رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

البرادعي والسيسي: لغز يحتاج توضيحا


عندما قال الدكتور محمد البرادعي إنه هو والفريق السيسي مواطنان يعملان لصالح البلاد بدا أن الإدارة الراهنة فيها رجلان قويان هما الفريق عبد الفتاح السيسي والدكتور محمد البرادعي. فهل الرجلان متوافقان ومتناغمان أم أن بينهما خلافا في ظرف حساس لا يحتمل وجود خلافات على القمة؟

السيسي هو القائد العام للقوات المسلحة المصرية، المؤسسة الوطنية التي تمثل العمود الفقري للدولة والتي بدونها لا يصبح للدولة إلا وجود اسمي على الخريطة.دليل ذلك ما حدث للعراق عندما حل حاكمه الإداري الأمريكي بول بريمر الجيش عقب سقوط نظام صدام حسين . لا شك ان انفراط عقد العراق استلزم حل الحزب الحاكم مع حل الجيش، لكن لو كان قرار الحل اقتصر على حل الحزب الحاكم وإقصائه عن الحكم، على ما في ذلك من خطورة، مع ترك الجيش قائما، ما كان العراق وقع في المستنقع الدموي الذي ما زال يتقلب فيه ليومنا هذا. لكي يتفكك البلد ويغرق في الدماء لابد من حل الجيش. وهذا هو لب مأساة سوريا . جيش سوريا جيش أقلية مذهبية مرفوضة حتى من الشيعة، وأصبح الأمر أسوأ عندما تحول ذلك الجيش من جيش أقلية مذهبية إلى جيش أسرة تتلخص في شخص واحد هو اليوم بشار الأسد. ولو لم يكن الأمر كذلك لسقط بشار وجاء غيره دون حاجة لتفكيك الجيش إلى جيشين: جيش نظامي وجيش حر، وتعريض وحدة البلد للضياع.
في مصر اقتربنا من الفوضى عبر خطوتين إحداهما تفكيك الحزب الحاكم والثانية تصعيد تيار يعيش على الشعارات والتمويهات السياسية ولا يملك خبرة سياسية تصلح لإدارة الدولة ليحل محل الحزب البراجماتي الذي احتكرت كوادره السلطة لستة عقود. ولكن بقيت الدولة متماسكة رغم سقوط الحزب الحاكم عندما بقي الجيش الوطني يحتل مكانته المحفوظة له منذ مائتي سنة، وإن كانت حركة الإخوان المسلمين وحلفائهم في الداخل وحركة القوى الدولية المساندة لهم تشي برغبة قوية في المساس بالجيش باعتباره السد المنيع بوجه الفوضى.
والفريق عبد الفتاح السيسي هو التجسيد الحي لهذه المؤسسة التي يبقى أبناء مصر وبناتها مطمئنين إلى وجودهم كجماعة وطنية ما دامت متماسكة ومادام وضعها في قلب المنظومة السياسية راسخا . ولهذا فوجود السيسي كرجل قوي ضمن تشكيل الإدارة الحالية هو مصدر طمأنينة للناس في مصر. ولكن ماذا عن الدكتور البرادعي؟
هناك مشكلة كبرى تتعلق بهذا الرجل: ما هو مصدر قوته؟ السيسي موجود في موقعه بحكم صعوده على مدارج القوة المؤسسية.فقبل أن يصبح وزيرا للدفاع كان مديرا للمخابرات الحربية والاستطلاع، كما أن ارتباطه الوثيق بالمشير محمد حسين طنطاوي الذي سبقه لاحتلال منصب وزير الدفاع يجعل وجوده في هذا المنصب أمرا طبيعيا. أما البرادعي فهو رجل يتنقل من موقع لموقع وفق آليات لا نعرف عنها الكثير،

لكنه لم يصل إلى حيث هو الآن لا بقوة دفع وظيفية من داخل مؤسسة وطنية كما هو الحال بالنسبة إلى السيسي ولا باعتباره منتخبا لمنصب عام. وهو نفسه يفسر وجوده كنائب لرئيس الجمهورية اليوم بأنه كان استجابة لضغط من القوى الشبابية عليه ليقبل بالمنصب، ولكن ما هي القوة التي أعطته الوزن النسبي الذي أهله لهذا المنصب؟ بل بأي قوة اقتحم المشهد السياسي منذ البداية وهو الرجل الذي يفترض أنه استقال من وزارة الخارجية المصرية احتجاجا على بعض بنود كامب ديفيد؟
هناك أمران يستحقان التأمل أكثر من غيرهما من تفاصيل تاريخ هذا الرجل الذي فاجأنا ظهوره الغريب والملغز على المسرح المصري : حصوله على جائزة أمن الإنسانية من المجلس الأعلى للشئون العامة الإسلامي، وإعلانه قبل عشرة أيام من الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في 2004 عن اختفاء مئات الأطنان من المتفجرات وهو إعلان يمكن القول إن الهدف منه كان خلق صعوبات بوجه المرشح الجمهوري جورج بوش الابن.
هذان الأمران يضعان البرادعي إلى جانب المشروع العالمي للإسلام السياسي ذلك المشروع الذي يرعاه الحزب الديمقراطي الأمريكي والرئيس باراك أوباما . فهل أدى ذلك إلى تناقض ما بينه وبين الفريق السيسي، تناقض حاول البرادعي أن يموه عليه بالحديث عن أنه هو الفريق السيسي كذا وكذا؟ وهل الإدارة الراهنة تتألف من تيارين مختلفين لدرجة الصراع أم أن الاختلاف، إن كان هناك اختلاف، لا يعدو كونه تنوعا يحكمه الوفاق والتكامل؟
نريد توضيحا لا يكون بكلام عمومي (كليشيهات) ولكن بتقرير موقف نهائي وواضح ومرفق بجدول زمني من التجمعين الخارجين على القانون في رابعة العدوية والنهضة ومن التدخلات الأجنبية في الشأن الداخلي المصري.ساعتها قد نعلم حقيقة ما يدور علي القمة وما إذا كان ذلك الذي يدور هو عمل وطني مبرمج وموحد أم صراع معطل وربما كارثي.