رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الآن وفقط سقط الفرعون وجلادوه

حزنت كثيرا وأنا أتابع وقائع محاكمة مبارك ورموز نظامه.. كنت أتمني ألا يراهم شعب مصر في يوم من الأيام وهم في قفص الاتهام مختلفا بذلك مع الكثيرين، ليس لشيء إنما لسبب واحد أن ما ارتكبوه في حق هذا الوطن يفوق بكثير أي محاكمة، ويتعدي أي عقاب حتي ولو الإعدام، لذا فإن نقلهم جميعا بالقفص الحديدي الذي وضعوا فيه بقاعة المحاكمة الي ميدان التحرير رمز الثورة ليكونوا مزارا للعظة والعبرة الي أن يلقوا الله تعالي غير مترحمين عليهم هو العقاب المناسب والرادع لمثل هؤلاء الطغاة ليكونوا جزءا في ذاكرة الأمة ومعلما تاريخيا علي مدي العصور والأجيال كباب زويلة.

دخل مبارك والعادلي وجلاديهم الي قاعة المحاكمة وهم مطأطئوا الرأس، داخل قفص يحاسبهم الجميع وليسوا علي المنصة ينافقهم الجميع كما كان يحدث في الاحتفالات بعيد الشرطة بنفس القاعة خاصة التي جاءت مع ثورة 25 يناير، وكان الفضل في ذلك لله عز وجل ثم لإرادة الشعب التي أثبتت أنها قادرة علي أن تقتحم الصعاب، وتقدم التضحيات من أجل أن يسود في هذا الوطن مجتمع العدل والحرية والاستقرار، وأن تترسخ فيه دولة المؤسسات وسيادة القانون.

تابعت عن قرب وقائع المحاكمة وظللت أفرك عيني غير مصدق لما أشاهده من دخولهم القفص وتحملهم سماع ما لم يجرؤ أحد من قبل الهمس به بعيدا عنهم،ويقيني أن الجلسات القادمة ستكشف عن وقائع وحقائق ستهز أركان النظام البائد لتكون شاهدا علي عصر فقد فيه الشعب الكثير من المعاني النبيلة وستعيد بإذن الله الاعتبار لشعب عظيم كاد يفقد ريادته بين الأمم.

في لحظة من الغفلة عادت بي الذاكرة الي الوراء وعيني تزداد اتساعا وهي تنظر للقفص الحديدي لأتأكد أن العادلي وجلاديه النجباء يجلسون القرفصاء خلف القضبان كالجرذان ولم ينفعهم منصب ولا جاه، ولا قصور شيدوها بالحرير والديباج، ولا مال كنزوه طوال سنين في محاولة للوصول الي ما كان عليه قارون، وقفز الي ذهني ماردده بعضهم أمامي ذات يوم.. نحن النظام.. نحن الدولة.. بيدنا الأمر والنهي.. نفعل ما نشاء ولا يحاكمنا أحد.. وما سمعته بنفسي من أحدهم في غضون انتخابات مجلس الشعب نعم ندعم البلطجية في الانتخابات ولن ينجح إلا من نريد ولا يعصي لنا أحد أمرا.. وليرني من يريد أن يفعل ماذا سيفعل، وللأسف صدقت مقولته، واغتصب المقعد وعجزت عن مواجهته رغم أنني صحفي ونائب بمجلس الشعب عن حزب الوفد.. ولكنني لم أفقد في يوم من الأيام اليقين بأن للكون إله.

من هنا ستظل محاكمة مبارك وفاسديه نقطة فاصلة في حياتي.. وسيبقي هذا المشهد في ذاكرتي ما حييت كما بقي المشهد المأساوي لموقعة الجمل التي كدت أفقد فيها حياتي فداء لهذا الوطن.. بل سيظل خالدا في ذاكرة كل المصريين لعقود من الزمان والآن.. والآن فقط نستطيع أن نقول سقط الفرعون وجلادوه.

عادت القيمة والمعني للمصريين منذ الأربعاء 3 أغسطس هذا التاريخ الذي سيظل محفورا في أعماقهم ووجدانهم وهم يرون محاكمة مبارك وزبانيته أهم حدث في تاريخ مصر المعاصر.. كما ستظل هذه

المحاكمة مادة خصبة للباحثين والمحللين علي مدي عقود من الزمان.

انتهي زمن الرجل الفرعون في مصر.. وبات من المستحيل إعادة إنتاج استبدادي جديد في مصر بعد أن عشنا علي مدي ثلاثين عاما في أكذوبة وخديعة كبري يحكمنا حاكم من ورق وقزم فشل بكل ماأوتي من قوة أن تطال قامته قامة العمالقة كالفريق سعد الدين الشاذلي الذي عاش شامخا ومات أكثر شموخا وكبرياء هذا القدم يتنصل الآن حتي من أولاده ويحاول القفز من المركب لينجو بنفسه ويتركها تغرق بمن فيها ومن عليها ورغم أنه كان صاحب القرار الوحيد في كل كبيرة وصغيرة بالوطن وما كان لأحد أن يجرؤ علي مراجعته أو مناقشته إلا أن هناك من سيدفع الثمن مثل سامح فهمي وزير البترول الأسبق في قضية الغاز لأننا لسنا في زمن الحاكم الشجاع الذي يدفع طواعية نتيجة قراراته وجرائمه فلا لوم علي مبارك الحاكم المسكين الذي يلجأ لطلب الشفقة.

إن محاكمة الطاغية وجلاديه يجب أن تكون في إطار النصوص القانونية المتعلقة بالأطر الثورية لسد جميع الأبواب التي يحاول من خلالها محاميهم الإفلات من العقاب وضرورة تفعيل القانون 247 لعام 56 الخاص بمحاكمة رئيس الجمهورية وقوانين محاكمة الوزراء، ونظرا لأن هذه المحاكمة هي محاكمة القرن فإنه لايجب أن يتم التعامل معها بالنصوص القانونية المجردة التي قد يتلاعب بها المتلاعبون رغم وضوح الجرائم والقاضي في النهاية لا يحكم بعلمه ولكن بما لديه من أوراق ومستندات والتي قد يطمس معالمها زبانيتهم وتضيع الحقيقة التي سيظل يبحث عنها المؤرخون جيلا بعد جيل.

اليوم آن للشهيد أن يستريح وآن لأسرته أن تهدأ وآن لجموع الشعب أن يزداد يقينهم أن للظالم نهاية وأن للدماء الذكية التي سالت في ميدان التحرير والسويس والاسكندرية وطنطا أنتجف لتخرج من بين ثناياها العطر.. آن للتاريخ أن يسجل أن مليونيات شعب مصر العظيم حققت أهدافها في الكثير من الأمور أهمها الإسراع في المحاكمات.. وآن للمؤرخين أن يؤرخوا أن في مصر مجلسا عسكريا جديرا بالتقدير والاحترام.