن المشهد الإعلامي الراهن هو انعكاس لارتباك عام تعاني منه عدة قطاعات في ظل حالة السيولة التي تعيشها الدولة منذ 4 سنوات، مثال على ذلك قرار فرض ضريبة على أرباح البورصة الذي تم التراجع عنه.
ولكن ما يبشر بالأمل هو أن اللجنة الوطنية لإعداد التشريعات الصحفية والإعلامية قد انتهت من مشروع قانون شبه نهائى، للتشريعات الصحفية والإعلامية المكملة للدستور، وهذا موضوع لحديث آخر.
[email protected]